أمطري حيث شئتِ

  • 5/6/2019
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

المشاريع الوطنية التي يعود نفعها على الوطن أشبه بتلك السحابة التي ينهمر غيثها على أي أرض بينما يعم أثرها الجميع، ولعل هذا يكون حاضراً في أذهان المخططين الذين يرسمون ملامح المستقبل في مؤسسات القطاعات الحكومية والأهلية، حتى لا تكون النظرة محدودة والأفق ضيقاً عند استشراف المستقبل والتخطيط له في هذا الوقت، الذي لا مجال فيه لنظرية «المحاولة والخطأ». من أبرز المشاريع التي يحتاجها الوطن اليوم تلك المشاريع النوعية، التي تُعنى بإعداد القادة وتأهيلهم لقيادة المرحلة الحالية وفق الرؤية الطموحة، وهذه المشاريع ينبغي أن تُبنى على منهجيات معينة، وتعد إعداداً مختلفاً، لأن أثرها يمتد إلى ما هو أبعد مما يتوقع القائمون عليها، فهي بلا شك من المشاريع التي ينطبق عليها القول المأثور «أمطري حيث شئتِ فسوف يأتينا خراجك». في منتدى إعداد وتأهيل القادة الأول، الذي نظمته وزارة التعليم الأسبوع الماضي، في ختام مشروعها النوعي الذي أطلقته بداية العام، لإعداد وتأهيل قادة المستقبل من منسوبيها؛ كان أحد المتحدثين في المنتدى يستعرض تجربة إحدى الشركات الوطنية التي لها السبق في مجال تأهيل وإعداد القادة وفق منهجيات حديثة، ليؤكد للجميع أن الشركة حرصت على التوسّع في إعداد وتأهيل أعداد كبيرة من الكوادر البشرية لتلافي تسرب المخرجات بعد التأهيل، مختتماً حديثه بعبارة جميلة تحمل رؤية وطنية شاملة حينما قال: «الاستقالة ليست خسارة، فالمستقيلون ذهبوا للعمل في السعودية». لقد جسّدت هذه العبارة الرؤية الوطنية الشاملة التي نحن بصدد الحديث عنها، فمشروع إعداد القادة وتأهيلهم لا يقتصر نفعه على الجهة التي تتبناه، فمن يتم تأهيله من القادة في مؤسسة ما حكومية أم أهلية ويغادرها فهو ليس خسارة أبداً طالما أنه سينتقل للعمل في جهة أخرى تحت مظلة الوطن، وهذا يجب أن يكون مبدأ جميع المؤسسات الحكومية والشركات الأهلية، فالكوادر البشرية الذين تعدهم الجهات الحكومية أو الشركات الوطنية هم ثروة حقيقية يستثمرهم الوطن أينما حلّوا. إن فكرة الاستثمار الأمثل للموارد البشرية يبدأ من إعداد القادة وتأهيلهم وفق معطيات المرحلة والخطط الاستراتيجية، فالقائد هو العنصر الأساس الذي يستطيع التأثير في الفريق وتحفيزهم وتطوير قدراتهم وإمكاناتهم، وتفويضهم وتمكينهم، وصناعة الصف الثاني من القادة، ومن هنا ينبغي أن تهتم كافة المؤسسات بصناعة القادة وإعدادهم وتأهيلهم للمرحلة التي تخطط لها، فمهما كان التخطيط للمستقبل مختلفاً فلا بد لنجاحه من وجود قادة مؤهلين وفق رؤية معينة. من عهدة الراوي: يمثل العنصر البشري أهم نقاط القوة في رؤية المملكة 2030 إذا ما تم تطويره وتأهيله لقيادة المرحلة، ومن هنا أطلقت بعض القطاعات الحكومية والأهلية مراكز وبرامج نوعية لإعداد القادة وتأهيلهم، تتفق في أهدافها وتختلف في برامجها، ولكي تؤتي مثل هذه المشاريع الوطنية ثمارها وتتحقق أهداف الرؤية، لا بد أن تكون هذه التجارب النوعية نواة لمركز وطني متخصص يُعنى بإعداد وتأهيل القادة، وخاصة أن الجدارات القيادية التي ينبغي أن تتوافر في القائد أياً كانت الجهة التي يعمل فيها هي جدارات أساسية ومشتركة، فإعداد القادة هو استعداد مبكر للمستقبل.

مشاركة :