لم يخلد أثر من الآثار الإسلامية، فى كتب التاريخ كما خلد المسجد الجامع بقرطبة فقد كتب عنه جميع مؤرخى العرب فى المغرب والأندلس ووصفوه وصفًا دقيقًا فاق كل وصف.د.محمد عبد اللطيف أستاذ الآثار الإسلامية والقبطية بجامعة المنصورة ومساعد وزير الآثار السابق قال لـ "صدى البلد" أنه لولا أن هذا الأثر الجليل ما يزال قائمًا حتى اليوم تشهد عناصره بصدق أقوالهم، لكنا قد أعتبرنا هذه الأوصاف ضربا من الخرافة أو نوعًا من المبالغة الخيالية.وتابع عبد اللطيف قائلا:ولقد عظم أهل الأندلس هذا المسجد،فقد سماه المراكشي بالجامع الأعظم ووصفه الإدريسى بقوله "فى قرطبة الجامع الذى ليس بمساجد المسلمين مثله بنية وتنميقًا وطولًا وعرضًا.وبدأ عبد الرحمن الداخل فى بناء هذا المسجد عام 168 هـ/ 784م،وظل العمل مستمرًا طوال إمارته وبعدها،ثم مات عبد الرحمن سنة 170 هـ / 786م قبل تمامه،فأتمه خليفته وابنه هشام الأول بن عبد الرحمن.ومن هذا التاريخ أصبح المسجد موضع اهتمام الخلفاء من بنى أمية ومحل رعايتهم،وتناولوه إما بالزيادة أو التجديد أو الزخرفة أو النقش،ولم تقتصر العناية بهذا المسجد على خلفاء بنى أمية وحدهم بل تعدته إلى غيرهم.حيث يقص علينـا المـؤرخـون أن الحـاجـب المنصور الذى تولى الحجابة فى عهد هشام الثانى (366 هـ/ 976م)،لما عزم على القيام بتوسعة المسجد،جلس لأصحاب الدور التى نقل أصحابها عنها والتى تتطلب التوسعة ضم رقعات دورهم إلى رقعة المسجد للزيادة المرجوة.فكان يقول لكل واحد منهم "إن هذه الدار التى لك يا هذا أريد أن ابتاعها لجماعة المسلمين من مالهم وفيئهم،لأزيدها فى جامعهم وموضع صلاتهم فاشطط وأطلب ما شئت".فإذا ذكروا له أقصى الثمن الذى يطمح إليه أمر أن يضاعف له وأن تشترى له بعد ذلك دارًا عوضًا عن داره،ولذا وصف أحد المؤرخين مسجد قرطبة الجامع بقوله "إنه المسجد الجامع المشهور أمره الشائع ذكره من أجل مصانع الدنيا كبر ساحة وأحكام صنعه وجمال هيئة وإتقان بنية.وإهتم به الخلفاء المراونيون فزادوا فيه زيادة بعد زيادة،وتتميما إثر تتميم حتى بلغ الغاية فى الإتقان،فصار يحار فيه الطرف ويعجز عن حسنة الوصف".
مشاركة :