أصبحت الصورة النمطية والتقليدية للمطارات الدولية تتغير على مستوى العالم، فالتوجه القائم في الوقت الراهن هو بناء أو توسعة مطارات لتصبح وجهات سياحية جاذبة تضم مرافق ترفيهية متنوعة ووسائل متعددة لراحة المسافرين، بدلاً من دور يقتصر على إتمام إجراءات السفر ولحاق المسافرين برحلاتهم. وتبنت الإمارات هذا التوجه في مطاراتها، سواء عبر بناء مطارات جديدة، أو مشاريع توسعة، وتفوقت فيه على صعيد إقليمي ودولي، لتنقش اسمها على خريطة العالم لقطاع الطيران، وتكون مطاراتها أحد عوامل نجاح السياحة فيها. فبحسب خبراء في القطاع، أكدوا لـ«الاتحاد»، أن المطارات هي واجهة الدولة والمرآة التي تعكس الوجه الحضاري والسياحي والثقافي، مشيرين إلى أن الإمارات استطاعت التفوق إقليمياً ودولياً في بناء المطارات، فمطار دبي يعد أيقونة سياحية تجذب المسافرين من جميع أنحاء العالم وهو الأول عالميا في عدد المسافرين، في وقت سيصبح مطار أبوظبي الجديد الذي شارف على الانتهاء من أعماله الإنشائية، أيقونة عالمية أخرى توفر تجربة سفر وترفيه وخدمات ذات مستوى عال للمسافرين عبر القارات. وقال هؤلاء إن تطور المطار بخدماته ومرافقه سينعكس على نمو قطاع الطيران والسياحة في الوجهة التي تحتضنه. وجهة متكاملة وتفصيلاً، أكد محمد عبد الله الكثيري، نائب أول الرئيس التنفيذي للاستراتيجية والاتصال في مطارات أبوظبي، أن مطارات أبوظبي تسعى إلى ترسيخ مكانتها وجهة متكاملة تضم كافة الخدمات ووسائل الراحة للمسافرين من أبوظبي وإليها، وليس مجرد مرفق من المرافق التي يتم المسافرون من خلالها إجراءات السفر، أو اللحاق برحلاتهم. وأشار إلى أن هذا التوجه بات واحداً من العناصر الرئيسة التي تنافس العديد من المطارات على مستوى العالم في سبيل تحقيقه وبناء سمعتها العالمية بهدف استقطاب الاستثمارات والمسافرين وخطوط الطيران التي تسهم بالتالي في توسيع عمليات المطارات، وتعزيز مكانتها في قطاع الطيران، وهو ما يرتبط عادة بالوجهات السياحية، ويدعم المدن والدول التي ترتبط وجهاتها بمرافق الطيران التي تخدم هذه الوجهات. وأضاف الكثيري: «لقد التفتت مطارات أبوظبي مبكراً لهذا النوع من الخدمات من خلال استراتيجياتها بعيدة المدى التي ضمنت من خلال العمليات التطويرية التي تبناها مطار أبوظبي الدولي خلال السنوات الماضية، عبر توفير قائمة من الممكنات التي نجحت في إرساء حضوره العالمية، وبالتالي ارتفاع أعداد المسافرين من أبوظبي وإليها، أو مسافري الترانزيت، حيث استقطبت مطارات أبوظبي مجموعة من أهم العلامات التجارية، والفنادق، وأطلقت العديد من الخدمات الداخلية والمرافق التي لعبت دوراً محورياً في تحويل المطار إلى مرفق سياحي متميز على مستوى المنطقة». وفي السياق ذاته، وضعت مطارات أبوظبي، على رأس أولوياتها هذا التوجه الاستراتيجي في مرافق مبنى المطار الجديد، الذي شارف على الانتهاء، ليرسخ حضور أبوظبي على خريطة قطاع الطيران العالمي وليكون أيقونة سياحية عالمية عند افتتاحه، بوصفه وجهة سياحية، تتمتع بتصميم متميز، ومساحة شاسعة تصل إلى 742 ألف متر مربع، فضلاً عن المرافق المتنوعة مثل السوق الحرة والمطاعم والمرافق الترفيهية المميزة والخدمات الذكية عالية المستوى التي ستسهم تغيير الصورة النمطية للمطارات على مستوى المنطقة، وفقاً للكثيري. وأشار إلى أن مبنى المطار الجديد سيكون بمثابة مطار ومركز تجاري ومرفق ترفيهي سياحي يضمن للمسافرين فرصة الاستجمام والاسترخاء خلال رحلاتهم في آن معاً، ما يجعل من تجربة المسافر حكاية استثنائية. واعتبر الكثيري أنه عادة ما يقضي مسافرو الترانزيت الذين يشكلون 60% من إجمالي المسافرين فترة من الوقت في المطار، ولكن افتتاح مبنى المطار الجديد سيجعل من هذا الأمر بالنسبة لهم أمراً محبباً ومريحاً وفرصة لقضاء وقت ممتع في مختلف مرافق المطار. ولفت إلى أن المبنى الجديد يعد الواجهة الأولى للزوار، فهو يعكس تقدم وتطور الدولة، إذ نعمل مع كافة الشركاء الاستراتيجيين لتبني أحدث التقنيات والأجهزة الخاصة بإجراءات السفر ومناولة الأمتعة في القطاع، لضمان تقديم تجربة سفر في غاية السهولة والسرعة، والتي تضمن استمتاع المسافر بكل لحظة يتواجد فيها ضمن هذا المبنى، وليمضي وقته في التسوق، أو زيارة المرافق الترفيهية والفنية المنتشرة حول المبنى. يرتبط عادة بالوجهات السياحية ويدعم المدن والدول التي ترتبط وجهاتها بمرافق الطيران التي تخدم هذه الوجهات. وحافظ مطار دبي على صدارة أكثر مطارات العالم ازدحاماً بعدد المسافرين الدوليين للعام الخامس على التوالي، بعد ارتفاع عدد مستخدميه العام الماضي إلى 89.1 مليون مسافر. إضافة إلى ذلك، حظي مطار دبي الدولي بعام ناجح على مستوى خدمة العملاء بتحقيق أوقات انتظار أقصر، وتوفير مرافق جديدة تجارية وترفيهية لتعزيز تجربة المسافرين، وإلى جانب ذلك، حاز المطار بلقب «أفضل مطار في مجال بيئة التجزئة»، خلال حفل جوائز تجزئة السفر 2018 الذي تم تنظيمه مؤخراً في سنغافورة. المبيت والترفيه وكان سمو الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم، رئيس مؤسسة مطارات دبي الرئيس الأعلى الرئيس التنفيذي لطيران الإمارات والمجموعة قال في تصريحات مؤخرا «لم يعد مطار دبي الدولي مجرد مكان يستخدمه المسافر للوصول إلى وجهته، وإنما هو مركز يصل العالم ببعضه بعضاً، ويوفر لمستخدميه خيارات لا تضاهى، إن كان في مجال رحلات الربط، أو المبيت والترفيه وتذوق أفضل الأطعمة على الإطلاق. نحن نموذج مصغر عن مدينة دبي التي يتطلع إليها العالم كأيقونة، وبالتالي لا يمكننا إلا أن نكون مثلها». ومن المبادرات التي عززت من مكانة مطار دبي وجهة سياحية ذات خدمات عالية للمسافرين، دخول مطار دبي الدولي، في شراكةٍ مع فندق دبي الدولي لجعل تجربة السفر مع الأطفال أسهل بكثير وأكثر متعةً وتشويقًا بتوفير خدمة الإقامة الليلية داخل المطار، بحيث تحتاج الأسرة إلى الاستيقاظ قبل موعد المغادرة بدقائق معدودة، وتعني هذه الخدمة الجديدة التي أطلق عليها «استيقظ عند البوابة»، والتي تبلغ تكلفتها 350 درهماً فقط، تعني أن الأسرة لن تحتاج بعد اليوم إلى القدوم إلى المطار مبكراً، بل يمكنها القدوم في الليلة السابقة للسفر. وتتيح هذه الباقة الخاصة، المثالية لرحلات الصباح الباكر، لأسرة مكونة من أربعة أشخاص تسجيل الدخول في المبنى 3 في الليلة السابقة لرحلتهم والمرور عبر نقاط التفتيش، ثم التوجّه إلى صالات المغادرة، استعداداً لبدء عطلة خالية تماماً من الضغوط. وأعلن مطار دبي العام الماضي عن تدشين مجموعة من المرافق الحديثة والذكية لتقديم أفضل الخدمات للمسافرين على متنه، وسيوفر المطار حديقة أمامية وحديقة خلفية مطلة على مدرج الطائرات، إضافة إلى قاعة رياضية ومسبح ومنطقة مخصصة لألعاب الأطفال. واجهة الدولة الأولى قال علاء العلي مدير نيرفانا للسفر والسياحة، إن من أهم البنى التحتية لنجاح قطاع السياحة والسفر لأي دول هي المطارات، فهي الواجهة الأولى التي تعكس البلد أو الدولة التي يأتي إليها الزائر. وأكد «المطارات تعطي الانطباع الأول لدى المسافر عن البلد الذي يزوره، وبالتالي يأتي أهمية الاستثمار فيها لتكون ليس فقط محطة للسفر، بل وجهة سياحية متكاملة تقدم وسائل الراحة ومرافق متنوعة لإثراء تجربة السفر». وأضاف العلي أن مطارات الإمارات استطاعت أن تكون الرائدة إقليمياً وعالمياً في هذا المجال، فهي لديها مطارات ذات خدمات عالية الجودة ومرافق ترفيهية ومطاعم ومتاجر متنوعة وبعدد كبير جعلت منها وجهة جاذبة للمسافرين، لا سيما لمسافري العبور «الترانزيت» الذين يمكثون في المطار ساعات طويلة ومرات أيام معدودة. وقال ديفيد برينس نائب الرئيس لمجموعة روتانا في دبي، إن إثراء تجربة المسافر أصبحت الأولوية الآن في المطارات، فهي تستثمر في توفير المرافق الترفيهية ووسائل الراحة وقطاع التجزئة لجعل تجربة السفر ثرية ومريحة، لا سيما لمسافري «الترانزيت»، الذين يمكثون في بعض الأحيان لساعات طويلة في المطار. وأضاف «إن المطار يعد أول وجهة يقابلها الزائر فهي الواجهة التي تعكس السياحة والضيافة والخدمات في الدولة المستهدفة». وأكد برينس أن مطار دبي مثال حي ومتميز في هذا المجال، فهو بمثابة مدينة متكاملة تقدم كافة الخدمات والمرافق للزوار. وشدد على أن التطور المستمر في خدمات ومرافق مطار دبي ومطار أبوظبي جميعها تسهم بشكل رئيس في تعزيز عدد السياح إلى الإمارات. وقال زياد نجار، مدير«طيران الشرق الأوسط» في أبوظبي إن تطور المطارات وكبر حجمها وتوافر كافة الخدمات الترفيهية التي تقدم الراحة والاستمتاع للمسافر أصبح أمراً أساسياً تتنافس عليه الدول من حول العالم فهي الواجهة الأولى للمسافرين». وأوضح نجار«أن المسافرين لا سيما «الترانزيت» عند قدومهم من رحلة طويلة يبحثون عن مطار سيوفر لم تجربة استثنائية أثناء وجودهم فيه لساعات طويلة من مرافق ترفيهية والتسوق بمتاجر كثيرة ومتنوعة وغيرها المرافق الترفيهية، في وقت يبتعدون عن الطارات التقليدية التي لا تتوافر فيها هذه الخدمات حتى لا يصبح لا سفر بالنسبة لهم عبئاً بدلاً من أن يكون تجربة ممتعة». وأكد نجار«الإمارات لديها أمثلة حية على هذه المطارات فمطار دبي الدولي يعتبر وجهة سياحية ترفيهية ومركزاً كبيراً للتسوق يقدم تجربة استثنائية للمسافرين في وقت سيكون مطار أبوظبي الجديد أيقونة سياحية وترفيهية جاذبة للمسافرين من مختلف دول العالم. مطارات حول العالم وعلى صعيد دولي، توجد أمثلة حية على تحويل المطارات إلى وجهات سياحية جاذبة، أحدثها تجربة مطار سنغافورة الجديد، وبحسب نيويورك تايمز، فمطار سنغافورة الجديد، الذي افتتح في 17 من أبريل الماضي تحت اسم «جويل شانغي»، يعد جوهرة مكونة من 10 طوابق توفر للزوار غابة شجرية وأكثر من 280 محلاً ومطعماً لتجعل من المطار وجهة بحد ذاته، واستغرق بناؤه 4 أعوام باستثمار بلغ 1.25 مليار دولار. وبحسب الموقع الإلكتروني للمطار الجديد، يضم المطار الجديد حدائق عامة وغابات ومرافق للأطفال تضم حدائق وألعاب وغيرها، إلى جانب جسور مميزة للعبور عليها ذات إطلالات مختلفة، وغيرها من المرافق التي جعلت منه وجهة سياحية.
مشاركة :