«الأخلاق تتعلق بالروح وليست بالأفعال فقط، ومحاولات فصل الأخلاق عن الدين، فتحاول فصلها عن الروح وربطها بمفاهيم أخرى بالنفعية والعقلانية، فهذا يؤدي إلى الخروج من الحالة الأخلاقية كاملة»، هكذا قارب الباحث سليمان الناصر مفهوم الأخلاق في مجلس نادي كتابي أخيرا بالرياض. وعرض الناصر مجموعة من الآراء الفلسفية التي تناولت الموضوع، مشيرا إلى أن الله تعالى أعتق الإنسان من قوانين الطبيعة، موضحا «كلما اقترب الإنسان من خالقه كلما ازدادت حريته وكلما ابتعد كلما خضع إلى قوانين الغريزة، وهنا تأتي تبيعة الأخلاق للدين». وأضاف أن الأصل في الإنسان أن كل أعماله يجب أن تكون معايرة بمعياري الخير والشر، مضيفا «أخلاق الإنسان فطرية، هو يشترك مع الحيوان في الغريزة التي تمثل دوافع البقاء، أما الأخلاق فهي دوافع الارتقاء التي يتميز بها، يزيد في ارتقائه أو يتخلى عن قيمه فينحدر، لا نهاية لترقيه ولا نهاية لانحداره». وذكر المحاضر أن الإنسان كائن أخلاقي، مشيرا إلى أن هذا لا يعني انفصال الأخلاق عن العقل، لأن هذا سيفترض أن الإنسان ممزق في إدراكاته المتفرقة بين الحس والروح والعقل، كما أن يمارس الإنسان نشاطا عقليا منفصلا عن الأخلاق، ويضيف «البعض يكون ذكيا، ويمارس عملا غير إنساني وقد تجد شخصا أقل ذكاء يقوم بعمل أخلاقي ونصفه بأنه إنساني». في جانب آخر يؤكد الناصر أن العلم ليس منفصلا عن الأخلاق، على اعتبار أن دراسة العلم فيها قيم توجه الإنسان بحيث يتبنى أو لا يتبنى موقفا أخلاقيا تجاه العالم، كما يرى أن من غير الأخلاقي النظر إلى الشعائر الدينية على أنها طقوس تأخذ طابع الظاهر، في الوقت الذي تتصل فيه بأعماق مافي الإنسان وهو وجدانه، وتعمل على تحويله إلى إنسان صالح. وأرجع الناصر تأخر منزلة الأخلاق في العالم الحديث إلى تراجع فكرة الواجب مقابل صعود مفهوم الحقوق، مضيفا «إذا لم يكن للإنسان إرادة لا تلحقه التكاليف، الإنسان يظل حرا، إذا لم يستطع بفعله يستطيع بقوله، إذا لم يستطع بقوله يستطيع بنيته، حتى النية هي عبارة عن فعل في ثقافتنا». كما يعلق في جانب آخر «الذكاء نوع من القوة ولكن القوة ليست أخلاقا دائما»
مشاركة :