شهر رمضان شهر التربية الروحية

  • 5/10/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

انعدام وجود الأخلاق إحدى المسائل المعقدة التي باتت اليوم في مواجهة عتية بين النفس وطموحها وبين الرغبات وكبحها، أصبحنا نمتلك شخصيات ازدواجية بمفهوم (شخصية اللامضمون)، لذلك صراع كبير مع النفس وتأنيب ضمير مستمر يصيب المؤمن من جراء تصرفاته التي بتصرفها وسلوكه الذي يمارسه كل يوم، ولكنه يعود على اقتراف الذنب، وتبقى دائرة التوبة والعودة بين حدودها المحدودة وبين زيادتها من الإشكالات الواردة والعارضة على النفس بالنسبة للمسلم. من هذا المنطلق نقول إن شهر رمضان شهر تلاوة القرآن وشهر، غض البصر، وشهر ضبط اللسان، وشهر الإحسان، ودفع الزكاة، والتصدق، وعمل الخير، وصلة الأرحام، شهر إكرام مادي ومعنوي وشهر اتصال بالله، شهر تألق مع الله وعبادة طويلة، شهر استقامة ومجاهدة للتغيير، لا أن تكون تلك رغبة تصطدم بالواقع المعاش بجرأة وعمد أو بجهل، فمثلاً الناس يغتابون ويكذبون وبينهم النميمة والفواحش فماذا أفعل أنا فقد أكون مختلفاً عنهم أو أن تمارس تلك الرذائل ولا ضمير حي يسمع الألم في داخله من فدح ما نقترف. الطموح ولله الحمد موجود لدى الجيل المسلم الواعي المؤمن، إلا العواصف الشيطانية مستمرة لتحرف إنسانية الإنسان ليطغى ويفسد ويمارس الذنوب والمعاصي، والقضية ليس قائمة على معصية ثم توبة، إنما المسألة تلك الشخصية التي تعبر عن الازدواجية بلا مضمون حسي قائم على التغيير الفعلي، ولذلك إن الصيام والقيام وحلول البركات في شهر رمضان تعطينا الحصانة من إبليس لنقيم العدل مع أنفسنا ونجاهد شهواتنا ورغباتنا لنقوى على الطاعة ونتغير فعلاً. لماذا شهر رمضان شهر التربية الروحية؛ لأنه شهر يرفعنا درجات ومقامات عالية، ليست تلك الدرجة التي نرتقيها وبعد انقضائه نعود عنها كأن لم نرتقِ، وهذا حال من من يفهم أننا يجب أن نستقيم فقط في شهر رمضان وبعده لا توجد مشكلة إن عدنا، والحال هو واقع الكثير من الناس، فالبعض يوقف حتى سماع الأغاني احتراماً لشهر رمضان وبعدها لا نقاش، والمسألة هنا في درجة الاستقامة، فتربية روحية للذات لقفة عملية روحية قوية، بالاستقالة في باب واحد والاستدامة عليها. شهر رمضان شهر التربية لأنني في كل عام أستقيم أكثر وأكثر، فلو كان هذا الشهر قد نقلني نقلة كبيرة في الانضباط بالصلاة وما بعده نقلني نقلة في غض البصر وما بعده نقلني لضبط اللسان، أصبح الشهر شهر تغيير، فلو غيّرت من نفسي كل عام صفة واحدة برغبة وإرادة أنجزت لحياتي ضمان التغيير الأبدي للأفضل. إحكام الاستقامة مبدئيًا ثم إحكام الصلة بالله، ولدينا في شهر رمضان المبارك عشرة أيام أولى ووسطى والعشر الأواخر، فلو أقبل الواحد منا على الصلاة فألفها في العشر الأولى، وفي العشر الثاني انتقل من الألفة إلى الخشوع فيها، وفي العشر الأواخر انتقل الفرد منا للإقبال على الصلاة، حقق لنفسه الشيء الكبير، وكما يعبر علماء الاجتماع أن كل تعود يستمر لأكثر من عشرين يوماً ثم يصبح عادة مرغوبة فيها تتحقق الاستمرارية والمحبوبة والتقبل. قد يصعب في البداية على الكثير أن يفهموا التغيير ولكنهم بالتأكيد سيتغيرون لأن سنة التغيير من السنن الإلهية، ومن لم يتغيّر بإرادته يتغير بلا إرادة سواء للأفضل أو للأسوأ، ولذلك حاجتنا إلى هذه الساحة والمساحة الإلهية في التربية الروحية ضرورية واستغلالها والحرص على عدم تفويتها أمر أهم، وفق الله الجميع للطاعة.

مشاركة :