نحن نقص عليك| نوح «1» مجدد إيمان البشرية

  • 5/11/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

يزخر القرآن الكريم بالقصص التى لم تكن مجرد عرض للتسلية وإنما ليزداد المؤمن ثباتًا على الحق وإصرارًا على مواجهة الباطل، من خلال اطلاعه على مواقف الأنبياء والمرسلين وقصصهم. وكان القصص القرآنى له النصيب الأكبر من قبل علماء المسلمين والباحثين والمفكرين، وخلال شهر رمضان المبارك نستعرض سيرة الرسل والأنبياء حتى تكون عبرة ونهجًا وصراطًا مستقيمًا نسير عليه.«لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ إِنِّى أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ»كان الناس من بعد آدم عليه السلام، مؤمنين بالله، موحدين له، ومرت أجيال منهم على الإيمان، حتى تمكن منهم الشيطان، واستطاع إغواء ما لحقتهم من أجيال، وأبعدهم عن الإيمان والتوحيد، وقادهم إلى الكفر والشرك بالله، فبعد أجيال عمرت بحب الله والإيمان به، جاءت أجيال جديدة تخلت عن دين الله، واتبعت الشيطان. فبعث الله لهم الرسل والأنبياء، مبشرين ومنذرين، وليعيدوهم إلى الله، والمنهج الصحيح وليزيلوا الخلاف والشرك الذى أتت به الشياطين للناس، وتمكنت من الاستحواذ عليهم وصرفتهم عن الدين الحق، وحللت لهم ما حرم الله عليهم، وحرمت عليهم ما أحل الله لهم، وأن يشركوا معه الأصنام والأوثان، فبعث لهم نبى الله نوح والذى عاش ألف عام إلا خمسين. فعندما جاء نبى الله «نوح» إلى قومه، وجدهم يعبدون أصنامًا وأوثانًا، ويعتبرونها آلهة، فنهاهم عن عبادتها، وأمرهم بتوحيد الله، ولكن الملأ من قومه رفضوا دعوته، وفضلوا عبادة الآلهة الخمسة وهى أصنام سميت بـ«ود، وسواع، ويغوث، ويعوق، ونسر». لقد طلب نوح عليه السلام من قومه عبادة الله وحده، ونهاهم عن عبادة غيره، فكانت رسالته ودعوته هى رسالة كل نبى فى الدعوة إلى الإيمان بالله وتوحيده، وإفراده بالعبادة والخضوع والطاعة، والإيمان بالبعث والحساب، والجنة والنار، فهو خالق كل شيء الملائكة والجن، السماوات والأرض، والشمس والقمر.وسلك سيدنا نوح مع قومه مختلف الأساليب والوسائل إلى الدعوة، بهدف إقناعهم والتأثير فيهم، وذلك ليتخلوا عن الباطل، ويتبعوا الحق، فتارة بالترغيب، وتارة بالتحبيب، وفى بعض الأحيان كان يستخدم أسلوب الترهيب والبرهان، كما سلك نوح أسلوب الدعوة السرية، والدعوة العلنية، والدعوة فى الليل وفى النهار، فلم يترك سبيلًا إلى عبادة الله إلا وقد سلكه، واستمرت دعوته لمئات السنوات، وهو يؤدى واجبه بثبات وبصبر وجهاد ونشاط. كما واجه نوح «الملأ» من قومه وهم الذين كانوا يقودون أتباعهم الكافرين، لمواجهة نوح عليه السلام ورسالته ودعوته، فكانوا يجتمعون على كفرهم، ويلتقون فى جلساتهم على التآمر والمكر ضد نوح، ويتفقون على أساليب حربه ومواجهته، ويضعون ويحيكون الخطط ضده والمؤامرات، كما كانوا يقومون بتجنيد أعوانًا لهم فى رفض الحق، وقد واجه نوح هؤلاء الملأ وفند شبهاتهم، ولم يستجب لطلباتهم، ولم يرضخ لتهديداتهم، وإنما تحداهم، وحاربهم، واستعلى عليهم بإيمانه، متوكلًا على الله عز وجل. فأحاطت بنوح الشبهات التى أثارها ضده قومه، والتى بدأت باتهامه بأنه فى ضلال مبين، وتخلى عن دين آبائه وأجداده، بالإضافة إلى التشكيك فيه كونه رسولًا من عند الله، وأن الله كان لابد وأن يرسل لهم ملاكًا وليس بشرًا، وهو الشيء الذى استطاع نوح التغلب عليه وفند كل تلك الاتهامات والشبهات التى أحاطته، وكادت تعوق مسيرته فى الدعوة إلى عبادة الله الواحد، كما أن تلك الشبهات لم تحط بسيدنا نوح فقط وإنما طالت كل من كان يقوم باتباعه وسلكوا مسلكه وآمنوا برسالته، حيث أشيع عليهم بأنهم سفهاء ومستضعفون، ولا يفكرون، ولذلك استغلهم نوح وضحك عليهم، وأنهم جميعًا كاذبون. فأرادوا «الملأ» من قوم نوح بكل هذه الشبهات هى توجيه حرب إعلامية دعائية ضده، وضد دعوته، وذلك للوقوف أمامه وأمام انتشار الدعوة، كما طلبوا من أن يطرد أتباعه ويعذبهم، وهو ما رفضه، كما أصر قوم نوح على كفرهم وعنادهم ورفضوا دعوته، وكلما زاد إقبالًا عليهم ودعوة لهم، زادوا كفرًا وعنادًا وتكذيبًا له وفرارًا منه.

مشاركة :