يزخر القرآن الكريم بالقصص التى لم تكن مجرد عرض للتسلية وإنما ليزداد المؤمن ثباتًا على الحق وإصرارًا على مواجهة الباطل، من خلال إطلاعه على مواقف الأنبياء والمرسلين وقصصهم. وكان القصص القرآنى له النصيب الأكبر من قبل علماء المسلمين والباحثين والمفكرين، وخلال شهر رمضان المبارك نستعرض سيرة الرسل والأنبياء حتى تكون عبرة ونهجًا وصراطًا مستقيمًا نسير عليه.﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾خلق الله سبحانه وتعالى الملائكة من نور وخلق الجن من نار، وذلك قبل خلقه لآدم عليه السلام، حيث ظل أدم تمثالًا مجسمًا بدون روح ولا حياة، مدة من الزمن قبل نفخ الروح فيه، فكان إبليس ينظر إلى أدم ويتعجب، فعندما ينظر إليه فاحصًا يجده جسدًا أجوفًا، وهو ما جعل إبليس يظن بأنه ضعيف، ولا يملك نفسه عند الغضب أو عند الشهوة، ولا يملك قوة ضد وسوسته، وأن هذا الخواء يدل على الضعف وسهل الدخول منها إليه. فبعد نفخ الروح فى أدم، أمر الله عز وجل ملائكته بأن يسجدوا إليه، فسجدوا إلا إبليس فاحتقر آدم وتكبر عليه ورفض أمر الله عز وجل بالسجود له لكونه، قد خلق من النار، وأن آدم خُلق من طين، فكان إبليس يرى أن النار أفضل فى مادتها من الطين، غافلًا أن كليهما من صنع المولى عز وجل، كما أن إبليس أصابته مشاعر الحسد تجاه آدم، لما تبوأه من مكانة عند الله، فعصى إبليس أمر الله، وكان عليه وجوب طاعته، وعدم الاعتراض على أوامره، فسبحانه حكيم ويضع الأشياء فى مواضيعها، ويريد بعباده الخير والفلاح. وخلق الله أمنا حواء من ضلع أبينا أدم، وعلم الله سبحانه وتعالى الأسماء كلها لأدم وميزه عن باقى مخلوقاته، وأمر ملائكته بالسجود له إكرامًا وتعظيمًا وإجلالًا، وامتنع إبليس، وخاصم ربه فصار من العاصين لأوامر الله، فطرده الله من رحمته ومن جنته، فالجنة طاهرة طيبة ولا يدخلها أو يعيش فيها إلا النفس الطيبة الخالية من الكبر والحسد، وليس النفوس الخبيثة، كما توعد الله إبليس ومن تبعه من الإنس والجن بدخول جهنم، وبئس المصير. وامتلأ إبليس بالحقد والكره لآدم ونسله، بعد طرده من رحمة الله، واتخذ إبليس عهدًا على نفسه بأن يغوى آدم وبنيه، لإيقاعه فى معصيه الله، حيث قام بإغواء أبينا آدم وزوجته حواء للأكل من الشجرة التى نهاهما الله عن الأكل منها. ونهى الله جلَّ شأنه وثناؤه آبانا آدم وزوجته حواء عن أكل ثمار شجرة بعينها من أشجار الجنة، دون سائر أشجارها، وقد حذر الله آدم وزوجته من إغواء الشيطان والاستماع إليه، وأن عقابه سيكون هو الخروج من الجنة والنزول إلى الأرض والشقاء فيها، حتى يوم الحشر العظيم. فكان الشيطان حاسدًا لآدم على النعمة التى أنعم الله عليه بها، ووسوس لهما وزين لهما الأكل من الشجرة التى حرم الله عليهما الأكل منها، وأقسم لهم الشيطان بأنه ناصح لهما فى مشورته عليهما، وادعى على الله بأنه لا يريدهما الأكل من تلك الشجرة حتى لا يصبحا ملكين، خالدين فى الحياة، فانطلت عليهما خدعة إبليس، وغضب الله عليهما، ونزع عنهما لباسهما، وأخذا ينزعان ورق أشجار الجنة ويلصقانه على أنفسهما ليسترا عورتهما، وعرفا خطآهما وندما عليه، وطلبا المغفرة من الله، وقبول التوبة، فغفر عز وجل لهما وقبل توبتهما، وبعدها أهبط الله آدم وحواء من الجنة إلى الأرض، تحقيقًا لقضائه ومشيئته، فقضى الله أن يستقر آدم وزوجته وذريته فى الأرض إلى أن تنقضى آجال الناس، ثم يبعثهم يوم القيامة ويحاسبهم، فمن اختار طريق الإيمان كان مصيره الجنة، ومن أعرض عن الإيمان كان من أهل النار.
مشاركة :