يُعد جبل المقطم من الجبال المهمة فى مصر، دارت حوله الكثير من القصص والحكايات الأسطورية والدينية، واستخدمه الحكام فى بناء قلاعهم وتثبيت دولتهم، وسكنه الصالحون والمتصوفة والرهبان والقديسين كى يظفروا بكثير من الراحة والتأمل والتعبد.استغل المماليك جبل المقطم فى إدارة دولتهم جيدًا، فكانت القلعة التى شيدها صلاح الدين وأتمها من بعده الملك العادل لها مكانة كبيرة حتى عصر الوالى محمد على الذى بنى فيها مسجده الكبير، وعند سفح الجبل امتدت القرافة التى دفن فيها المماليك موتاهم.وشكلت قلعة الجبل رمزا للقوة والخوف، فقد شهدت القلعة صراعات أمراء المماليك على السلطة، فكانوا يقتلون بعضهم ويلقون الرؤوس من فوق سور القلعة، وشيدوا فى مقرات سفلية سجونًا لا ترى النور وفيها آبار للسجناء. بنى المماليك الكثير من السجون للمجرمين ولأعدائهم، لكنهم حفروا أسفل القلعة بئرا عميقة ولها قاع عريض يشيع الخوف فيمن نزلها اختصوا بها تلك الرؤوس الكبيرة التى تناطحهم وتدخل معهم فى صراعات، بدأ العمل بها فى عصر المنصور قلاوون، وغالبا ما يؤول أمر المسجونين فيها إلى القتل أو الذبح، وفيها سجن الأمير سنقر الأشقر الذى حاول التمرد واقتناص السلطنة، وأمر السلطان بخنقه هو وحسام الدين لاجين، فمات سنقر وتعثرت عملية خنق لاجين، فشفع له أحدهم عند السلطان فخرج ينعم بالحياة، ولم يدم ذلك الجب طويلا فقد أمر السلطان الناصر محمد بن قلاوون بردمه تمامًا.أما الجبل فى عصر الدولة الفاطمية فقد نال اهتمامًا كبيرًا من قبل الحاكم بأمر الله، فكان الحاكم يخرج إليه يتعبد فى مغارته، كما أذن للفلكى ابن يونس أن يشيد مرصدًا كبيرًا فوق الجبل يستخدم فى أبحاثهم الفلكية.اتهم الخصوم الخليفة الفاطمى بغرابة الأطوار والجنون والشذوذ، لكن واقع المؤامرات والحيل التى تعرض لها الحاكم، والتى جعلت منه رجلًا عنيفًا وقاتلًا، جعلته يقدم على إصدار مرسومات تبدو تافهة، استغلها خصومه فى التشنيع عليه وربط تلك القرارات بأسباب تطعن فيه وتشوه من صورته.وما يزيد الأمور غموضًا وارتباكًا لدى المؤرخين والقراء بشكل متقارب حادثة وفاته أو غيابه، فلقد اختفى الرجل فى ظروف غامضة، وقال عنه المؤرخون: «إن الحاكم خرج مرة ليلًا راكبًا حماره إلى مرصده الذى كان يخلو فيه لنفسه بجبل المقطم جنوب القاهرة، ولم يعد الحاكم من هذه الرحلة، وعثر الناس على حماره وملابسه ملوثة بالدماء فعرفوا أنه قتل».
مشاركة :