في الوقت الذي يشهد فيه العالم صراعات على خلفيات طائفية ودينية، تعتبر مدينة نابلس شمال الضفة المحتلة نموذجاً يحتذى به لما تشهده من محبة وألفة وتسامح وتآخٍ بين ساكنيها، رغم تنوع العقائد فيها بين مسلمين ومسيحيين وسامريين. خليل كوع (37 عاماً) شاب فلسطيني مسيحي الديانة من مدينة نابلس، جسّد أبهى صور التسامح الديني في شهر رمضان المبارك، من خلال تقديم الماء والتمر طيلة أيام الشهر الكريم للصائمين، الذين تأخروا لسبب ما في الوصول إلى بيوتهم لتناول وجبة الإفطار. يقدم خليل نفسه لـ«البيان» كونه فلسطينياً قبل أن يكون مسيحياً، ومن واجبه المشاركة في المناسبات الدينية للمسلمين، ومشاطرتهم الأفراح والأحزان، ومشاركتهم أعيادهم ويشاركونه أعياده، منتقداً كل من يحاول التمييز بين البشر على أساس الدين، وتمنى أن يحل السلام بين الأديان في كل مكان بالعالم. يقول كوع لـ«البيان»، بدأت فكرة توزيع التمر والماء على الصائمين في رمضان قبل سبع سنوات، بعد أن اقترح عليّ أحد أصدقائي من المسلمين الفكرة ووافقت دون تردد، وكان برفقتنا شاب آخر من أبناء الطائفة السامرية، وكنا في البداية نشتري الماء والتمر على حسابنا الشخصي، لكن بعد أن انتشر خبر المبادرة بين الناس، سارع أهل الخير لا سيما التجار منهم إلى التبرع بشكل واسع لسد حاجة شهر رمضان من المياه والتمر. ولفت كوع إلى أن الهدف لا يقتصر على زجاجة ماء أو حبة تمر، بل هو توعية السائقين بضرورة تخفيف سرعتهم أثناء عودتهم لبيوتهم، لكثرة حوادث السير في تلك الفترة، عدا عن إحياء روح العمل التطوعي لدى الشباب واستثمار طاقتهم نحو خدمة المجتمع بكل أطيافه، ونشر ثقافة التسامح. شهر رمضان مناسبة خاصة لخليل عدا عن توزيع المياه والتمر، فهو يقوم للعام السابع على التوالي برفقة أصدقاء آخرين بتزيين شوارع مدينة نابلس وحاراتها وأحيائها القديمة وإنارتها بفوانيس رمضانية، ترحيباً بقدوم الشهر المبارك. واعتاد كوع على تزيين المدينة مع اقتراب حلول ذكرى المولد النبوي الشريف، ومعايدة الناس وتوزيع الحلوى عليهم احتفالاً بالذكرى، ويؤكد كوع أن ما يقوم به من مبادرات هو تجسيد للتسامح بين الأديان، وترسيخ للتعايش والسلام بين الديانات الثلاث التي تحتضنها مدينة نابلس، الإسلام والمسيحية والسامرية. يذكر أن نابلس تحفل بمزيج معماري ديني مميز، فهي المدينة الوحيدة في الأراضي المقدسة، التي تضم أبناء الديانات الثلاث، وتضم الكنائس والمساجد والأديرة والمعابد، التي يعود تاريخها إلى عهود مختلفة.طباعةEmailÙيسبوكتويترلينكدينPin Interestجوجل +Whats App
مشاركة :