يوجه المتظاهرون السودانيون الذين لا يزالون تحت صدمة مقتل خمسة من رفاقهم خلال أعمال عنف ليل الاثنين في الخرطوم، أصابع الاتهام إلى خلايا تابعة للنظام السابق معتبرين أنها لا تزال تسعى إلى القضاء على تحركهم الشعبي، في المقابل يحمّل تحالف المعارضة المجلس العسكري مسؤولية ما حدث. وقتل مسلحون مجهولون مساء الاثنين خمسة مدنيين وضابطا في الجيش بعد أن أطلقوا النار على متظاهرين أمام القيادة العامة للجيش، بحسب مصادر طبية وعسكرية. وهذه المرة الأولى، منذ عزل الرئيس السابق عمر البشير في 11 أبريل، التي تقع فيها أعمال عنف دامية في موقع الاعتصام. ونسب المجلس العسكري الذي بات يقود البلاد هذه الحوادث إلى “عناصر” راغبة في تخريب المفاوضات مع قادة حركة الاحتجاج حول نقل السلطة إلى حكومة مدنية. وجاء الهجوم بعد ساعات قليلة من إعلان المجلس العسكري عن توصله إلى اتفاق مع قادة الحراك الشعبي ممثلين في قوة الحرية والتغيير بشأن هيكلية السلطة الانتقالية، وأيضا بعد توجيه النيابة العامة السودانية رسميا اتهامات إلى الرئيس المعزول عمر حسن البشير بقتل المتظاهرين. والبشير الذي عزله المجلس العسكري في أبريل الماضي والمعتقل حاليا في سجن كوبر صادرة بحقه مذكرات توقيف من المحكمة الجنائية الدولية بتهم ارتكاب جرائم إبادة وجرائم ضد الإنسانية خلال النزاع في إقليم دارفور (غرب) الذي نشب في عام 2003. ومن شأن توجيه النيابة العامة اتهامات للرئيس المعزول بقتل المتظاهرين في الحراك الذي انطلق في 19 ديسمبر الماضي والمستمر حتى اللحظة، أن يعزز مخاوف باقي رموز نظامه وعناصره من توجه جدي لتفعيل مبدأ المحاسبة. وبالنسبة إلى الكثير من المتظاهرين لا شك أن خلايا النظام السابق مسؤولة عن أعمال العنف هذه الرامية إلى عرقلة نقل السلطات إلى المدنيين.بالمقابل اتهم الثلاثاء تحالف الحرية والتغيير المجلس العسكري بالوقوف خلف الهجوم، وقال إن قوات الدعم السريع استخدمت الذخيرة الحية يوم الاثنين. وقوات الدعم السريع هي قوة مسلحة شكلها البشير لمواجهة التمرد في الأقاليم الساخنة مثل دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان. وانضمت هذه القوة، التي يترأسها نائب رئيس المجلس العسكري محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي، إلى القوات النظامية في عام 2014. ومع انطلاق الحراك الشعبي في 19 ديسمبر تجنبت الدخول في مواجهات مع المحتجين، لا بل إن قائدها حميدتي وجه في أوج الحراك ضد البشير انتقادات لسياسات الدولة الاقتصادية وعجزها عن محاربة الفساد، الأمر الذي دفع النظام إلى منعه من الإدلاء بتصريحات، ليعاود الظهور مع الإطاحة بالرئيس. وأكد الجيش أن قوات الدعم السريع كانت جزءا رئيسيا في عملية إسقاط البشير. وكثيرا ما يشاهد عناصرها منتشرين عند تقاطعات طرق رئيسية في شاحنات صغيرة مزودة برشاشات. وإضافة إلى المتظاهرين القتلى جرح آخرون ونقلوا إلى المستشفى. وتقول حنان صديق الممرضة في عيادة ميدانية إنها استقبلت “أكثر من مئتي مصاب وجريح جراء طلقات واختناقات غاز”. ونصبت عيادات ميدانية في موقع الاعتصام الذي بدأ قبل أكثر من شهر، في السادس من أبريل. وقالت طبيبة مشرفة على إحدى العيادات داخل الاعتصام إنه كان هناك دعم من” الجراحين والصيادلة وكان الأهالي يشترون ما نحتاج إليه من الأدوية في الحال حتى أسعفنا الجميع”. وحمل المتظاهرون الثلاثاء العلم السوداني وفوارغ الرصاص بين أيديهم وهم يهتفون “الدم قصاده دم.. ما بنقبل الدية” وأيضا “الطلقة ما بتموت اللي بيموت سكات (صمت) الناس”. من جهة أخرى أغلق عشرات المتظاهرين الشوارع وأحرقوا الإطارات في مدينة أم درمان المجاورة للعاصمة السودانية الثلاثاء، لأول مرّة منذ شهر. وأعلن تحالف الحرية والتغيير أن الأربعاء سيكون آخر يوم من التفاوض مع المجلس العسكري لتسليم السلطة، وتنحصر المفاوضات حاليا في نسب المشاركة في المجلس السيادي. ويتوقع أن يناقش الطرفان تشكيلة الهيئات الانتقالية، وهو أمر اختلفا عليه خلال الفترة الماضية. ويطالب قادة الحركة الاحتجاجية بأن يقود المدنيون هذه الهيئات. وبينما أبدى الجيش استعداده للقبول بحكومة مدنية، إلا أنه طالب بأغلبية للعسكريين في مجلس سيادي مقترح تعود الكلمة الفصل إليه في شؤون الدولة. ويأتي استئناف المحادثات الاثنين بعد توقف المفاوضات وتهديد قادة الحركة الاحتجاجية بالتصعيد لضمان تولي المدنيين الحكم.
مشاركة :