العرب قبل مجيء الإسلام كانوا يعيشون حالة ممتدة من الضلالات المتراكمة تتسم بالجهل والتخلف والتناحر والتنافر والتباغض جعلت أوطانهم ميادين للقتل والسلب والنهب والحروب التي تدور بينهم لأتفه الأسباب كما في حرب داحس والغبراء التي دامت أربعين عاماً بين قبيلتي عبس وذبيان ، وكان سببها طلب فرس ،أو كما في حرب البسوس الدامية أيضاً التي قامت بين قبيلتي تغلب وأحلافها وبني شيبان وأحلافها واستمرت اربعين عاماً ايضاً وكان سببها ناقة وهكذا كان الحال بين مختلف القبائل العربية حتى جاء نور الاسلام من السماء ووضع أنموذج حياة يرتكز على العدل والمساواة والتكافل والتراحم وتحريم الظلم بين الناس وقمع المعتدين وتتابع ذلك التنزيل بوحى الى خير البرية وصفي الله محمد عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم لإصلاح ذلك الحال المقيت حتى أكتملت أركان ذلك الانموذج كما في قوله تعالى ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ) حتى كانت وفاة نبي الله فارتد البعض وادعى البعض النبوة وكاد ذلك الانموذج أن يختل لولا حزم أصحاب النبي رضوان الله عليهم . لكن جذور تلك الفئة استمروا في احياء قيم ومبادئ ذلك العصر الجاهلي من قتل وسفك للدماء واثارة للفتن فاتخذوا من الدين القيم سبيلاً ومركباً لنشر بذور الفرقة بين أبناء الأمة وامتطوا تعاليمه ولكن وفق رؤاهم وتفسيراتهم المبتدعة حتى تحولت التعاليم السمحة الى مطايا مزيفة وتحول الميدان الى آلاف المشرعين يحرمون اليوم ويحللون غداً فتأسست تحت أيديهم عناصر الصراع والتنافر ظاهرها الدين وباطنها الحقد والكراهية . وفي ظل ذلك الاختلال البين استثمر الطامعون تلك الحالة من التنافر والتناحر فطوعوها لصالحهم بخططهم المدروسة التي تقوم على تأجيج تلك الحالة التي أراها فطرية جينية وبدأوا في الدخول الى أوطاننا والى سبر اغوار فكرنا من خلال فكرنا فتحقق لهم كل ما يريدون ، واذا لم يلتفت المفكرون العاقلون الوسطيون منا في سد تلك المنافذ فسنكون يوما ما في عداد الأموات الأحياء. . وهنا اقول أن على من ينظر الى ذلك الفكر المتشدد انه فكر معاصر قد صنعه الغرب فعليه أن يعيد النظر في تلك المحصلة الخاطئة فالفكر الداعشي ياسادة ليس الا محصلة فكرية ممتدة منذ قرون لكنها تنامت واتسعت دائرتها باتساع دائرة المعززين من خلال منابعها وعلى من يرى ان القضاء على داعش سيكون بالقوة العسكرية وحدها فهو مخطئ كون هذا التنظيم يقوم في كل مرتكزاته على فكر منحرف فهلا أصلحنا ذلك الفكر؟.
مشاركة :