حنان الزايد – في يوم 16 مايو 2005 تم اعتماد وصدور المرسوم الخاص بمنح المرأة الكويتية حقوقها السياسية، والذي شكل علامة فارقة في تاريخ الكويت، ونقطة مضيئة في مسيرة المرأة التاريخية وقدرتها على تحمل المسؤولية، والإسهام بفاعلية كبيرة في استكمال دورها في النهضة والبناء، ويشكل إقرار الحقوق السياسية للمرأة الكويتية نصرا كبيرا للنساء في الكويت، حيث أصبح بإمكان المرأة أن تخوض منافسات الانتخابات أسوة بالرجل، وقد أتى إقرار تلك الحقوق بعد سنوات من مطالبات نساء الكويت، وتمر اليوم ذكرى إقرار تلك الحقوق. وقد تحدث عدد من القياديات النسائية المحلية عن تلك المرحلة المهمة، وأثرها الكبير محليا وعربيا، ودورها في تشجيع الحراك السياسيي للمرأة ودوره في تحقيق عدد من المكاسب التي كانت تنتظرها، والجهود التي بذلتها رائدات العمل النسائي في تحقيق هذا الإنجاز.نبيلة العنجري تقول نبيلة العنجري مدير عام مجموعة ليدرز للاستشارات والتطوير: ذكرى 16 مايو 2005 عزيزة على قلب كل كويتية وكويتي، وتشكل نجاحا للجهود التي بذلت على مدى عقود من العمل النسائي امتدت لأكثر من 50 سنة في عملية الحراك السياسي واضح، وقد توج هذا القرار بعد سنوات من الإخفاقات والإحباطات والتحديات، التي بذلتها النساء الرائدات من الجمعية الثقافية الاجتماعية النسائية أمثال نورية السداني ولولوة القطامي وكثيرات ممن كانت لهن بصمة وجهود عظيمة. وأضافت: كان لي شرف المشاركة في الانتخابات لإثبات أننا جاهزات للعمل وأن لدينا الإمكانات والقدرات لنخوض التجربة وننزل الميدان، لأنه لا يمكن أن نطالب بحقنا السياسي ثم نجلس نتفرج، وفي 2009 نجحت 4 سيدات في الوصول الى البرلمان وهذا ما أسعد كل كويتية وكويتي. تجربة نسائية وتابعت: بالنسبة لتقييمي للمرشحات، فإنه لا يمكن أن نظلم مشاركة المرأة وتجربتها في عشر سنوات، خاصة أن هناك من لا يقبل من المرأة زيارة الدواوين طوال العام، وما يحدث من تصويت داخلي وفرعي في بعض التيارات والأحزاب السياسية. وأوضحت: نعترف بأننا كنساء مقصرات، وأعتقد أن عدم جهوزية كثير من النساء الكويتيات والنائبات اللاتي دخلن مجلس الأمة أثر في عدم استمراريتهن بشكل أكبر، الى جانب عدم وجود أحزاب وبناء شخصية نيابية منذ البدايات كما يحصل في كل العالم، فلا نستطيع أن نقيم نجاح أو فشل التجربة لأنها ما زالت مستمرة. وقالت: وصل عدد من الوزيرات لكن كان دور بعضهن هامشيا وليس له أي ملامح، وبعضهن كانت لهن خطوات بارزة وواجهن الاستجوابات وعملن بجهد كبير، وهذه التجربة أعطت للمرأة الكويتية قوة، ونشير إلى أن الأختين نورية وهند الصبيح المشهود لهم بالمواجهة والدكتورة معصومة لم تمنح الفرصة كاملة، ومع ذلك نتمنى أن تصل المرأة الكويتية إلى البرلمان وتخلع عنها عباية المنصب وتعمل بيدها من أجل الكويت وليس على حساب تيار أو طائفة. بداية فعلية وأشارت: 14 عاما منذ إقرار الحقوق السياسية للمرأة لكن البداية الفعلية كانت منذ 10 سنوات أي في 2009، والآن أجد أن هناك تحركا واضحا للعناصر الشبابية النسائية من دورات تدريبية لتمكين المرأة ومقابلات مع شخصيات داخل الكويت وخارجها، ولكن مازال المجتمع ذكوريا %100 ولا توجد مظلة تكون فيها المرأة موجودة مثل الدواوين، فالديوانية تعتبر كأندية رجالية تدار فيها كل القضايا والمناقشات التي تنفذ في مجلس الوزراء أو مجلس الأمة، وهي المحرك الرئيسي للقرارات، كمجالس إدارات بعض الهيئات الحكومية، وغرفة التجارة والصناعة والمناقصات والمشاريع، التي لا يزال يسيطر عليها الرجل، فهو من يحرك القاعدة والساحة وهو من يفوز بالانتخابات، فلا نضحك على أنفسنا، الشعب يريد أن يوصل مجاميع نسائية، والمعروف في كل الانتخابات في العالم يتم تمويل المرشح، وأي مرشحة لا بد أن تمول من قبل تيار مثل الرجل، لذا فإن الخطوة القادمة هي وجود الأحزاب السياسية التي تنظم العمل السياسي الحقيقي كأي تجربة ديموقراطية في العالم. توعية المجتمع أيدت العنجري بشدة فرض الكوتا، وضرورة تطبيقها، ويفترض أن يكون هناك مقاعد لا تقل عن %30 للمرأة، وتتم الانتخابات وفقها، وبعدها ممكن ان نضمن وصول عدد من السيدات، ومع الكوتا لا بد أيضا من استمرار توعية المجتمع والمرأة حتى لا نرجع الى الفئوية والطائفية والقبلية، ولا يكون مجلس الأمة ساحة للعنصرية التي نلاحظها الآن بقوة.العنود الشارخ ديموقراطية حقيقية من جانبها، أفادت د. العنود الشارخ، مديرة شركة ابتكار للاستشارات الاستراتيجية وباحثة استشارية في المجال الثقافي والسياسي في الخليج العربي: إن 16 مايو تأخر كثيرا بالنسبة لي، فهو اليوم الذي اكتملت به ديموقراطية الكويت، وجاء بعد سنوات من النضال الذي قادته رائدات حركة المطالبة بالمساواة السياسية، واللاتي أعتبرهن منارة تضيء لنا الطريق ولهن كل الاحترام والامتنان. وترى الشارخ أن السبب خلف التمثيل الضعيف للمرأة في المجالس النيابية على مدى 14 عاما يعود الى مخيلة المجتمع الذي ما زالت تصور المرأة في نمط تقليدي داخل أطر المنزل، وأن كل امرأة مثلت الكويت في منصب رسمي كان لها نصيب من النجاح ومن الفشل مثلها مثل الرجل. لذا، فإن على المرشحة أن تفهم اللعبة السياسية كما الرجل، وتبتعد عن المثالية في طرح الأمور وتتجه لطرح واقعي أكثر. وشددت على أن المرأة نصيرة المرأة ولكن المجتمع الأبوي من نتائجه التحيز ضد المرأة من الجنسين. وشددت على ضرورة تطبيق الكوتا وبشدة، لأنها أثبتت نجاحها بشرط الالتزام بمعايير موحدة وشفافية تامة. وأثنت على أداء المرأة الكويتية منذ حصولها على الحقوق السياسية التي حققت الكثير، وبالذات في نشر التوعية وتغيير بعض القوانين المتعسفة في الجوازات والجنسية والسكن ووقف العنف. جيل جديد ترى العنود الشارخ أن الجيل الجديد من الفتيات مهتم جدا بالشأن السياسي في البلد، بدليل أن هناك مرشحات في الـ30 ولكن قد لا تتهيأ لهن فرص النجاح. والآن فإن أهم مطلب للمرحلة المقبلة هو توفير الحماية القانونية للجميع، وبالذات للمعنفات، وخلق بيئة تساعد على تكافؤ الفرص بغض النظر عن الجنس أو الخلفية الاجتماعية.أمار بهبهاني مهمة قيادية قالت د. أمار عبدالله بهبهاني، دكتورة كلية العمارة بجامعة الكويت ورئيسة جمعية سوروبتمست الكويتية للخدمة المجتمعية: هذا اليوم كان اخر يوم في اختبارات السنة الاولى لي في درجة الماجستير في الولايات المتحدة الاميركية، جاءني أحد الدكاترة وقال لي: مبروك لنساء الكويت! اقشعر بدني وخفق قلبي، في هذه اللحظة أدركت ان مستقبلي المهني ليس مجرد مهمة علمية، ولكن مهمة قيادية وصوت كل امرأة تطلب العلم والتطور والابتكار. وتابعت: مازال النضال قائما، فنحن نكمل ما حفرته الرائدات في تاريخ الكويت. هُن المثل الأعلى ونحن نسير على خطاهن في جميع المجالات، النضال النسائي بدأ منذ كانت المرأة الكويتية البسيطة تدير منزلاً كاملاً في غياب زوجها للبحث عن الرزق، فشكرا لكل امرأة عملت جاهدة لأجل نساء الكويت. وأوضحت بهبهاني نحتاج الى نساء أكثر في المناصب القيادية للعدل ما بين الجنسين في السياسة والتشريع والتنفيذ. ولا بد من العمل على تشجيع الابنة والأم على إدراك هذه الحقوق، ونحتاج الى ثقافة سياسية وحضارية للمرأة والرجل لتقبل الدور النسوي القيادي. تساوي الفرص القيادية رفضت د. أمار بهبهاني تطبيق الكوتا قائلة: أؤمن بالمساواة بين الجنسين وتساوي الفرص القيادية وليس العددية. والمرأة الكويتية قطعت أشواطا طويلة ومثمرة في مجال النضال النسوي في جميع المجالات، ما زلنا نحتاج أن نعمل لأجل ثقافة المرأة السياسية لنصل الى المناصب القيادية الإدارية لأجل كويت أفضل وأسمى. وشددت على أن مطالب المرأة الكويتية هي مطالب المواطن الكويتي: العدالة والتغيير والابتكار في كل شيء.علياء بهبهاني تأزيم سياسي وبدورها قالت المحامية علياء بهبهاني: هي ذكرى فخر واعتزاز وخطوة مهمة لإثبات قدرة وطموحات المرأة الكويتية على أداء دورها في تنمية الوطن واشراكها مع الرجل في اتخاذ القرار السياسي، ولزاما علينا أن نتوجه بالشكر الجزيل للسيدات المناضلات اللواتي جاهدن لاقرار حقوق المرأة السياسية في الكويت. وحول رؤيتها لأداء المرأة افادت بهبهاني: إن المرأة تسلمت منصب وزيرة ونائبة ولكن لم تسنح لها الظروف والوقت لاثبات جدارتها بسبب التأزيم السياسي الذي حصل في السنوات الأخيرة، والأوضاع الإقليمية الصعبة التي ادت الى حل مجلس الأمة أكثر من مرة، لكني مؤمنة بلا شك بنجاح المرأة وقدرتها على العطاء وتنمية الوطن، ولكن تحتاج الى تمثيل أكبر في المناصب الوزارية والمجالس النيابية، مشيرة ان المرأة النائبة يجب أن تكون ذات إرادة قوية صلبة واطلاع سياسي وقانوني، وذات ثقة وامانة وصبر ومنهج منظم وخطط مدروسة حتى تتحدى أصوات الرجال وتفوز بثقة المواطنين والمقاعد النيابية. واضافت: أعتقد أن السبب في تراجع وجود النساء في المجلس يعود الى عدم ثقة النساء في قوة النساء وقدرتهن في العملية السياسية، وكذلك الضغط الذكوري على السيدات في ترشيح المرشح (الرجل) لأسباب قبلية او طائفية أو اقتصادية. وأكدت أن تأسيس مجلس الشباب الكويتي لتحقيق رؤية سمو الأمير من افضل الانجازات حاليا، خاصة أن المجلس يتضمن عدد إناث مساويا للذكور، وهذا التمكين النسائي الشبابي سيخلق وعيا سياسيا ودفعة قوية للمرأة الكويتية للخوض في الانتخابات وخوض المعترك السياسي، ولا بد من الاهتمام بالمرأة والطفولة بشكل خاص، وسد القصور وفجوات القانون التي بخست المرأة حقوقها في أمور الإسكان والقرض الإسكاني، كذلك تمكين النساء من المناصب السياسية واشراكهن في القرار السياسي بتفعيل حقوقهن السياسية بشكل صحيح. ونفت بهبهاني مقولة أن المرأة عدوة المرأة، فان السيادة دائما للرجل في مجتمع ذكوري يرى أن المرأة غير كفء في العملية السياسية، وأصبح العرف أن السياسة تقتصر على الرجال فقط.نور الهويدي الصبر والكفاح ومن جهتها قالت نور الهويدي رئيسة مشروع الوعي الوطني: أن الذكرى عزيزة جدا علينا، تعبر عن الصبر والكفاح الذي قامت به المرأة من دون تعب أو ملل في الدفاع والحصول على حقوقها السياسية كاملة، فكل التقدير لهذا المجهود الكبير الذي سطر في التاريخ للمرأة الكويتية. ففي البرلمان قدمت كل ما تستطيع، وتحتاج ان تقدم المزيد من الإنجاز والتطور ولكن يجب ألا نقسو عليها، خصوصا انها لا تملك الخبرة التراكمية كما يمتلكها الرجل النائب او الوزير، ومن هذا المنطلق أطالب بفرض نظام الكوتا لفترة زمنية محددة تأخذ فيها المرأة وضعها الطبيعي وتبدأ بتلقي المزيد من الخبرات في هذا المجال، وإعطاء المرأة مناصب قيادية أكثر وحقوقا كاملة مساوية للرجل.لبنى القاضي تطبيق الكوتا بدورها أكدت د. لبنى القاضي رئيسة مركز دراسات وأبحاث المرأة بجامعة الكويت «ان يوم 16 مايو تاريخي حصلنا فيه على الخيار بالحق السياسي، وهذا يعني أن لدينا فرصة متساوية مع الرجل ولا نكون متفرجين على العملية السياسية فقط». وشكرت القاضي الرائدات اللاتي ناضلن سنين طويلة «واقنعونا بالعمل في المسار نفسه، فقد كن يؤمنّ بأن المرأة لها هذا الحق وإصرارهن ومثابرتهن أمام التحديات التي واجهنها أقنعت أيضا الآخرين بالوقوف الى جانبهن». وأضافت أن المرأة الكويتية أثبتت وجودها بجدارة وزيرة ونائبة، سواء النائبات اللاتي السابقات أو حتى النائبة صفاء الهاشم، وبالنسبة للوزارة فإن كل واحدة أدّت دورها بثقة وقوة وعلى أكمل وجه. وبالنسبة لـ«الكوتا» تقول القاضي: أعتقد أننا وصلنا مرحلة نحتاج فيها الى الكوتا لفترة معينة، كعشر سنوات مثلا، ففي بعض الدول هناك طرق مختلفة لتطبيقها، وبرأيي أن تكون نائبة في كل دائرة حتى نضمن وجود مجموعة معينة من النساء، وحتى يقتنع المجتمع بأداء المرأة وان وجودها ضروري كشريك في القرار السياسي، ولكن هذا الموضوع يحتاج الى دراسة وتطبيق من أصحاب القرار، وأجد أنه بعد حصول المرأة على حقها السياسي أصبح الوعي المجتمعي أكبر.أسرار حيات طاقات جميلة ومبدعة أسرار حيات سيدة أعمال وناشطة في تمكين المرأة. وتقول: حدث تاريخي كبير، ليس هناك أجمل من إحساس الإنسان بحصوله على حق كان مسلوبا منه، شخصياً حضرت عدة اعتصامات وجلسات لمجلس الأمة تناولت حقوق المرأة، واذكر رحلتنا بالباصات إلى مختاري المناطق لتسجيلنا، وهذه نقطة في بحر أمام جهود النساء اللاتي عملن وناضلن على مدى سنوات طويلة بإصرار وتطوع نبيل، أكن لهن عظيم الاحترام والامتنان. يؤسفني أن أقول بأن دورالمرأة، نائبة ووزيرة، ضعيف، كانت لدينا آمال عالية جداً لحل المشكلات الخاصة بالمرأة، مثل تجنيس أبنائها وحقها في السكن وتمكينها سياسياً وقيادياً. ولكن مازال هناك أمل في المستقبل القريب جداً، وذلك تماشياً مع رؤية سمو أمير البلاد حفظه الله. وحول ضعف تمثيل المرأة انتخابيا، أوضحت حيات أن هناك عدة أسباب أهمها الصورة النمطية التي وضعها المجتمع والأسلوب المستخدم في الحكم على المرأة، والتصيد لها. بالإضافة الى دور الحكومة والمجتمع المدني الذي يجب أن يُفعل بصورة صحيحة وقوية. أيدت حيات وبشدة نظام الكوتا لأنه بمنزلة التعويض عن التمييز ضد المرأة، كما أنه يساعد على تمكين المرأة بشكل أفضل وتأهيل الكوادر النسائية للعمل في المجالس المنتخبة، وهو مطبق في ما يقارب 81 دولة، منها العربية والآسيوية والأوروبية، فالكوتا مؤقتة إلى حين أن تأخذ المرأة وضعها الصحيح ضمن القيادات بالدولة. وأضافت: لدينا طاقات جميلة ومبدعة تحتاج إلى تشجيع الحكومة، باعطائهن الفرصة لتبوؤ المناصب والعمل على تدريب هذا الجيل والاستثمار فيه، وأود هنا أن أخص بالشكر «مبادرة ابتكار» لتمكين المرأة الكويتية سياسياً، على الجهود التي بذلت في تدريب نخبة من السيدات الكويتيات، والتي تشرفت بأن أكون إحداهن.
مشاركة :