الدين العام ليس إشكالية كبيرة إذا امتلكنا آليات للتعامل معه.. واليابان نموذج أكد رئيس جمعية الاقتصاديين البحرينية الدكتور علي المولاني أن ميزانية الدولة 2019-2020 التي أقرها مجلس الشورى مؤخرا لها خصوصيتها وأهميتها المميزة. فإلى جانب كونها كغيرها من الميزانيات تحدد برنامج العمل الحكومي، فإنها تعد جزءا من البرنامج الأكبر الذي وضعته الحكومة من أجل الوصول إلى التوازن المالي عام 2022. وأضاف رئيس جمعية الاقتصاديين في تصريحات له على هامش الغبقة الرمضانية التي نظمتها الجمعية مساء أمس الأول بفندق الريجنسي أن هذه الميزانية تعد خطوة رئيسية ضمن برنامج التدرج في تقليص فجوة العجز الموجودة في الميزانية. وبالتالي تعتبر هذه الميزانية خطوة مهمة في سبيل تحقيق هذه الأهداف والوصول الى التوازن المنشود، وبنفس الوقت المحافظة على معدلات النمو الاقتصادي في المملكة الذي يتوقع له ان يستمر بمعدل 2.5% خلال هذا العام. وفيما يتعلق بارتفاع معدلات الدين العام الى 93% والقلق المصاحب لذلك، قال المولاني ان وجود برنامج التوازن المالي، الى جانب الدعم الخليجي، يخلق فرصا كبيرا لإعادة هيكلة المصروفات الحكومية والوصول الى التوازن المطلوب عام 2022. والوصول الى هذا التوازن يعد خطوة مهمة تسبق التوجه الى تخفيف الدين العام. وبالتالي من المتوقع ان يكون الدين العام ثابتا في هذه المرحلة، وهذا الثبات يمثل خطوة مهمة من اجل العمل على تخفيفه لاحقا، علما بأن ارتفاع الدين العام ليس بإشكالية كبيرة إذا ما امتلكت الحكومة برنامجا للتعامل معه، فالكثير من الدول يفوق الدين العام حتى حجم الناتج المحلي، والمعيار هو قدرة الدولة على التعامل معه وعلى تحصيل مداخيل كافية. ومثال ذلك اليابان التي تمتلك واحدا من أعلى معدلات الدين العام، ولكنها في نفس الوقت تمتلك نظما للتعامل مع هذا التحدي، منها نظام الضرائب الذي يساعد الدولة على تسديد الدين بشكل أسرع. ونحن في البحرين نعمل -بشكل ربما مختلف- على التعامل مع هذا الامر وإيجاد قنوات أخرى تساعد في رفع الدخل من دون المساس بمكتسبات المواطنين. وفيما يتعلق باحتفال المملكة هذا العام بمرور 100 عام على تأسيس القطاع المصرفي والمالي في البحرين، وما إذا كانت التطورات التي يشهدها هذه القطاع تتواكب وعراقة هذا القطاع، قال المولاني إن القطاع المصرفي يلعب دورا كبيرا في البحرين منذ بداياته، وقد شهد تطورات كبيرة. وكانت البحرين سباقة في استقطاب المؤسسات المالية وخاصة بنوك الأوفشور منذ السبعينيات. ومنذ الثمانينيات والتسعينيات بدأت الصيرفة الإسلامية تتخذ من البحرين مركزا رئيسيا. ومازالت المملكة تقدم الكثير من الإنجازات وتحتل مراتب متقدمة في هذا الجانب، بل تحتل المركز الثاني بعد ماليزيا في الصيرفة الإسلامية.. حتى باتت البحرين مرجعا للكثير من القضايا والمسائل المتعلقة بالصيرفة الإسلامية نظرا الى ما تمتلكه من خبرة طويلة في هذا المجال. وأضاف رئيس الجمعية: لكننا نبقى نطمح الى تحقيق المزيد من التطورات وخاصة فيما يتعلق بالتكنولوجيا المالية (الفنتك). فما يميز البحرين هو وجود رؤية واضحة لدى القيادة وأصحاب القرار والمنظمين للقطاع مثل مصرف البحرين المركزي الذي وضع البيئة التجريبية المهمة، ومجلس التنمية الاقتصادية الذي يستقطب ويدعم الاستثمارات في هذا المجال. والامر الآخر -وربما الأهم- هو امتلاك البحرين لكوادر مهنية عالية، مما يوفر إمكانية البناء على هذه الأسس. فالكثير من الدول تضطر الى استقطاب الايدي العاملة والخبرات. ونحن لدينا هذه الكفاءات، ولدينا شباب يحتاجون الى صقل خبراتهم من أجل الإمساك بزمام هذا القطاع مستقبلا. من جانب آخر أكد الدكتور علي المولاني ان جمعية الاقتصاديين البحرينية بما تمتلكه من خبرات اقتصادية مرموقة تسهم في الكثير من القرارات والقوانين التي تتخذ في المملكة، إذ تحرص مختلف الجهات من مختلف القطاعات العامة والخاصة على استشارة المختصين من أعضاء الجمعية، مشيرا الى ان هذا الأسلوب الإداري المنفتح وسياسة التشاور يمثلان أحد المميزات الجميلة في البحرين. وكانت جمعية الاقتصاديين البحرينية قد أعلنت تدشين شعارها الجديد الذي يعكس رسما بيانيا يرمز الى التطور والنمو الاقتصادي في المملكة.
مشاركة :