إعداد: جيهان شعيب وتمر السنوات، وتحل اليوم الذكرى السابعة عشرة على رحيل تريم عمران تريم السياسي والإعلامي رفيع المستوى، الذي غادر إلى دار الحق يوم 16 مايو 2002، تاركا فراغاً موجعاً للنفوس، وغياباً مؤلما للقلوب.أعوام وأعوام مرت وذكرى الراحل تتعمق يوماً من بعد يوم، فالأعزاء لا يذهبون، أجسادهم تغادر، لكن صورتهم تلتمع في المقل، وتتوثق في الكيان، ويبقى وقع كلماتهم وأصواتهم في الأسماع، فهم باقون وإن انتهت سنوات حياتهم، فليس كل من رحل انتهى، وليس كل من بقي موجوداً، غياب الكبار لا يكون إلاّ بأجسادهم فقط، ويظل طيفهم حاضراً في كل الأنحاء، والجوانب، والأماكن، والدقائق، والساعات، فهم الحدث دائم الوجود.والحديث عن تريم عمران العروبي ثري بأفعال وأعمال بارزة، وأقوال ومواقف رصينة، وإنجازات لا تحصى، فقد كان رحمه الله رجلاً يشهد له الجميع بالحكمة، الدراية، الوعي، التواضع، التروي، وقبول الاختلاف دونما خلاف، وكان حاملاً مع شقيقه الراحل الكبير د. عبد الله عمران هموم الوطن العربي بالكامل، كانا حالمين بحلول، ورؤى، وتوجهات.وبالعودة إلى النقطة الأولى في حياة الراحل الكبير، نجد أن تريم عمران ولد في الشارقة عام 1942 ودرس في مدرسة القاسمية في الشارقة، ثم في مدرسة الشويخ الثانوية في الكويت، وفي أوائل الستينات التحق بكلية الآداب جامعة القاهرة وتخرج فيها، وكان أن انحاز خلال دراسته في قاهرة المعز للتيار القومي، الذي يرى الزعيم الراحل جمال عبد الناصر صاحب مشروع وحدوي، تحرري، استقلالي، يصلح للوطن العربي ككل، وكان الطالب تريم حينذاك ناشطاً رئيسياً في تعريف المجتمع الطلابي المصري بمنطقة الخليج، حيث انخرط في النشاط الثقافي، والاجتماعي في الجامعة.وعقب عودة الشقيقين تريم عمران، ود. عبدالله عمران من القاهرة عام 1968، حيث كانا ضمن الوفد الرسمي لإمارة الشارقة في المفاوضات التي سبقت قيام الاتحاد، فكّر تريم في العمل الصحفي، وفي ذلك قال رحمه الله: كان الوضع السياسي حينذاك مقلقاً جداً، وينذر بمخاطر جمة، وصعوبات ستواجهها الإمارات، إذا استمر وضعها السياسي المتصف بالتجزئة والتفتّت، فالإنجليز قرروا الانسحاب، والمنطقة مجزّأة، وليس هناك كيان سياسي واحد يستطيع التعامل مع احتمالات المستقبل، بينما شاه إيران لديه مطامع أعلن عنها، فكانت الدعوة إلى إقامة كيان قادر على مواجهة التحديات، والعمل على تحقيق وحدة المنطقة، كانت الأخطار كبيرة، والعمل المنظم شبه معدوم في منطقة تزداد أهميتها الاستراتيجية، بعد تدفق النفط في أراضيها. مولد «الخليج» وبالرؤية السابقة، تولد التفكير في إصدار أول جريدة سياسية لكشف المشهد الذي كان وقتذاك غامضاً على مواطني المنطقة، الذين لم يكن يشملهم جميعاً التعليم، وكانت حرية الصحافة أحد ثوابت العمل المهني عند تريم عمران، إذ كان يقول (حرية الصحافة ليست حقاً من حقوق الناشرين، وإنما هي حق من حقوق المجتمع، ولا يمكن لمجتمع أن يكون حراً، إذا لم تكن صحافته حرة)، وجاءت القفزة بإصدار مجلة سياسية شهرية هي الشروق، ومن ثم بدأ تفكير تريم عمران، وشقيقه عبدالله عمران، ويوسف الحسن في إصدار «الخليج» كأول جريدة سياسية، وكانت العقبة الأولى رواتبهم البسيطة، التي لم تتعدَّ 1500 درهم للواحد منهم، بما جعل من الصعب عليهم تحمل أي خسائر مادية، أو كلفة إصدار مطبوعة صحفية، لكن تصميمهم الكبير، دفعهم لتكملة تحقيق هذه الخطوة الكبيرة، رغم عدم وجود مطابع مؤهلة في الشارقة والإمارات المتصالحة، لذا توجه الثلاثة إلى الكويت، واختاروا فجحان هلال المطيري وهو ناشر يماثلهم قومية الفكر العروبي، كان يصدر مع زوجته غنيمة المرزوق مجلة أسرية باسم «أسرتي»، وكانا يمتلكان مطبعة حديثة، ووافق المطيري على طباعة مجلة الشروق، وجريدة «الخليج» لاحقاً، وتحت الحساب، إكراماً لأصحابها، وهم من أهل الفكر، والهدف، والمبادئ، وكانت المادة الصحفية التي تكتب في الشارقة، تحمل إلى الكويت وتعود مجلة مطبوعة. 4 لاءات وبتتابع صدور المجلة، انبثق من الفكر الواعي التفكير في «الخليج»، وبالفعل صدرت يوم التاسع عشر من شهر أكتوبر عام 1970 جريئة، قوية، حرة الرأي، ومرت بالمراحل مثلها كالشروق، من تجهيز المادة الصحفية في الشارقة، في ظروف بالغة الصعوبة، إلى طباعتها في الكويت وحمل حديثها الأول إصراراً على عروبة الخليج، والجزر الإماراتية، من خلال عنوان رئيسي تكرر غير ذي مرة فيها، يحمل 4 لاءات (لا تفريط في الجزر، لا استثمار، لا مشاركة، لا تنازل)، وتسبب ذلك في إزعاج شاه إيران حينذاك بشكل كبير، فسعى إلى إغراء أصحاب الجريدة بالمال، لعلمه بما يواجهونه، بسبب الكلفة الكبيرة التي تقع عليهم جراء إصدار الجريدة في الكويت، وشحنها بالطائرة يومياً إلى الشارقة، لكنهم بإباء كبير رفضوا، وأصروا على استقلاليتها، ذلك خلاف الانزعاج الكبير الذي شعر به كذلك المعتمد البريطاني في الإمارات المتصالحة آنذاك، إثر جرأة الخطاب القومي للجريدة، بما دفعه إلى المطالبة بإغلاقها، لإفسادها الجهود التي تبذلها بريطانيا في حل مشكلة الجزر، بعدما شعر كذلك بأنها صدرت من أجل الخليج الموحد، فكان رد أصحاب الجريدة بأن بريطانيا احتلت المنطقة نحو 150 عاماً، وجعلتها في طي النسيان، لا تعليم، ولا صحة، ولا أي خدمات، فقط مناطق متناثرة، يغمرها الفقر والتخلف، والآن عندما قررت بريطانيا الانسحاب، تطلب أيضاً من أهلها السكوت عن جريمة ترتكبها من خلال تسليم جزء من أراضيها إلى شاه إيران. وتوالت الحروب المهنية والسياسية العديدة التي شهدتها «الخليج»، من عدد من أصحاب الصحف في الكويت، الذين خشوا من هذا الوافد الصحفي الشرس، الذي وضع رحاله بجرأة، فطالبوا الحكومة الكويتية بوقف إصدارها، واستمر الأمر هكذا، إلى أن توقفت «الخليج»، و«الشروق» عن الصدور بعد عام ونصف العام على صدورهما بسبب التكلفة المادية الكبيرة لإصدارهما من دولة الكويت، وبسبب إصرار تريم وشقيقه عبدالله عمران، على تجنب تمويلهما من جهات مشكوك فيها، وتحيطها الشبهات، فيما جاء التوقف والدولة تشهد بداية محورية في تاريخها، ألا وهي بداية الاتحاد، البداية الهدف، والمعنى، والقوة، بموجبها اختار المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، عبدالله عمران لتولي وزارة التربية، وبعدها العدل، في حين أصبح تريم عمران أول سفير للدولة في مصر، وأول مندوب لها في جامعة الدول العربية حتى عام 1976، كما تولى رئاسة المجلس الوطني الاتحادي ولم يستمر الوضع طويلاً، فسطوة العمل الصحفي كانت تسيطر على عقل ووجدان تريم عمران، فكان أن عادت «الخليج» إلى الصدور في إبريل/ نيسان- عام 1980. تطور لافت وفي وقت قصير سجلت الخليج قفزات لافتة، وكانت حاضرة دائماً وسط الأحداث، وعلى خط تماس واحد مع المتغيرات والقضايا المحلية، والخليجية، والعربية، والدولية على تنوعها، واختلافها، وبتوالي النجاحات التي حققتها، أصبحت دار الخليج للصحافة والطباعة والنشر واحدة من أكبر المؤسسات الصحافية العربية، ومن المعالم الثقافية والصروح الإعلامية في الدولة، ومنطقة الخليج، وبدأت في تنويع إصداراتها، في حين كان للراحل الكبير تريم عمران الفضل في إصدار ملحق الخليج الثقافي في السبعينات من القرن الماضي، وبذلك كان رائداً في مجال الصحافة المتخصصة في الخليج والوطن العربي، وكان له الفضل الأكبر في تسليط الضوء على كثير من التجارب الأدبية، والثقافية، والفكرية في الدولة، وكان يرى أن حرية طرح الأسئلة، والآراء المتعارضة، ووجهات النظر المتباينة، والحصول على المعلومات من مصادرها الأصلية هي التي تفرز الصحافة القادرة على إدارة رسالتها بأمانة، وصدق وموضوعية، فيما كانت ترتبط حرية الصحافة عنده مع الديمقراطية، التي كان يراها الركيزة الأساسية للعمل الوحدوي، ويرى أنها باهظة التكاليف، وطريق شديد الوعورة في العالم العربي، لكنها تعد في النهاية العلاج الوحيد لكل مشكلات ومتاعب الحكم العربي عامة. هدف كبير وبناء على قناعات أصيلة، جاءت كلمات تريم في حوار صحفي عن فكرة ودوافع إصدار الخليج: كنا جميعاً نعيش نكسة العام 1967 ويعتمل في نفوسنا شعور عام، معادٍ للغرب الاستعماري وأمريكا التي وضح انحيازها التام «لإسرائيل»، ورغم طوق العزلة الذي ضرب حول المنطقة، فإن الشعور بالانتماء القومي كان يقوى ويكبر، وآنذاك انحصر تفكيرنا في إيجاد منبر صحفي ينهي الفراغ الإعلامي الرهيب الذي كنا نعيشه، ويضطلع بدور وطني في التعبير عن آراء الناس ومطالبهم، وقد استقر الرأي على إصدار الخليج اليومية، والشروق الأسبوعية، وكان همنا الرئيسي سياسياً، فهذه المنطقة يجب أن تستعيد حقائقها الوحدوية للدفاع عن أراضيها، واللقاء العضوي مع الشقيقات في الخليج العربي، كذلك كان من أهدافنا نشر الوعي الوطني، والقومي، والتوعية بدور المواطن في بناء بلده، والكشف عن واقع إيمان أبناء المنطقة بأنهم وأنها جزء لا يتجزأ من الوطن العربي، والأمة العربية، وأن قدرتنا في التأثير في الأحداث، وفي تحقيق الاستقلال الناجز، رهن بلقائنا العضوي بوطننا العربي الكبير، ورغم العقبات الكبرى التي تقف أمام صدور صحيفة يومية، فإن طموحنا، وعزائمنا كانت أقوى من كل عقبة، فقد كنا نشعر أننا ننشئ صحيفة لخدمة هدفٍ سامٍ كبير، وعليه فإنه لابد من إيجاد السبل التي توصلنا إلى تحقيق هدفنا مهما تكن المصاعب والعقبات. مناصب مشهودة وكان لتريم عمران دور فاعل في جميع مراحل تأسيس وتطور الدولة، حيث كان أحد دعاة «الاتحاد التساعي» الذين طالبوا بتوحيد إمارات الخليج التسع عقب خروج الاحتلال البريطاني في مطلع عقد السبعينات من القرن الماضي، وفي مقدمة المنادين لإقامة الاتحاد السباعي الذي هو اليوم دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث كان عضواً مشاركاً في مفاوضات تشكيل اتحاد الإمارات العربية المتحدة، وسفيراً للإمارات في مصر، ورئيساً لوفد الإمارات في الجامعة العربية حتى عام 1976، وفي عام 1977، ومن مناصبه الصحفية فضلاً عن تأسيسه مع شقيقه د. عبد الله عمران دار الخليج للصحافة والطباعة والنشر، ترؤسه مجلس إدارة الدار، ورئاسة تحرير كل من مجلة الشروق، وجريدة الخليج، كما شارك الراحل في عضوية عدد من اللجان؛ حيث كان عضواً مؤسساً في منتدى التنمية لدول مجلس التعاون الخليجي، ونائب رئيس مجلس أمناء مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية، ورئيس لجنة الإمارات للتكافل العربي، وعضو مجلس أمناء مركز دراسات الوحدة العربية. مطالبات مهمة وانتخب رئيساً للمجلس الوطني الاتحادي لدورتين متتاليتين، حيث أعطى التجربة البرلمانية الإماراتية في تلك الفترة زخماً من خلال التركيز على القضايا المتصلة بدعم الكيان الاتحادي الجديد، وتكريس حضور الدولة الاتحادية ضمن الأسرة العربية، حيث خرجت النقاشات من قالب النمطية، واختفت قولبة الأحاديث في نطاق المناطقية، وفردت المصلحة العامة مظلتها فوق السقف البرلماني، وحلت عمومية الأهداف دونها من الفردية، وتسارعت وتيرة العمل النيابي، وعلا صوته بين غيره من المجالس في المنطقة ككل، وسجل تريم عمران تريم اسمه بارزاً خلال الدورتين التشريعيتين اللتين استمر فيهما على المقعد الرئاسي للمجلس، وتمثلت الوقفات اللافتة له خلال تلك الفترة في مجموعة من المطالب والرؤى، منها: * مطالبته المستمرة بتوسيع الصلاحيات الاتحادية، وتقليص السلطات المحلية، ليعمل المحلي مع الاتحادي لمصلحة الوطن والمواطن.* إصراره على أن تسري التشريعات الاتحادية ومشروعات القوانين التي يجيزها المجلس، على كل أنحاء الدولة إعمالاً لنصوص الدستور الذي أعطى الاتحاد حق التشريع.* مطالبته بعرض قانون المصرف المركزي على المجلس، لتتم مناقشته، تنفيذاً للخطوات الدستورية المتعلقة بعرض مشروعات القوانين على المجلس لمناقشتها قبيل إصدارها.وكان الموقف الأبرز خلال فترة ترؤس الراحل الكبير تريم عمران المجلس الوطني، المذكرة المشتركة التي كانت من الموضوعات الأهم على الإطلاق حينذاك، والتي وضعها، وصاغ بنودها، وناقشها المجلس، وعقد لها مع مجلس الوزراء جلستين مشتركتين عام 1979، وكان مطلب توطيد أركان الاتحاد على رأس توصيات المذكرة التي لخصت قضايا الوطن في تلك المرحلة، بتعزيز وحدة الإمارات. وحدتنا ضمان بقائنا أقوال الراحل تريم عمران تتسيد الذاكرة، وتتصدر الأمكنة، ولا تغيب عن الفكر، فقد كانت بمنزلة نبراس هادٍ، وعلامة فارقة، ومنها عن اتحاد الدولة، قوله: عندما شعرنا بأنه لن يتم الاتفاق على اتحاد تُساعي، طلبنا أن يضم الاتحاد الإمارات السبع، وقلنا فليكن سباعياً لأن المنطق والواقع يشيران إلى أن إمارات المنطقة كلها عبارة عن بيوت متجاورة، سنحرث الأرض لنبدأ من تحت، من الجذور العميقة، نتحاور، نتجادل، نختلف، ولا مانع، ولكن لنسلم بأننا جميعاً كيان واحد كان، ولابد له أن يكون، وأن وحدتنا، ولا شيء غير وحدتنا هي ضمان بقائنا وبقاء الأرض راسخة تحت أقدامنا وغير قابلة للانسحاب، وهي ليست وحدة غاية لذاتها؛ بل هي وحدة الجدار، حتى يتكامل البيت، الأمل، في وحدة أشمل. الخليل ارض الأنبياء في مقال بعنوان «إزاحة حواجز العجز عربياً»، قال تريم عمران: الخليل أرض الأنبياء، اللحم المر الذي لا يستسيغ الاغتصاب مضغه، هي اليوم قبلة كل المدن العربية، مكة، القدس، القاهرة، الرباط، دمشق، بغداد، دعاء الملايين، لبدايات طوابير الشهداء والمجد، في زمن الحكمة، وارتفاع سخام العقلاء، هؤلاء أعقل أهلنا يعز عليهم أن ينساقوا في زمن التساقط، فارتفعوا ليهيلوا التراب فوق المنكبين، على أحذية «كارتر»، ومن ثم «بيجين»، الخليل تفتح بلاطاً جديداً للشهداء، ولا تطالب بالمساندة، مكتفية بضحاياها، وهى تعلم كم ترابها خصب بالدماء، وتعلم أنها بتعففها عن الصراخ، وتعاليها عن الاستنجاد بالمرميّين في الوحل، إنما تفجر البركان الذي نظنه خمد. رحلة كفاح شقيقين كان للشقيقين تريم عمران وعبدالله عمران رحلة كفاح طويلة في العمل السياسي والإعلامي، وفي رحيل تريم عمران قال شقيقه الراحل د. عبد الله عمران: يرهقني الفراق وأئنّ من حمل المسؤولية الكبرى بعد رحيلك، وبعد أن فارقتني الوالدة، لتلحق بجزء مني، ولكن العزيمة تقوى حينما أعرف أن التراخي يقلقك، وأنك تعرف عظم المسؤولية التي حملتها وحدي من بعدك بعد أن قلت لي عشية فراقك «كان الله في عونك».أود أن أحدثك ابتداء عن آمال عراض عشناها معاً وعملنا على تحقيقها معاً، وقد أصبحت منجزات تتحدث عن نفسها في أرض الإمارات، فقد أوفى الأب الكبير زايد وأخوه راشد والآباء المؤسسون، رحم الله من انتقل إلى جواره، وأطال عمر من بقي منهم.وبفضل قيادتنا التي استلمت الأمانة ازداد الاتحاد متانة، ومنعة وقوة، حتى ساد الأمن، وارتقينا بمكانتنا بين الأمم، وتحولت الأرض القفر إلى حدائق غناء في ربوعها، وأصبح لدينا جيل من أبناء وبنات الإمارات وقد تسلحوا بالعلم، وآمنوا بوطنهم، وقدراتهم على العطاء والتقدم، وتعددت في جوانبه الخدمات التعليمية، والثقافية، والمؤسسات البحثية، وأضحت المناطق التي كانت على قرب المسافات منها نائية لوعورة الوصول إليها، تفاخر في طرز بنائها وتعدد الخدمات فيها وامتداد الخضرة في أرجائها.ويحزنني أن أتحدث إليك عن آمال أخرى لم تجد نصيبها من التحقيق، فهل أحدثك، عن أوطان الفرص الضائعة، والربيع الوعد الذي سرعان ما تساقطت أوراقه وطارت عصافيره، وسُرقت وعوده، وزادت الشقوق في أثوابنا العربية وحدودنا ونسيجنا الاجتماعي العربي، هل أحدثك عن خرائط جديدة، حذّرت منها في حياتك السياسية والصحفية، هل أسرّي عنك وأخبرك، بحال الخليج الجريدة وأخواتها التي وضعت الوطن في قلب أدائها لرسالتها، وحرصت على أن تلتزم بخطها العروبي الوطني والكلمة المسؤولة، وهل أحدثك عن وطنك العربي وما حل به، وأهل وادي النيل، والشام، وشمال إفريقيا، وحروب الطوائف، وحروب الوكلاء، وتدخلات الجيران، وفتاوى ما أنزل الله بها من سلطان. معركة العقل العربي تحت عنوان «معركة العقل العربي» قال تريم عمران: إننا الآن أمة أمام مسؤولية بقاء شامل، أو فناء أبدى، وهذا الوضع يستدعي استنفاد كل الطاقات في كل المجالات، وتأجيل كل الصراعات، إن لم يكن وأدها، وذلك لإقامة القوة العربية الواحدة، والصناعة العربية الواحدة، والقاعدة التي تغري الآلاف من العبقريات العربية نحن نطردها، وغيرنا يتبناها فإن رفضت فهو يغتالها. كرامة الإعلام والإعلاميين قال تريم عمران عن الإعلام: نحن بحاجة إلى قوانين تصون كرامة الإعلام والإعلاميين، وتؤكد حقهم في الوصول إلى المعلومات غير المصنفة، وحقهم في المعاملة اللائقة، فلا يتعرضون تحت أي ظرف لمساءلة إلا بإجراءات قضائية، ولا يتعرضون لتوقيف إلا بحكم قضائي، نحن بحاجة إلى مساحة أوسع في إدارة الحوار حول شؤوننا الوطنية كافة بعد أن شب المجتمع، وانفتحت أمامه أبواب الدنيا، بقيمها وثقافاتها، وسلعها، وأمراضها، ويتعرض كل ساعة لآليات قوى الهيمنة، والاختراق والتغوّل، نحن بحاجة إلى رفع مكانة الثقافة، ومكانة الإعلام في المجتمع.
مشاركة :