نشر الشاعر أمجد ناصر نصاً على صفحته في «فيسبوك» بعنوان «قناع المحارب»، جعلني أقف طويلاً لأسترق البصر إلى، رحمة الله، ومؤازرة الأصدقاء، حين تلم بنا مصيبة أو يعترينا عارض.أمجد ناصر كتب نصه المؤلم حد بلاغته، العميق حد وجعه، المنثور حد الشعرية، حول كتلة سمّاها «زهرة متوحشة» تتطرف الجهة اليمنى من رأسه. كتب لها وعنها ومنها نصاً قد يبدو للوهلة الأولى نصاً رثائياً، لكنه في العمق من المقاومة وحب الحياة والتمسك بها.يكفي أنه سأل طبيبه، بعد أن أخبره بأن العلاج لا فائدة منه، عن المدة المفترضة لبقائه على قيد الحياة، لأن لديه الكثير من الكتب لتنجز! أي تمسك بالكتابة والحرف هذا الذي يجعل كاتباً أو شاعراً يسأل عن «وقته» الباقي افتراضاً في الحياة، وكل همه تدوين الأفكار التي في رأسه والمشاعر التي في قلبه؟ أي تمسك بالكتابة والحرف والحياة، هذا الذي يجعل «مريضاً» يكتب سيرته مع «كتلة» غيّرت له مجرى حياته، ما إن يعرف أن عمره على هذي الأرض بات معلوماً وقصيراً حسب رأي الأطباء، قبل أن يثبت لهم أن إرادته ستكون أقوى من توقعاتهم، كما يفعل معظم المصابين بهذه الأورام في الغالب؟نص أمجد ناصر جاء مقاوماً، مستحضراً حياة كاملة اختصرها في بضع صفحات، ومجموعة ذكريات ونصوص.وبين نص ناصر ومنشور الشاعر هاني نديم وقفت طويلاً، إذ كتب الأخير حول ضرورة تكريم المبدعين قبل أن يرحلوا أو يصابوا بداء أو سوء من وحي «النص المرعب» الذي كتبه أمجد ناصر.نعم نحن بحاجة ماسة لنقول لكل مبدع حقيقي:«أنت تستحق التكريم»، من غير أن يشعر بأن المجتمع كرمه خشية موته، أو قبل أن يكرم وهو تحت التراب لا يدري بمن حضر حفله.وأعود لما كتبه أمجد ناصر في مقدمة نصه: لا يولد فجر من دون جرح، لأقول: هكذا ننتظر فجرك يا أمجد وأنت تكتب وتنشر مجموعات كثيرة لتفوق بعمرك ما قدره الأطباء الذين يخطئون تقدير الأعمار دائماً، لأن رحمة الله أوسع. سوسن دهنيمsawsanon@gmail.com
مشاركة :