متصوفة عاشقون| محيي الدين بن عربي.. والهجوم على علماء الرسوم

  • 5/18/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

يشهد التاريخ جدلًا واسعًا ودائمًا ما بين المتصوفة والفقهاء، فكلاهما يمتلك لغة مغايرة ومصطلحات مختلفة، وتلقى الطرفان هجومًا كبيرًا من بعضهما البعض وصلت إلى حد التكفير والتفسيق، وقد حاول الشيخ الأكبر محيى الدين بن عربى أن يفك تلك المشكلة عندما يوضح الفرق بين ميل البعض للظواهر والقشور فى حين تميل الصوفية للقلوب والعرفان والحدس.وقد يكون تعلق الفقه بالأحكام الشرعية من حيث الحلال والحرام، وإنزالها على فعل الإنسان، أكسب بعض أصحابه تسلطا على أفعال الناس، واهتمام زائد بالظاهر دون النظر إلى القصد أو النية، ومن هنا نشأ خلاف دائم بين الفقهاء والمتصوفة.وشن ابن عربى ملة قوية على الفقهاء المعاندين للمتصوفة فى مؤلفاته، قائلا: إن العبادات بحكم التسخير والمشقة للفقهاء، «وأما الصوفية المحققون فعبادتهم لا بحكم التسخير لكن من طريق الشكر... فلم يقدموا أعمالهم ليجدوها ويلحقوا بها، إنما عملوا لأن السيد قال لهم «اعملوا» فلهم العمل والطرح، وللسيد إن شاء القبول، وإن شاء الرد، فهؤلاء توجه عليهم بالتكليف، وارتفع عنهم معناه أى ما فيه من الكلفة والمشقة». ووصفهم أنهم علماء الرسوم وهذه جرأة شديدة من الطبيعى أن تحمل الفقهاء على طرده من بلادهم أو الوشاية به عند السلطان أو تكفيره.ونجده يقول: «والفقيه الضعيف الجاهل صاحب علم الرسوم الذى قد ختم الله على قلبه بشهواته فتراه يلتفت يمينا وشمالا فى صلاته ويُحْرِم الإمام وهو بعد بقدر ركعة فى حضور نيته للصلاة».وعندما ظن الشيخ ابن عربى أن الناس قد يتسرب إليها فهمًا مغلوطًا عنه بسبب معاداته للفقهاء، أسرع موضحًا: «فإياك يا أخى عافاك الله من الظن السوء: أن تظن فى أنى أذم الفقهاء من أجل أنهم فقهاء أو لنقلهم الفقه لا ينبغى أن يظن هذا بمسلم، وإن شرف الفقه وعلم الشرع لا خفاء فيه، ولكن أذم من الفقهاء الصنف الذى تكالب على الدنيا، وطلب الفقه للرياء والسمعة...». وهذا الصنف الذى يذمه، أصحاب المراء والجدال، لا يكفون عن محاربة المتصوفة، وهم فى الأساس يجهلون الطريق وعلومه «ولو سئل عن شرح لفظة مما اصطلح عليه علماء الآخرة ما عرفها وكفى به جهلا». وجهل الفقهاء فى أحيان كثيرة بمفردات الصوفية، كان سببا فى الخلاف الدائر بينهم، ومن المُسلّم به أن السادة الصوفية أصبحت لهم مصطلحات لا تُحمل على معانيها الحقيقية، فكان أولى بالفقهاء أن ينظروا علم القوم قبل التعرض لهم بالنقد والجرح.

مشاركة :