المناصحة وسيلة شرعية فاعلة لمحاربة الفكر الضال - تجربة سعودية رائدة – «2/2»

  • 3/23/2015
  • 00:00
  • 24
  • 0
  • 0
news-picture

تحدثنا في المقال السابق عن تجربة سعودية رائدة ونموذج مشرف لفت العديد من الأنظار الدولية والإقليمية وأشاد به حكماء العالم والمؤثرون في الشأن الدولي داعين إلى الاقتداء بالمملكة والاستفادة من تجربتها في هذا الشأن، وهو برنامج المناصحة والرعاية الذي يستهدف مكافحة الأفكار المتطرفة التي شهدت رواجاً في الآونة الأخيرة لدى فئة قليلة من أبناء هذا الوطن، والعمل على إعادة تأهيلهم واستبدال هذه الأفكار الخاطئة والمتطرفة بأفكار معتدلة وفقاً لضوابط الشريعة الإسلامية السمحة، وما زلنا نواصل الحديث حول هذا الموضوع الحيوي المهم. ومعلوم أن برنامج المناصحة هو مؤسسة إصلاحية تربوية تقوم على ثلاثة محاور وهي الوقاية، والتأهيل، والرعاية اللاحقة، وتتبع آليات محددة تعمل على تأهيل المستفيدين وغرس المفاهيم الدينية الصحيحة المبنية على الوسطية في نفوسهم، وتشجيعهم على بناء شخصية مستقلة معتدلة، واكسابهم المهارات التي تساهم في تسهيل اندماجهم في المجتمع ليتمكن المستفيدون من الوصول لمستوى فكري آمن ومتوازن لهم ولمجتمعهم، من خلال اخضاعهم لبرامج ودورات مكثفة ومتواصلة في مختلف المجالات والأنشطة. ويستهدف هذا البرنامج الأفراد وأسرهم، وأولئك الذين يخشى وقوعهم ضحايا لهذا الفكر. كما يستهدف أيضا السجناء المرتبطين بالانتماء للفكر الضال، وذلك وفق آليات وضوابط محددة يعمل المركز بمقتضاها، ويتم من خلالها تقديم كافة أنواع الدعم للمستهدفين لتحقيق السلامة الفكرية وإعادتهم للطريق القويم. ولا يقتصر الأمر على هذا الحد بل يستهدف البرنامج أيضا نساء المجتمع، إذ أن هناك لجانا نسائية متخصصة على درجة عالية من التأهيل والخبرة والكفاءة تعمل على مناصحة العناصر النسائية من خلال دراسة أحوالهن النفسية والسلوكية والاجتماعية وتأهيلهن بعد القضاء على الأفكار المنحرفة لديهن. ويستهدف برنامج المناصحة النسائية جميع نساء المجتمع بصفة عامة، إلى جانب النزيلات في السجون والمرتبطات بالانتماء للفكر الضال، وذلك من خلال تقديم برامج توعية شاملة تساهم في تحقيق أهداف التوعية الموجهة للعنصر النسائي. كما يُعنى المركز بتقديم برامج مناصحة وقائية وتوعوية لنشر مفاهيم الوسطية والتسامح حيث يتم عقد الندوات والمحاضرات واللقاءات العلمية المتخصصة بصورة مستمرة في كافة أنحاء المملكة لنشر الوعي بين الأفراد والأسر المستهدفة لوقايتهم من مخاطر الأفكار المتطرفة التي تستهدف أمن واستقرار المجتمع، ولحماية أبناء هذا الوطن من التغرير بهم وتجنيدهم لهذا الفكر الهدام. كما تقدم نفس هذه البرامج أيضا عبر شبكة الانترنت لتحقيق مزيد من التوعية والوقاية من هذه الأفكار. وجدير بالذكر أن دور مركز المناصحة لا يتوقف عند حد تأهيل هذه الفئات وإعادة اندماجهم في المجتمع من جديد، بل يمتد دوره لمرحلة ما بعد الاندماج، إذ يقدم للمستفيدين بعد خروجهم من المركز العديد من الخدمات الحيوية كالخدمات التعليمية والوظيفية والاجتماعية والصحية والمعونات المالية وغيرها لكل المستفيدين وذويهم، لتمكينهم من التأقلم والانسجام الاجتماعي، والتعامل مع الصعوبات التي يمكن أن تواجههم أثناء فترة اندماجهم، والتي يمكن أن تتسبب في التأثير على بعض منهم، وبالتالي تؤدي إلى انتكاستهم وربما عودتهم لا سمح الله للأفكار المتطرفة تارة أخرى، وهذا ما فطن إليه القائمون على برنامج المناصحة واتجهوا إلى تحقيقه من خلال العناية بمرحلة الرعاية اللاحقة التي تلي مرحلة العلاج والتأهيل والتي تقود المستفيدين إلى أن يكونوا مواطنين أسوياء ومؤثرين في المجتمع بصورة إيجابية. وفي الختام لا يسعني إلا الإشادة بهذه التجربة السعودية الناجحة والتأكيد على أنها قد استقت منهجها من الشريعة الإسلامية الكاملة والصالحة لكل زمان ومكان وما احتوته من مرونة تستوعب مستجدات العصر، حيث بنى المركز جُل آليات التأهيل على الجانب الشرعي بقصد القضاء على التطرف والتشدد في الفكر باستخدام أسلوب المناصحة الشرعي المبني على مفهوم النصيحة في الإسلام، المستمد من قوله عليه أفضل الصلاة والتسليم: «الدين النصيحة» وهذا المفهوم الشامل يتسع لهذا البرنامج المهم الذي أثبت صلاحيته وقدرته والحمد لله.

مشاركة :