علينا أن نعترف ونبصم بالعشرة أن المرور لدينا قد فشل فشلاً ذريعاً في تحقيق أي إنجاز على أرض الواقع، حتى أن تعاقده مع (نجم) لم يغير من الأمر شيئاً يذكر، بل تحقق المثل الشعبي الشهير: (سعيد أخو مبارك). إن المرور في كل أنحاء العالم مهمتهم أن يجعلوا حياة الناس في الشوارع أسهل وأكثر أماناً، إلا عندنا تجد العكس، عندما ترى سيارة مرور ينقبض قلبك من أن الازدحام سيظل لساعات أكثر وأن تعقيد الحركة المرورية سيزداد.. .. نظراً لأن الإخوة في المرور لا يتنازلون في النزول من سياراتهم وركنها بعيداً عن الزحام، بل يصرون على امتطاء سياراتهم والوقوف بها في منتصف مكان الازدحام، ليسهم في زيادة التوتر والازدحام ويصبح جزءاً من المشكلة بدلاً من أن يكون جزءاً من حلها، ولنا سنوات عدة لم نشاهد رجل مرور يمتطي دراجة نارية، ولا نعرف أهي خرجت من الخدمة أم لا زالت موجودة، ولكن عزة نفس رجل المرور السعودي ترفض أن تجعله يمتطي دراجة نارية مثلما ترفض أن ينزل من سيارته للمواطن، بل على المواطن أن يترجل ويقف أمام باب سيارة رجل المرور المحاذية، حيث إن المواطن يعرف مسبقاً أنه لو وقف أمام الباب الآخر أو طلب من رجل المرور أن يترجل هو نظراً لأنه وضع لخدمة المواطن لزاد حنق رجل المرور عليه وربما خرج بدفتر كامل من المخالفات. نحن سكان مدينة الرياض اكتشفنا مدى تقصير رجال المرور عندما انبرى لمشكلة الازدحام المروري صاحب قرار فيهم وقرر منع دخول الشاحنات في أوقات معينة من النهار، فجعلنا نتنفس الصعداء ونستعيد علاقتنا الحميمة مع مدينتنا ونرفع أكف الدعاء بأن يفرج الله كرب صاحب هذا القرار مثلما فرج كربة الملايين من سكان الرياض الذين عند الخروج لدوامهم والعودة منه يعانون الأمرين بشكل يومي دون أن يكترث لمأساتهم أحد، مع أن رجال المرور قبل هذا القرار يقنعونا أنه لا يوجد حل، لدرجة أنهم قبل عشرين عاماً وضعوا جائزة مليونين ريال لمن يجد لهم حلاً لأزمة الازدحام وقت الذروة. ومع حضور (نجم) لم يتفرغ رجال المرور لحل مشكلات كانوا يحتاجون الكثافة العددية لحلها بل ظل الأمر على ما هو عليه، ولم يعد لسيارات المرور مهمة سوى الوقوف الخاطئ في منتصف الطرقات وعلى الأرصفة في مناظر غير حضارية وفرد عضلات ينم عن حاجة هؤلاء الأفراد لتدريب مكثف للتعامل مع الجماهير وإفهامهم أن المواطن ليس خصماً لرجل المرور.. هذا غير الإحصاءات السنوية التي يصدرها رجال المرور بشكل سنوي عن (التوب تن) مخالفات التي تسبب الحوادث في السعودية، وبتأمل بسيط تجد أن هذه العملية التي يفاخر بها رجال المرور لا تعدو كونها عملية إدخال بيانات تفتقد للدقة خصوصاً بعد انتشار التأمين فأصبج جميع الأطراف لا يكترثون بما يكتب من مسببات للحادث، لسنا متخصصين في هذا المجال لكننا نشاهد الحركة المرورية في مدن أخرى غير سعودية فلم نجد ما نجده هنا، والسبب الرئيس والأهم أن أصحاب القرار في المرور يتحركون فيشبه مواكب ًتضمن لهم المرور السلس مهما كان الازدحام كثيفاً، حتى أن رجل المرور العادي لا يعاني من الازدحام أبداً ولا يشعر به، لأنه عندما يتحرك بدوريته يجبر جميع السيارات التي أمامه أن تتنحى يميناً ويساراً وكأنه سيارة إسعاف، وأتحدى إن شاهدتم سيارة مرور تتحرك مع باقي السيارات المزدحمة بشكل عادي دون إزعاج وفرض سيطرة غير مبررة. إن تنقل سيارات المرور بهذه الطريقة غير الحضارية يوازي مشكلة الشاحنات كسبب من أسباب الازدحام لا يقل أهمية عن الشاحنات، هناك إجراءات حل بسيطة قد تجعلنا لسنا بحاجة لحل أكبر، منها إجبار سيارات المرور أو الدوريات بعدم استخدام هذه الطريقة إلا في الضرورة القصوى وستجدون أننا تخلصنا من مشكلة الازدحام بنسبة كبيرة!
مشاركة :