لا أنكر أنها تجربة ليست بالهينة وتحتاج إلى صبر ومكابدة، لكنك تصل لمرحلة من العمر تجد نفسك محاصراً من نفسك تلك الصديقة التي بداخلك والأقرب لك من أي صديق آخر وهي تلح عليك بالتغير والانتقال إلى مرحلة تجعل سقف توقعاتك أقل وخسائرك -إن حدثت- تكون في حدها الأدنى، أجمل مرحلة تستحق أن تحتفي بها أكثر من أيام ميلادك هي مرحلة قدرتك على أن تصبح ذاك الشخص الذي تتمنى أن تلتقيه ويصبح صديقاً لك تمضي معه أيام عمرك دون خوف من خذلان أو خيبة مفاجأة، إن هذا التغيير الذي يبدأ في حياتك مع وصولك لقناعة أن الصدق في الناس غير موجود بكثرة وأن الماديات بدأت تقود أغلب الصداقات والعلاقات بشكل عام، التغيير بحد ذاته صعب ويحتاج إلى طاقة كبيرة من التحدي والإصرار، اعتنق الصفات الحميدة التي تحبها في أصدقائك وستجد أن حاجتك لهم أصبحت أقل لتمتعك بقوة داخلية تجعل الصديق الأهم الذي تثق به هو نفسك، ستجد أنك ستصبح الصديق الذي يبحث عنه الآخرون وليس العكس، ستجد أنك قد وضعت أعصابك وطاقتك على وضع التوفير، لن يكون لديك وقت تضيعه في مطاردة أخطاء الأصدقاء ومطالبتهم بالاعتراف بها، لأنه لم يعد يعنيك خطأ صديقك أكثر من راحة بالك، ستتقلّص مساحات الحذر في حياتك، ستظهر لك قائمة أصدقاء جدد يشبهون روحك الجديدة أولئك الذين يبنون صداقاتهم على مبدأ الصداقة دون البحث عن منفعة من ورائها، سيخرج أصدقاء كنت تظنهم أصدقاء عمر من قائمة الأصدقاء دون أن تنتبه أو تتأثر لخروجهم، كل شيء سيتغير للأفضل عندما تقرر أنت أن تتغير للأفضل، في هذه المرحلة سيصبح لوقتك قيمة وكل دقيقة تحرص أن لا تهدرها في غير قيمتها، ستتوقف عن تبذير وقتك على أصدقاء لا يهمهم وقتك ولا قيمته، ستبدأ بالاهتمام بصحة الصديق داخلك، الصديق الذي تتمناه، ستحرص على أن يكون سليماً من الأمراض وفي مزاج جيد، ستبعده عن المجالس السلبية والأصدقاء السلبيين، حتى إنك لا تقرأ عليه أخبار الكوارث والحروب حرصاً على أن لا تضيع دقائق من العمر في كدر، مراحل الإنسان ليس في سنوات عمره، بل في وصوله لقناعات حاسمة!
مشاركة :