قبل حوالي ثلاث سنوات كتبت في هذه الصفحة عن معاناة منطقة جازان من العجز الشديد في أسرة العناية المركزة والتنويم في مستشفيات المنطقة وفي تلك الفترة دفعني للكتابة ما عايشته شخصياً من معاناة للحصول على سرير لعلاج عمتي التي توفيت وقتها بسبب ضعف الإمكانات ونقص الأسرة. كنت متفائلاً بأن المشكلة ستحل وأن الوضع سيتحسن مع تلك الأموال الضخمة التي رصدتها الدولة للقطاع الصحي ولكن مع الأسف ها نحن بعد تلك السنوات نعيش نفس السيناريو المؤسف لتكون الضحية الأخرى هي عمتي الأخرى التي لحقت بأختها بنفس تفاصيل تلك المعاناة التي زادت ولم تنقص. هذه المرة كان الحصول على سرير في العناية مستحيلاً بعد رفض جميع المستشفيات الحكومية والخاصة استقبال الحالة لعدم وجود سرير.. لم تنفع الواسطات ومحاولات الاستجداء التي استمرت يومين إلا بالحصول على سرير في قسم التنويم الذي لا يمكن فيه تقديم العلاج النافع.. ولا أعلم كم من الأنفس قد فاضت لباريها وكم من معاناة عايشها أهالي هذه المنطقة الحزينة خلال تلك السنين وكم ستستمر إذا كان توفير عشرات الأسرة يتطلب كل هذه السنوات. نقص الأسرة والكوادر المتخصصة والكوادر الفنية وضعف أغلب المستشفيات التي لا تقدم سوى خدمات لا تزيد خدماتها عن المراكز الصحية أو المستوصفات الخاصة هي ما يؤرق المواطن هنا فلا يهم عند المريض أو عائلته تلك التحسينات الشكلية في رخام وأثاث هذه المستشفيات.. ما يهم المريض أن يحصل على علاج بيسر وسهولة دون أن يستجدي الطاقم الطبي والإداري ليحصل على سرير. ما تعانيه المنطقة من الوضع الصحي لا تكفي لشرحه عشرات الصفحات من الورق ولا يحتاج لأحد أن يشرحه فهو واضح أمام الجميع ولكنه يحتاج إلى إرادة قوية من المسؤول عن صحة المواطن وهي وزارة الصحة ومتى ما ظلت هذه الوزارة تتبع لنظامها السابق وبيروقراطيتها المعهودة فلن نسمع عن أي تحسينات أو مستشفيات متخصصة إلا على الورق كما هو الحال منذ سنوات مع مستشفى جنوب جيزان ومستشفى الحميات بالعارضة ومستشفى النساء والولادة وغيرها وكلها لم تنجز ولم يبدأ العمل بها رغم أن ميزانياتها قد رصدت منذ سنوات عدة وكلها تعثرت بأسباب غير مبررة وغير منطقية ولكن مع الأسف هذا هو حال جميع أو أغلب مشاريع وزاراتنا التي تقف أمام أي عثرة بسيطة فلم نشاهد مشاريع نفذت في وقتها وبنفس الجودة إلا تلك المشاريع التي وقف وراءها ولاة الأمر بشكل مباشر كتوسعة الحرم وجامعة الأميرة نورة وملعب الجوهرة وغيرها وهنا نطرح السؤال: هل نحتاج إلى تدخل القادة لإنهاء كل المشاريع حتى يراها المواطن في الوقت المحدد الذي سمعه عند إعلان هذا المشروع؟ أتمنى أن يكون الجواب لا بعد اليوم خاصة أننا نتفاءل بالأسلوب الجديد لدى قادة هذه البلاد خاصة مع ما نسمعه من متابعة مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية لما يتم إنجازه من قبل هذه الوزارات الخدمية وكلي أمل أن ينبثق من هذا المجلس إدارة فاعلة مهمتها متابعة المشاريع التي تعلنها الوزارات ورفع تقارير دورية لما يتم إنجازه ورصد أي تعثر قد يحدث ومساءلة الوزير المسؤول عن ذلك.. عندها لن نسمع عن أي مشروع متعثر بسبب أعذار «وزارية» واهية.
مشاركة :