يا بوي رسلي الغنم واللؤلؤ! (2).. فهد بورسلي (1918-1960) - أحمد الواصل

  • 3/25/2015
  • 00:00
  • 13
  • 0
  • 0
news-picture

يقدم الكاتب والروائي الكويتي حمد العبد المحسن الحمد كتاباً عن "فهد راشد بورسلي شاعر الكويت الشعبي: رحلة الإبداع والتمرد والمعاناة" (جداول، بيروت، 2015). وقد سبق أن أنجز كتاباً عن شاعر آخر "فايق عبد الجليل: رحلة الإبداع والأسر والشهادة" (آفاق، الكويت، 2014)، وقد ظهر في الكتابين أسلوب بدا يتضح عند الكاتب في تأليف كتب السيرة الغيرية يعتمد على استعراض المصادر والمراجع بحسب المادة المتوفرة، سواء في حياة الشخصية أو ما كتب لاحقاً بعد وفاته، في دور استقصائي لا يخلو من أساسيات البحث في حدوده المتعارف عليها، ويهدف إلى رسم صورة تاريخية وثقافية عن تلك الشخصية، ويعد فرصة للتعريف المتجدد بشخصيات كبرى من "الثقافة الشعبية" في منطقة الجزيرة العربية. إذ يمثل الشاعر فهد بورسلي (1918-1960) علامة من علامات "الثقافة الشعبية"، ما أدعوه ب "الثقافة النجدية" بفروعها في وسط وشمال وشرق الجزيرة العربية -أو الخليج العربي-. هذه الحلقة الثانية. وقد كتب عنه عبدالعزيز حسين (1920-1996) مقالة في مجلة البعثة عام 1951 للتساؤل عن سبب احتجازه وفيها ذكر أن الشاعر أعد قصيدة موجهة إلى الشيخ عبدالله السالم للنظر في أمره. وإذا كان الشاعر قد أنهى حياته المرض، وتعرّض في حياته إلى الاحتجاز في المصحة النفسية، فهو لا زال باقياً في الذاكرة الخليجية عبر سامرية أو أبيات شوارد لا تمحى. فقد رثاه الشاعر خالد العياف عند وفاته: "بكيت وهلّت الدمعة ** على اللي انطفى شمعة أنا اللي أقرا أشعاره ** وأردّد ماضي أخباره فهو اللي ترك داره ** وودّع بالشعر ربعه" وظل الشاعر يستذكر في العقود اللاحقة عبر مقالات عدة تستعيد نصوصه الشعرية إما بالإشارة إلى أزمة سياسية وإما إلى سامرية تستعاد بحنجرة جديدة. إن ما تبقى من تراث فهد بورسلي هو تسجيلات لقصائده الاجتماعية والسياسية بصوته في مركز الفنون الشعبية 1956، من بينها ما أذاعه بصوته أسبوعياً في إذاعة شيرين (1948-1951)، وما تنوقل من "الشعر المغنى" كثير من القصائد في فن السامري وفن الخماري وفن الفريسني وبعضها بستات عراقية إما من عبدالله فضالة ومحمود الكويتي وعائشة المرطة وإما من فرقة الفنطاس والعبيدي والمهنا. ويحفظ من شعره في أرشيف المجلات الكويتية كالبعثة والرائد وكاظمة والفكاهة، وما طبع الشاعر في ديوانه الأول "السامريات والفنون للشاعر الشعبي فهد بورسلي" (1952) ثم صدوره بعنوان "مقتطفات من ديوان بورسلي" (1954) وطبعة أخرى عام 1955 -زوّرت الطبعات لاحقاً- ثم أصدرت وزارة الإعلام في الكويت "ديوان فهد بورسلي" (1964)، وبعدها أصدرت ابنته وسمية بورسلي "ديوان شاعر الكويت الشعبي فهد بورسلي" (1978) في طبعات عدة. يعلّل الباحث الحمد لقب الأسرة المقيمة منذ قرون في الكويت، في كوت ابن عرير، عندما كانت تتسمّى بالقرين، من رواية شفوية منقولة عند أبنائها إذ سرى هذا اللقب نتيجة اختزال نداء الجد لإحدى بناته "يا بوي رسلي الغنم" أي: اجمعيهم. وقد استقرت سلالات الأسرة في حي شرق حيث ولد الشاعر في سنة الرحمة (انتشار وباء الإنفلونزا) والده راشد بن ناصر بورسلي من كبار الطوّاشين (تجار اللؤلؤ)، ولم يتوفر له أي تعليم نظامي غير ما التقطه من الدروس الأولية في الكتاتيب غير أن مصادر أخرى تشير إلى أنه تلقى العلم في بعض المدارس الأهلية بحسب عبد الرزاق العدساني. جاء الشعر إلى فهد بورسلي –كأنما الوهم في الشعر وراثة- عن طريق سلالة شعرية ينتسب إليها الشاعر من بيت خؤولته (عائلة السيف من بريدة بالقصيم)، فوالدته حصة بنت موسى السيف، وخاله الشاعر ملا علي السيف كتب قصيدة في مدح الملك عبدالعزيز آل سعود تغنى بها عبداللطيف الكويتي.

مشاركة :