وقد أقيم مهرجان الملا عثمان الموصلي للفترة من 15 - 18 أيلول 2006 في أربيل، وقدم الباحث حبيب ظاهر العباس ورقة عمل بعنوان "أضواء على حياة وإنجازات الملا عثمان الموصلي"، وأشار فيها بشكل خاطف إلى أن ألحانه الدينية صارت أغنيات عاطفية مع سيد درويش، ومحمد القبانجي، ومحمد العاشق، وناظم الغزالي، غير أن التلميح يقصد نسبة تلك الألحان إلى سيد درويش بشبهة السرقة، بينما كان الآخرون يتغنون بها بعد تغيير كلماتها من دون نسبتها لهم مثل موشح "يا صفوة الرحمن" الذي صار أغنية "ربيتك صغيرون" لمحمد القبانجي، وموشح "صلوا على خير مضر" صار أغنية "يا ناس دلوني" لمحمد العاشق (خلدون، الموصل، 2010). وما يهم هنا ليس مسألة إثبات سرقة ألحان الموصلي، ولا انتشارها في حوض البحر المتوسط بل هو تحولها إلى جزء أساسي من ذاكرة القرن العشرين الشعبية. وما تناقل أو تواتر الألحان بكلمات مختلفة وترحالها خارج مسقط رأسه في العراق ليس لتنقلاته هو نفسه بين تركيا والشام ومصر، بل تلك المفعولية لألحانه أن تعيش بذات اللحن بثوب من الكلمات جديد، حين منحت حياة جديدة أغنية "زوروني كل سنة مرة" بصوت فيروز منذ الخمسينيات، وأغنية راسبوتين لفرقة بوني إم منذ السبعينيات. وسنرى من خلال هذا البحث أنه استمرت حياة ألحان وترحالها من بيئة نشأتها، سواء للعمل أو المناسبة أو الترفيه، نحو الأعمال الدينية وعودتها إلى الأعمال العاطفية!، وأعيد تأهيل كثير من الأغنيات بمواضيع من زمن غنائها كانت لأساطين الغناء والتلحين في القرن التاسع عشر عند تجارب في القرن العشرين مثل عبدالله الفرج ومحمد عثمان وأبو خليل القباني وداوود حسني. فهل يعرف أحدنا أن أغنية "يا نخلتين في العلالي" (1962) لوردة (من فيلم "ألماظ وعبده الحمولي") التي أعدها بليغ حمدي لحناً وأعد كتابة النص صالح جودت هي متواترة عن عصر العوالم (1900-1927) للمغنية الكبيرة أمينة الصرفية (بطرس، 1976، 124) تحولت إلى تراث مجهول الأبوين، وأغنية "قولوا لعين الشمس" (1967) لشادية هي أيضاً لأمينة شخلع (توفيت 1924)، وهي قد شدت بها لمناسبة سياسية عام 1910 استثمرها لاحقاً الشاعر مجدي نجيب عام اعتقاله في سجن الواحات 1959-1964. ويذكر أن السيدة فيروز شدت في مسرحية "فخر الدين" (1966) بأغنية "يا ماريا" التي أعداها كلاماً ولحناً الأخوان رحباني مغفلة عن اسم ملحنها الأساسي وهو داوود حسني (1870 - 1937) بينما شدت فرقة رم لمؤسسها طارق الناصر بأغنية "يا محلى هالفسحة" (2000) من مجموعة غنائية بعنوان "يا روح" وهي أيضاً للملحن داوود حسني!. وشدت فيروز في حفل دمشقي عام 1960 بالقد الحلبي "يا طيرة طيري يا حمامة" كذلك أدت شادية ذات القد الحلبي في فيلم "خياط للسيدات" (1969) وهو ينسب للملحن السوري أبو خليل القباني (1833 - 1903م) كذلك سجلت له سعاد محمد موشح "ما احتيالي" (1972).
مشاركة :