بعيداً عنا.. كان يا ما كان

  • 3/26/2015
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

قبل أيام أُعلن خبر وفاة مؤسس دولة سنغافورة «لي كان يو» والذي لي الكثير من الذكريات حول دول منطقة شرق آسيا منذ الستينيات الميلادية، حيث كانت منكوبة بالفقر والتزايد السكاني العشوائي، وبالخطر الأمني من جيرانها، مثل كوريا الجنوبية وتايوان وغيرهما، وفي المقابل كانت الدول العربية تنعم بجزالة الموارد الطبيعية والزراعية والقرب الجغرافي ووجود طبقة في أغلب الدول العربية ذات مستوى تعليمي راقٍ وجامعات كانت تضاهي غيرها.. ظهر «لي كان يو» في أواخر الخمسينيات، وكانت الصحافة ترصد أخباره بشكل متواضع بسبب تخلّف وسائل الاتصال في ذلك الزمان، بالإضافة لعدم أهمية سنغافورة سياسياً وقتذاك.. لكن كان يلفت النظر نحوه شيء من التشابه مع الحبيب بورقيبة، فكلاهما درس لدى أرقى جامعات المستعمر وناضل بشكل مسالم ضد الاستعمار، وأعطى كل منهم التعليم نصيباً كبيراً من اهتمامه، لكن بورقيبة - رحمه الله - كان يهدف لبناء دولة مدنية، و«لي يو» كان يهدف لشيء آخر؛ وهو تحويل سنغافورة إلى دولة ذات خصوصية تميّز اقتصادي وبيئي وعلمي.. هناك سنغافورة ذات خصوصية أعراق متعددة من صينيين وهنود وأقلية ماليزية وديانات متعددة في جزيرة فقيرة بكل شيء ومحاطة بين دولتين كبيرتين لم تكن علاقتهما جيدة مع بعضهما، ومع ذلك شهدت سنغافورة نمواً جذب العالم.. وفي السبعينيات بدأت تشهد تزايد حديث الصحافة العالمية عنها.. هذه القصة المشرفة للمؤسس السنغافوري بسبب أنه لم يبنِ مشروع تنميته على شعارات فارغة بل على أرقام حقيقية تعكس التنمية، وقوانين صارمة تخيف الجميع، وكان عدوه الأساسي هو الفساد.. ذكريات مرت بالمعاصرة مع نمو سنغافورة وقصة تنمية جزيلة بالمعرفة والاهتمام، وكنا نرى تلك الجزيرة تكبر مع اقتصادها وسكانها، وفي المقابل نرى العالم العربي - للأسف - يتآكل وتتفكك خرائطه بين ميليشيات مشبوهة وثروات مهدرة ومسيرة لا تسير.. لمراسلة الكاتب: turki@alriyadh.net

مشاركة :