تواصلت في واشنطن، ردود الفعل على تصريحات كبير مساعدي البيت الأبيض، دينسس ماكدونو، الذي فجر جدلا صاخبا قبل يومين، حين دعا إسرائيل إلى إنهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية المستمر منذ 50 عاما، واستخدم تعبير «احتلال» للمرة الأولى. وفيما توقع جميس بيكر، وزير الخارجية في عهد الرئيس بوش الأب، لإسرائيل، مستقبلا صعبا جدا، احتج السناتور لندسي غراهام (جمهوري، ولاية نورث كارولينا)، على استخدام ماكدونو تعبير «احتلال» في خطاب في «جي ستريت»، (اللوبي اليهودي الجديد، الليبرالي، المعارض لتحالف حزب «ليكود» في إسرائيل، والمعارض لمنظمة «إيباك»، أكبر منظمات اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة. وكان غراهام قد اتهم ماكدونو بـ«استخدام لغة الإرهابيين نفسها.. اللغة التي يستخدمها هي، تماما، اللغة التي تستخدما (حماس)». وتساءل غراهام: «هل تحتل إسرائيل الضفة الغربية، أم أنها هناك لكي تضمن عدم تحولها إلى غزة؟»، في إشارة واضحة إلى سيطرة حماس التي تعتبرها إسرائيل «قاعدة إرهابية». وأضاف: «يرى كبير موظفي البيت الأبيض عالما مختلفا عن العالم الذي أراه أنا». وذهب غراهام إلى حد تحذير أوباما، من أن عدم استخدامه حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن، ضد القرارات المعادية لإسرائيل، فإن الكونغرس «سيعيد حساب طريقة تعاملنا مع الأمم المتحدة». على حد قوله. ودعا غراهام الرئيس الأميركي إلى الاستيقاظ وتغيير سياسته، واستخدم في ذلك ضمير المخاطب ذي النبرة غير الودية حين قال: «غير سياساتك قبل أن تضع العالم كله على النار. أرجو الانتباه لما تقول.. أنت تجعل كل شيء يتحول من سيئ إلى أسوأ. والآن، أنت صببت الزيت على النار». وانتقد المرشح الجمهوري المتوقع للرئاسة، جيب بوش، ما قاله جيمس بيكر، على الرغم من كونه من قادة الحزب الجمهوري، وصديقا قديما لعائلة بوش، بداية من الرئيس بوش الأب، والآن مستشار لحملة الانتخابات الرئاسية المتوقعة لجيب بوش. وقال إنه يختلف مع من ينتقدون إسرائيل. وكان بيكر انتقد تصريحات نتنياهو في الساعات الأخيرة من حملته الانتخابية في الأسبوع الماضي، بأنه لم يعد يؤيد حل الدولتين للصراع الإسرائيلي الفلسطيني. وأضاف بيكر: «بصراحة، خاب أملي لعدم تحقيق تقدم نحو سلام دائم. والآن، يخيب أملي أيضا.. أنا أظل متفائلا بحذر. وأكرر كلمة (حذر). لأنه يبدو لي أن مستقبل إسرائيل، وفي ظل غياب أي حل للدولتين، يمكن أن يكون صعبا للغاية، في أحسن الأحوال». من جهة أخرى، قال زيف شافيتز، المعلق في تلفزيون «فوكس» اليميني: «آخر مرة، في الواقع المرة الوحيدة، التي هددت فيها الولايات المتحدة إسرائيل بشكل سافر، كان في عام 1956، عندما أمر الرئيس آيزنهاور رئيس الوزراء ديفيد بن غوريون بالانسحاب من سيناء». وأضاف شافيتز: «بلع بن غوريون ريقه، ونظف حلقه، وأطاع آيزنهاور». وقال أيضا، إن إسرائيل كانت في ذلك الوقت، ضعيفة، وجديدة، وكانت الولايات المتحدة هي القوة العظمى العليا في العالم. و«كان آيك (آيزنهاور) هو آيك، زعيم دولي لا جدال فيه (...) لكن أوباما ليس في قوة آيزنهاور. ولم تعد إسرائيل ضعيفة وجديدة. حتى الرئيس جيم كارتر لم يكن في قوة آيزنهاور. لهذا، قال له مناحم بيغن: «ليست إسرائيل جمهورية من جمهوريات الموز (في أميركا اللاتينية)، وليست حاملة طائرات أميركية». وعن «احتلال» الضفة الغربية وغزة، أشار شافيتز إلى أن 10 رؤساء وزارة متعاقبين في إسرائيل قاوموا ضغوط الانسحاب، وضغوط قبول دولة فلسطينية، وأن موقف كل حكومة إسرائيلية هو: «الانسحاب من الضفة الغربية في ظل الظروف الراهنة، ليس آمنا ولا حكيما. كما أن الموافقة على الاتفاقية التي يريدها أوباما مع إيران تظل أمرا خطيرا». ودخل سفير إسرائيل في واشنطن، رون ديرمر، على خط الجدل الدائر، وقال إن إنهاء الاحتلال سيضر بسلامة إسرائيل. وأضاف، في مقابلة تلفزيونية: «في الوقت الراهن، إذا أسسنا دولة فلسطينية في الضفة الغربية، في أرض يهودا والسامرة، سنرى قاعدة إرهابية مسلحة أخرى تستخدم لشن هجمات ضد إسرائيل». وقال دانيال درزنار، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة «تافت» (ولاية نيويورك)، وزميل في مركز «بروكنغز» في واشنطن: «ليست هذه مشكلة عادية بين دولتين حليفتين. يبدو أن هناك شيئا لا نعرفه. لا أعرف إلى أين تتجه هذه المشكلة الفريدة من نوعها. هل ما قال ماكدونو (كلمة «احتلال»)، كان غير مكتوب في خطابه الرسمي؟ هل وافق أوباما على ذلك؟» وأضاف درزنار: «في كل الحالات، هذا شيء يدعو للقلق. إما أن أوباما يحس بأن إساءة كبيرة لحقت بالولايات المتحدة، ولهذا لا مانع من انتقاد نتنياهو علنا، أو أن نتنياهو فعل شيئا مؤذيا جدا للولايات المتحدة، أكثر إيذاء مما يعلن البيت الأبيض». وقال كيث كوفلار، وهو صحافي غطى البيت الأبيض لـ20 عاما، ويحرر اليوم، موقع «ما وراء البيت الأبيض»: «ليس هناك شك في أن هذا الحديث (عن «الاحتلال») حديث مخيف جدا. على الذين يصرخون موافقين على نهاية ما يسمونه (الاحتلال) أن يسافروا إلى إسرائيل بعد تأسيس ما سيشبه «دولة الخلافة الإسلامية..عندما ستهطل القنابل مثل المطر».
مشاركة :