كانت العباءة ولا تزال الزي الرسمي في شهر رمضان في المنطقة العربية. اللافت فيها الآن أنها لم تعد قصراً على امرأة من جيل معين بل أصبحت تخاطب كل الأجيال، بل الملاحَظ أيضاً أنها استقطبت الأجنبيات اللواتي وقعن تحت تأثير سحرها. فحتى عندما لا يلبسنها بتصميمها التقليدي، يخترنها بتصاميم مستوحاة منها، دائماً طويلة ومفتوحة من الأمام فاسحة المجال لرؤية ما يلبسنه تحتها. ففجأة تغيرت النظرة العالمية إليها. لم تعد رمزاً من الرموز التي تُكبل حرية المرأة وتشهد على خنوعها، بقدر ما أصبحت وسيلة للتحرر من قيود الموضة وما تفرضه عليها من ملابس إما ضيقة جيداً أو «سبور» جداً. لكن بعضهن، والحديث هنا عن الأجنبيات، وجدنها أيضاً طريقة دبلوماسية للتعبير عن مشاركتهن زميلاتهن وصديقاتهن أجواء رمضان. ولا شك أن ما شجعهن على ذلك التغييرات التي طرأت عليها وجعلت منها زياً أنيقاً ومريحاً في الوقت ذاته، كما له علاقة بالحاضر. فبعد أن كان يفترض فيها سابقاً أن تكون واسعة، من دون ملامح أو خطوط، وباللون الأسود دائماً حتى تُجسد الحشمة وتحترم التقاليد، خضعت لتغيرات الموضة وما فرضته من رفض للمفاهيم التقليدية. فالعباءة لم تعد إلزامية بل خيار أنيق تُقبل عليه المرأة طواعية لتعبر به إما عن هويتها وإما عن شخصيتها. وحتى على المستوى العالمي والتجاري، وبعد دخول مصممين عالميين مجالها في محاولات منهم للتودد إلى سوق الشرق الأوسط، اكتسبت جمالية لا يستهان بها من ناحية أنها يمكن أن تعبّر عن أسلوب خاص في حال تم التعامل معها بطريقة صحيحة. صحيح أنها في الشرق تعبر عن هوية وثقافة، لكنها بأشكالها الحالية أصبحت تعانق ثقافات أخرى تستلهم منها، مثل الكيمونو الياباني أو القفطان المغربي. وهذا يعني أنها الآن مادة غنية يستلهم منها المصممون الغربيون الكثير لا سيما في ظل الموضة المحتشمة السائدة حالياً. بعضهم يغرف منها بشكل حرفي مثل ما قامت به دار «دولتشي آند غابانا» في عام 2016 وبعضهم الآخر بشكل خجول، لسان حالهم يقول: إنه من الأفضل ترك الخبز لخبّازه، أي للمصممات المحليات. والحقيقة أنه لا يمكن تجاهل ما قامت به المصممات العربيات في هذا المجال مثل «فيلفت عبايا» من الكويت و«ديفا هوت كوتير» من الإمارات وغيرهما من تغييرات شملت التطريزات المحسوبة والخامات إلى جانب قصاتها المنسدلة التي تجعلها مريحة وسهلة التنسيق مع قطع أخرى، قد تكون بنطلون الجينز أو فستاناً. ولا شك أن الخامات هي أكثر ما يركزن عليه في الآونة الأخيرة. فهي تأخذ بعين الاعتبار العوامل الموسمية وتغيرات الطقس والفصول وأيضاً المناسبات. فللصيف أُدخلت أقمشة مثل القطن والموسلين والحرير والدينم، وللشتاء خامات دافئة مثل المخمل والصّوف. أما للمناسبات فرأينا أقمشة لم تكن تستعمل فيها من قبل مثل التول والدانتيل.نظرة واحدة في المجمعات والمطاعم وحتى الشوارع العالمية، تؤكد أن بنات هذا الجيل يتفنّن في تنسيقها بطرق تعكس عصرهن وتضفي عليها حداثة في الوقت ذاته.ما نستخلصه من هذه الإطلالات أن:> الأسود قد يكون هو اللون الرسمي للعباءة، لكنّ ألوان الباستيل تسللت بقوة وأصبح من الممكن اعتمادها مع وشاح كبير بدرجات ألوان مقاربة لإطلالة ديناميكية تناسب طقس الربيع والصيف كما تضفي على الإطلالة بعض الحداثة. المهم أن نتذكر أن العباءات الملونة بالوردي أو البيج أو الأحمر أو الأزرق أو المرجاني، تعكس الجمال والتألق كما تعكس روحاً شبابية.> لا بأس من بعض الجرأة واختيارها غنية بالتطريزات، فهذه تضفي عليها لمسة شرقية لا مانع منها شرط أن تكون باقي الأزياء والإكسسوارات بسيطة بلون واحد. أما في حالة كانت العباءة بسيطة وخالية من أي تطريزات، فمن السهل إضافة بعض الإكسسوارات اللافتة إليها. قلادة طويلة وعريضة أو حزام بلون قوي وجريء من شأنه أن يغير مظهر عباءة سوداء عادية ويرتقي بها إلى مرحلة جديدة ومتجددة. يمكن أيضاً تزيينها باستعمال مجوهرات لافتة من الذهب أو اللؤلؤ أو أي أحجار ملونة.> عندما يتم مزج التقليدي بالمعاصر كأن تكون القَصّة عصرية والتطريزات يدوية أو أن يكون القماش تقليدياً والجيوب كبيرة وواضحة فإن النتيجة تكون دائماً موفقة. في هذه الحالة يشير العديد من المصممات إلى أن ألواناً فاتحة مثل الأبيض أو البيج وما شابههما تساعد على إبراز العمل اليدوي أكثر. لكن إذا كان الأسود هو المفضل لديك، فلا بأس من إضافة رشّات من لون مختلف مثل الأخضر أو الأرجواني أو الذهبي عند الكتف أو الجيوب أو الحواشي.> التصميم الفضفاض لا يزال دارجاً لا سيما في مناسبات المساء والسهرة. والمقصود هنا العباءة الكلاسيكية ذات الأكمام المنفوخة والمجمّعة عند الأكتاف، لكن لا بد من الإشارة إلى أن أقمشتها تغيرت وأصبحت أكثر مواكبة للعصر، بحيث يمكن مزج نوعين من الأقمشة في عباءة واحدة أو استعمال قماش شفاف في بعض الأجزاء لإضفاء بعض الحركة عليها، وسميك في أجزاء أخرى للحفاظ على مفهوم الحشمة.> بعض فتيات الجيل الجديد يملن إلى العباءات الكلاسيكية لما توحيه إليهن من حنين إلى الماضي وتشبث بالهوية، على الأقل في المناسبات الرسمية، لكن في الحياة العامة، فهن يُقبلن على تصاميم أخرى يعرفن أنها تفي بالمطلوب وتتماشى مع كل المناسبات في الوقت ذاته. مثلاً تبدو في مكانها الطبيعي في شهر رمضان، عند حضور أي حفل إفطار أو سحور، كما ستستفيد منها بعد رمضان عند تنسيقها مع بنطلون ضيق أو فستان مستقيم.
مشاركة :