كشفت صحيفة «دَيلي كوللر» الأميركية النقاب عن تكثيف النظام القطري محاولاته لترميم علاقاته مع جماعات اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة، بعدما ثار غضب قادة هذه الجماعات إثر نشر قناة «الجزيرة» المملوكة له مقطعاً مصوراً، نُظِرَ إليه على نطاقٍ واسعٍ على أنه يتضمن نفياً للمحارق التي وقعت لليهود على يد النظام النازي خلال الحرب العالمية الثانية، والمعروفة باسم «الهولوكوست». وقالت الصحيفة في تقريرٍ أعده الصحفي المتخصص في الموضوعات الاستقصائية لوك روسياك، إن النظام القطري استعان في محاولاته المستميتة لإخفاء أي أثرٍ لهذا المقطع المثير للجدل، بالشركة المالكة لموقع تويتر للتدوينات القصيرة، بهدف منع المغردين من تداول نسخةٍ منه تتضمن ترجمةً باللغة الإنجليزية لما ورد فيه. وأشار التقرير، الذي حمل عنوان «الجزيرة تستعين بتويتر لإسكات المنتقدين»، إلا أن الموقع تذرع في هذا الصدد بحقوق الملكية التي تحتكرها القناة القطرية المشبوهة، في ضوء أن المقطع الذي تصل مدته إلى سبع دقائق نُشِرَ من جانب خدمة «أيه جيه بلاس» الرقمية التابعة لها. وأوضح أن «تويتر» فرض إجراءاتٍ رقابيةً لمنع تداول النسخ التي أعدتها وسائل إعلام غربية من المقطع، وأضافت لها الترجمة الإنجليزية، للوصول إلى العدد الأكبر من المستخدمين الغربيين، وفضح المحتوى المتطرف الذي دأبت «الجزيرة» على الترويج له. واستعرضت الصحيفة الأميركية -ذات التوجهات المحافظة- الإجراءات المتسارعة التي اضطر النظام القطري لاتخاذها لحماية نفسه من غضب يهود الولايات المتحدة، الذين يستجدي دعمهم في الأوساط السياسية والإعلامية في الدولة الأكبر في العالم منذ أن اتخذت الدول العربية الأربع الداعمة لمكافحة الإرهاب (السعودية والإمارات ومصر والبحرين) إجراءاتها الصارمة ضده في منتصف عام 2017. وأشارت إلى أن الدوحة سارعت بعد أن ثارت الضجة ضدها بسبب مقطع «الهولوكوست» -الذي تضمن تشكيكاً في عدد ضحايا النظام النازي في المحارق- إلى تقديم اعتذارٍ صريحٍ، واتخاذ قرارٍ بإيقاف اثنين من صحفيي «الجزيرة» عن العمل باعتبارهما مسؤوليْن عن المقطع، الذي قال معدوه إن «الحركة الصهيونية استغلت (الهولوكوست) لصالحها»، وإن إسرائيل «المستفيد الأكبر» من هذه المحرقة. وأبرز التقرير البيان المُخزي الذي نشرته إدارة «الجزيرة» في هذا الشأن على لسان المدير التنفيذي للقطاع الرقمي في الشبكة ياسر بشر، وقال فيه إن «المقطع المصوّر تضمن إساءةً واضحةً، وأن الشبكة تتبرأ منه ولا تقبل بنشر مثل هذا المحتوى على منصاتها وقنواتها الرقمية». ولفتت الصحيفة الأميركية الانتباه في تقريرها إلى أن رضوخ النظام القطري وقناته المُروجة للإرهاب للضغوط الإسرائيلية، بلغ حد توجيه مديريها رسالةً داخليةً لموظفيها يكشفون فيها عن استحداث «برنامجٍ تدريبيٍ إلزاميٍ، يعزّز الوعي بحساسية بعض القضايا لدى منتجي المحتوى الرقمي للشبكة»! ولكن «دَيلي كوللر» أكدت أن سحر القناة القطرية المثيرة للجدل انقلب عليها بعدما واصلت وسائل الإعلام الغربية الهجوم عليها من جهة، وتعرضت لانتقاداتٍ -من جهةٍ أخرى- من جانب المعلقين على الإنترنت الذين اتهموها بالتضحية بصحفييها ككباش فداء لإنقاذ ماء وجه نظام تميم، وعلاقاته المريبة بـ«اللوبي اليهودي» في الولايات المتحدة. ونقلت الصحيفة عن محللين سياسيين معنيين بقضايا الشرق الأوسط قولهم إن مسارعة «الجزيرة» بحذف مقطع الفيديو المثير للجدل لا يعني تغييرها لتوجهاتها وإنما يأتي فقط لكونها قد «ضُبِطَتْ متلبسة»، مُشيرين إلى أن التوجهات المتطرفة للمحطة القطرية قائمةٌ منذ إنشائها. وأضاف المحللون أن ما اتخذته القناة من إجراءات خاصة بفصل اثنين من صحفييها يعني أنها تُدار من جانب «حفنة من الجبناء الذين لا يستطيعون الوقوف وراء موظفيهم عندما يتعرضون للانكشاف». واختتمت الصحيفة الأميركية بالإشارة إلى محاولات الدويلة المعزولة كسب النفوذ على الساحة الداخلية في الولايات المتحدة، عبر تمويلها السخي للعديد من المؤسسات هناك، وخاصة الجامعات والمراكز البحثية، فضلاً عن التعاقد مع شركات الدعاية والعلاقات العامة بهدف تبييض سجلها الأسود الحافل بوقائع تمويل التنظيمات الإرهابية وإيواء قياداتها ومنحهم الفرصة للظهور من خلال وسائل الإعلام التابعة لها، وعلى رأسها «الجزيرة».
مشاركة :