سليمة لبال – كشف تقرير نشرته صحيفة لوموند الفرنسية أن الصين تنتج 90 في المئة من احتياجاتها من المعادن النادرة، ما سيعزز موقفها في الحرب التي تقودها الولايات المتحدة ضد شركة هواوي. توقف الرئيس الصيني تشي جين بينغ خلال زيارته في 20 مايو الجاري لضاحية جيانغزي في جنوب غربي الصين، في مصنع لمعالجة المعادن النادرة. وكانت تشي برفقة نائب رئيس الوزراء ليو هي المكلف بالمفاوضات التجارية مع الولايات المتحدة الأميركية وهناك قال جملة قصيرة سمعها جميع الحضور: «هذه المعادن تستخدم في كل مكان ابتداء من السيارات الكهربائية وانتهاء بصناعة الاسلحة اضافة الى الليزر والهواتف الذكية، إنها بمنزلة مورد استراتيجي». كان واضحاً أن هذه الجملة هي بمنزلة تهديد صيني بالانتقام، جاءت عقب قرار الرئيس الاميركي دونالد ترامب ووضعه هواوي ضمن قائمة سوداء لكبح انتشار تجهيزات الجيل الخامس للعملاق الصيني في مجال الاتصالات. ثلث الاحتياطي العالمي تملك الصين ثلث الاحتياطي العالمي من المعادن النادرة التي يقدر الجيولوجيون الأميركيون حجمها بـ120 مليون طن، لكنها تنتج اكثر من 90 في المئة من احتياجاتها من المعادن النادرة التي تستخرجها من اراضيها او تقوم باستيرادها لتجري معالجتها في مصانعها، قبل ان يجري تصديرها مرة أخرى باتجاه الولايات المتحدة على وجه الخصوص. ويشعر الغربيون واليابانيون اليوم بانهم وقعوا في فخ لأنهم سمحوا للصين باحتكار صناعة ملوثة، لكنها غير مربحة كثيراً، بحيث ستشكل أداة مساومة في المفاوضات أو سلاحا تستخدمه الصين ضدها. سوق في الاتجاهين في عام 2010 وخلال تصاعد التوتر بشأن جزر بحر الصين الشرقي، أوقفت الصين تزويد اليابان بالمعادن النادرة، معاقبة بذلك شركات عملاقة مثل تويوتا وباناسونيك، لذلك ليس مستبعداً أن تعمد الى توقيف تصدير المعادن النادرة مؤقتاً بذريعة حماية البيئة وإن كانت قد أدينت في وقت سابق من قبل منظمة التجارة العالمية. ومن بين الـ3800 منتج صيني التي يرغب دونالد ترامب في فرض رسوم عليها بنسبة 25 في المئة لدى دخولها الولايات المتحدة، استثنى الرئيس الاميركي 17 معدنا نادرا من القائمة، وذلك لكون هذه المعادن ضرورية لعدد من الصناعات الاستراتيجية في الولايات المتحدة. وفي الوقت الراهن فإن أي تصريح غامض او قرار سياسي، سيفهم على ضوء الحرب التجارية والتكنولوجية الصينية الاميركية. وكان يكفي ان تبيع الصين التي تعد أول دائن أجنبي للولايات المتحدة بـ1200 مليار دولار، كان يكفي أن تبيع 20 مليار من سندات الخزينة – وهو مبلغ غير مسبوق منذ عامين وتصرف غير مطابق تماما لطريقة إدارتها المعهودة – حتى يتساءل البعض ماذا لو قررت بكين زعزعة استقرار سوق السندات ورفع تكلفة الاقتراض للخزينة الاميركية؟ هناك تفسيرات عدة لهذا الأمر. فبيع سندات الخزينة، الذي جرى في مارس ليس اتجاها لكنه لا يزال استثمارا جيدا بالنسبة لبكين، واما في ما يتعلق بسوق المعادن النادرة فهي سوق مزدوجة: لقد اصبحت الصين أول مستورد عالمي في 2018 للمعادن النادرة القادمة من بورما والولايات المتحدة وهذان المثالان يوضحان التشابك العميق بين الاقتصادين واستعدادهما لخوض حرب دائمة، الا إذا تغير الوضع بسبب قضية هواوي. وهنا علينا ان نذكر أن الرئيس تشي كان قد اكد خلال زيارته لجياكزي أن الصينيين ملتزمون مسيرة جديدة وطويلة، يُحضَّر لها في زمن صعب.
مشاركة :