من منا لا يسمع القرآن فى رمضان، ومن منا لا يستمع إلى أصوات مشاهير قراء القرآن الكريم قبل المغرب وفى صلاة التراويح، ففى رمضان يجتمع الصوم والقرآن فتسمو النفس والوجدان مع تلك الحناجر الذهبية، إنهم أهل القرآن الكريم، أهل الله، أصحاب رسالة قوية يعلمون الناس القرآن ويحفظونهم وينشرونه على أسماع العالم قراء ومبتهلين. تنقل كثيرا بين مختلف الدول العربية، مصاحبا أسلوبه المميز، فى التجويد والتلاوة، له زاوية خاصة فلا يشبه أحدا، ولقبه المستمعون بأحد عمالقة تلاوة القرآن الكريم، الى أن أصبح القارئ محمود الطبلاوى نقيبا للقراء، التقينا به من ضمن سلسلة حلقات «أهل المدد» ليتحدث إلينا حول ذكرياته الرمضانية، وهموم أهل القرآن.نشأته كانت مختلفة عن غيره، فعاش طفولته بين صفحات القرآن الكريم، يروى أحداث طفولته قائلا: «ولدت فى ميت عقبة بمحافظة الجيزة عام ١٩٣٤ وحفظت القرآن وأنا فى عمر ٩ سنوات، وكنت محبا لسماع القرآن منذ نعومة أظافرى وشجعنى على حفظه والدى إلى أن التحقت بالإذاعة والتليفزيون عام ١٩٧٠ والآن نقيبا للقراء».وعن الشروط التى يجب توافرها لقراء القرآن الكريم، يقول الشيخ الطبلاوي: «أرى أن تقوى الله وخشية الله عز وجل، هى الأكثر أهمية، فما يخرج من القلب يصل إلى القلب، فالشيخ محمد رفعت توفى منذ أكثر من ٦٠ عاما ولا يزال حيا بيننا بتقواه وورعه وليس هناك أى قارئ قرآن بهذا المستوى».وعن هموم أهل القرآن، يتحدث الشيخ الطبلاوى كنقيب للقراء قائلا: «لا أستطيع إنكار تحسن أوضاعنا عن السابق، ولكن الدعم المقدم لنا بسيط جدا والمرتبات ضعيفة والمعاش تصل قيمته إلى ٤٠ جنيها فى الشهر ولم تزد على ذلك وأحوالنا المعيشية تتطلب الكثير من المال، ونحن نتقاضى أجورا لا تطعمنا خبزا».ويواصل: «نقابة محفظى القرآن الكريم نقابة مهنية تهتم بأهل القرآن ومحفظيه، ويبلغ عدد أعضائها حوالى ٨ آلاف عضو، منهم حوالى ٦ آلاف عضو فى جدول المعاشات، والمعاش الشهرى ٤٠ جنيها»، متسائلا: «هل يعقل هذا فى ظل الظروف المعيشية الصعبة؟ خاصة من لديهم التزامات ويحتاجون لعلاج وفى أشد الحاجة لمعاش كريم يليق بهم فى كبرهم».وأشار الطبلاوى الى أهمية الراتب المرتفع الذى يحقق مطالب الحياة كالعلاج على سبيل المثال، فليس لدى القراء تأمين صحي، وتعتمد النقابة على الاشتراكات الشهرية وقيمتها جنيه من كل عضو وللأسف بعض الأعضاء يتأخرون فى دفعها.وعن المشكلات التى تدور فى نقابة القراء، تحدث قائلا: «يجب أن يتم التدخل سريعا لزيادة الدعم السنوى المقدم من وزارة الأوقاف إلى صندوق معاشات القراء، ليصل إلى مليون جنيه أو حتى نصف مليون جنيه سنويا، بدلا من ٥٧ ألف جنيه، لتحسين المعاش ليصل إلى ١٠٠ جنيه شهريا بدلا من ٤٠.ويفسر الطبلاوى ارتباط الناس بالقراء السعوديين، قائلا إن السبب يعود إلى ما تحمله هذه الأصوات من تذكير بالشعائر الدينية فى الحرم المكى والنبوي، مستبعدا أن يكون هناك أى تراجع فى جودة ونقاء وحب الناس للقراء المصريين، فالمدرسة المصرية رغم كل شيء هى الأساس.ويضيف «الطبلاوي» أن الإنشاد الدينى لا يقل أهمية عن قراءة القرآن الكريم، فكلاهما له جمهوره ومحبيه، ولكن الآن قل مستواه بعد الشيخ محمد عمران والشيخ سيد النقشبندى والشيخ نصر الدين طوبار وهؤلاء هم أساس الإنشاد الديني، وأنا أعتقد أن الإنشاد عصره قادم.ويؤكد الطبلاوى أن قراءة القرآن ليست حكرا إلا على أهل الدين الدارسين والمطلعين على أصول القراءة والتجويد والترتيل، فيجب على قراء القرآن أن يتقوا الله فى كافة أقوالهم وأفعالهم وأن يتقوا الله فى هذا العمل، لأن تقوى الله أهم سمة يجب أن يتحلى بها قراء القرآن.ويتابع: «كنت مسبقا اقترحت تحديد يوم فى الشهر فى نقابة القراء لاكتشاف المواهب الجديدة من الأصوات الشابة فى عالم التلاوة والابتهالات، لاختيار أحسن وأفضل الأصوات للقراء الجدد والمواهب المتعددة كالقارئ والمبتهل، وتكون اللجنة برئاستي، ونقوم باختبارهم وإعطاء الفرصة لأفضل الأصوات دون مجاملة ليكون ضمن قراء الإذاعة والتليفزيون المعتمدين لتمثيلنا فى الداخل والخارج تمثيلا مشرفا من حيث الأداء والتمكن وقوة الحفظ وحسن الصوت».وعن الكتاتيب وتأثيرها فى المجتمع المصري، يرى الطبلاوى أنها مهمة جدا، قائلا: «الكثير منا لا يعى حجم أهمية الكتاتيب، فالكتاب معمل تفريخ للقراء العظام، جميعنا تخرجنا من الكتاب أنا والشيخ عبدالباسط عبدالصمد والشيخ مصطفى إسماعيل والشيخ المنشاوى من جيلنا وغيرنا الكثير، ويجب من وجهة نظرى كقارئ أن أجر المحفظ لا يقل عن ٦٠٠ جنيه شهريا ليقدر على القيام بمهمته فى تحفيظ الأطفال والنشء القرآن الكريم».ويضيف: «هناك اختلافات بين كتاب القرى والمراكز فى حفظ القرآن الكريم، وبالتأكيد الكتاب فى الريف يختلف عن المدينة ويختلف أيضا عن كتاب زمان، وعموما الكتاب مهم جدا فى الريف والمدينة لأن حفظ القرآن لا يكون إلا بالتلقى والتعلم على يد شيخ محفظ ويعلم أحكام التجويد الذى هو حلية التلاوة وزينة الأداء وإعطاء كل حرف حقه».وعن أول أية قرآنية أثرت فى وجدانه وجعلت جسده يرتعد من شدة وقعها على نفسه، قال: «لا أستطيع نسيان تلك الآية، فهى دائما أول كلامى فى كل حين «وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا»، فقرأتها وعمرى أربع سنوات.
مشاركة :