اشتهر الشاعر العباسى والبة بن الحباب الكوفى، بشعر الغزل، والظرف والمجون وأيضا الخلاعة، من أهل الكوفة. من بنى نصر بن قعين، من أسد بن خزيمة، ما يبالى ما قال ولا ما صنع فى شعره، نزل البصرة فرأى غلاما فى البصرة، يبرى العود، فاستصحبه إلى الأهواز ثم إلى الكوفة، فكان هذا الغلام هو أبو نواس الشاعر الكبير.شاهد أبو نواس معه أدباءها، فتأدب بأدبهم، وسافر والبة إلى بغداد، فى أواخر أعوامه، فهاجى بشار وأبا العتاهية وغلباه، فعاد إلى الكوفة كالهارب، وكان أبيض اللون أشقر الشعر، ولما مات رثاه أبو نواس.ويقول ابن المعتز فى «طبقات الشعراء»، إن الناس كانت ترى الحسن بن هانئ «أبو نواس» غلامًا مع والبة بن الحباب صغيرًا مليحًا نادرًا، يخدمه ويتصرف فى حوائجه الخفاف، ووالبة هو الذى أدب أبا نواس. وكان والبة يتنبأ بمستقبل باهر لتلميذه، حتى إنه قال يومًا: رأيت إبليس فيما يرى النائم كأنه أتانى فقال لي: ترى غلامك الحسن بن هانئ هذا؟ قلت: ما شأنه؟ قال: إنّ له لشأنا والله لأغوين به الأمة، ولألقين محبته فى قلوبهم». ونحن لا ندرى مدى صدق الرؤية لكنها على كل حال تظهر مدى اهتمام والبة بتلميذه، وأنه يثق من قدراته البلاغية حتى يصبح فتنة أدبية لأمة العرب.ومن الحكايات الطريفة التى تروى عنه أن منزله فى آخر زقاق لا منفذ له، فكان إذا أتاه السائل يسأله، ويتركه حتى يطيل ويكثر ولا يجيبه، فإذا علم أنه قد انصرف ومشى إلى طرف الزقاق - والزقاق طويل جدًا - فتح بابه ثم ناداه، فيجيبه: لبيك لبيك، يظن أنه قد أخرج له شيئًا، ويقبل نحوه، فإذا قرب منه قال: صنع الله لك.ومن جيد شعره: «أحسن من در ومرجان / آثار إنسان بإنسان/ قد عضه ذو حنق مشفق/ وقلبه ليس بغضبان/ عاقبنى منتقمًا جهده/ وقد جزانى كلّ إحسان/ لو كان يدرى أنه محسنٌ / بدل إحسانًا بهجران»، وكان الخليفة المهدى يحب شعره حتى قال يومًا فى مجلسه: ما أشعره وأملح شعره! وهو مع ذلك أديب واسع الحفظ. فقال له بعض من فى مجلسه: ما يمنعك من مجالسته ومنادمته، فانزعج الخليفة من ذلك مبررا رفضه أن والبة يسب من يجالسه فى أشعاره.
مشاركة :