«نحن نقص عليك»| إسحاق هدية الله لسيدنا إبراهيم

  • 5/28/2019
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

يزخر القرآن الكريم بالقصص التى لم تكن مجرد عرض للتسلية وإنما ليزداد المؤمن ثباتًا على الحق وإصرارًا على مواجهة الباطل، من خلال إطلاعه على مواقف الأنبياء والمرسلين وقصصهم. وكان القصص القرآنى له النصيب الأكبر من قبل علماء المسلمين والباحثين والمفكرين، وخلال شهر رمضان المبارك نستعرض سيرة الرسل والأنبياء حتى تكون عبرة ونهجًا وصراطًا مستقيمًا نسير عليه.{وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ}سيدنا إسحاق هو الابن الثانى لسيدنا إبراهيم، وقد بشره الله به ووجبه له على كبر، وكان ابنه الأول هو سيدنا إسماعيل وكان نبيًا ورجلًا صالحًا، حيث بين إسماعيل وإسحاق سنوات عديدة، فعندما بشر الله عز وجل سيدنا إبراهيم بإسحاق، كان وقتها مقيمًا فى فلسطين، وكان شيخًا كبيرًا، وكانت معه زوجته سارة وكانت عجوز عقيم. وبدأت القصة حينما أرسل الله لسيدنا إبراهيم نفرًا من الملائكة، فى صورة رجال وكانوا فى طريقهم لتدمير قوم لوط الشاذين، فلم يعرف إبراهيم حقيقتهم، وظنهم ضيوفًا، وقدم لهم طعامًا، حيث قدم لهم عجلًا مشويًا ناضجًا، فور دخولهم عليه، وهذا إن دل فهو دليل على كرمه وحسن استقباله لضيوفه، ولكن لم يمد الضيوف أيديهم إلى العجل المشوي، ولم يأكلوا منه، فلما رأى ذلك سيدنا إبراهيم نكرهم واستغرب من أمرهم، وتساءل لماذا لا يأكلون من طعامه الشهي؟ وهم مسافرون وبحاجة إلى الطعام، كما أنهم حلو عليه كضيوف، وحينما لاحظ الملائكة مخاوف إبراهيم فأرادوا طمأنته، وأخبروه عن طبيعتهم ليطمئن، وإنهم لم يأكلوا عنده، لأنهم ملائكة والملائكة لا يأكلون الطعام، فلا يجب أن يخف منهم. وأخبروه عن مهمتهم وهى أن الله أرسلهم إلى قوم لوط الشاذين الكافرين، لإهلاكهم وتدميرهم، وكان أهل لوط يسكنون إلى الشرق من فلسطين، وفى تلك الأثناء كانت زوجته السيدة سارة رضى الله عنها واقفة، وقائمة على خدمتهم والترحيب بهم، واطمأنت لما علمت بأنهم ملائكة، ولما سمعت بمهمتهم فى إهلاك قوم لوط، ضحكت وفرحت وسرت بذلك، فكانت تعلم من هم قوم لوط، وكانت تسمع عن كفرهم وضلالهم وتسمع عن انحرافهم وشذوذهم، وتسمع عن إتيان الرجال وارتكابهم اللواط، وكم ساءها ذلك منهم، وكم تمنت تدميرهم وتعذيبهم. وحينما رأى الملائكة ضحك السيدة سارة وسرورها، أرادوا المبالغة فى تبشيرها لتزداد فرحًا وسرورًا، فاخبروها بما قدره الله لها من النعمة، بانها ستلد ولدًا، رغم بلوغها سن اليأس، وسوف تُسميه إسحاق، وستبقى هى وزوجها إبراهيم موجودين، ليشاهدا حفيدهما يعقوب!ووقتها فوجئت السيدة سارة بهذه البشارة، وتساءلت كيف ستلد؟ إن الأسباب المادية تجعل هذا مستحيلًا، فهى عجوز وعقيم، ولقد بلغت سن اليأس، وهى فى الأصل كانت لا تلد وهو ما جعلها تحث سيدنا إبراهيم على الزواج من السيدة هاجر أم سيدنا إسماعيل، وقد انقطعت دورتها الشهرية، وتوقف المبيض عن إنتاج البويضة القابلة للإخصاب، فكيف ستلد؟ إنه لشيء عجيب غريب ومدهش، ويدعو إلى الدهشة والاستغراب، ولعل المفاجأة قد جعلت السيدة سارة تقع تحت تأثيرها، فنسيت قدرة الله ومشيئته، وأن الله فعال لما يريد، وهو الشيء الذى جعل الملائكة يردون على تعجبها ويذكروها بقدرة الله عز وجل، والله هو الذى شاء أن تحملى رغم أنك عجوز عقيم، وشاء الله أن تلدى إسحاقًا نبيًا، وشاء أن تستمر حياتك أنت وإبراهيم حتى تدركا حفيدكما يعقوب! لقد شاء الله ذلك وقدره، وما قدره الله فلابد أن يتحقق، فالله فعال لما يريد، وبذلك أكرم الله سيدنا إبراهيم وزوجته سارة بابنهما إسحاق عليه السلام، ورزقهما إياه على كبر منهما!.

مشاركة :