يمكن جعل السياسات العامة "خضراء" والسيطرة على سوء إدارة الموارد الطبيعية عن طريق الأدوات المالية أو أدوات السوق، مثل تجارة تصاريح الكربون أو التلوث، أو إعادة توجيه الدعم المالي الضار تجاه الممارسات البيئية الجيدة. "تعد خطط الدفع مقابل خدمات النظم البيئية أحد الأمثلة على ذلك". يجب على عملية التفكير على نحو أكبر أن تتعمق في هذه الأدوات القائمة على السوق. فالحوكمة من قبيل حقوق الملكية الواضحة "الاستخدام، والنقل، والوصول، والاستبعاد" في الأراضي والغابات وخدمات النظام البيئي - سواء العالمية "مثل عزل الكربون أو المحلية "مثل التلقيح" - التي تقدمها هي أسس اقتصاداتنا. ومن دون توضيح الحقوق، أو عدم وجودها، فيما يتعلق بتلويث الغابات وتدمير خدمات النظام البيئي، فإن النتائج غير المستدامة التي نلاحظها ستستمر دون تراجع. وتتمثل خطوة أخرى في توفير معلومات وتحليلات أفضل للأسواق المالية لتمكينها من دمج المخاطر والآثار البيئية في الاستثمارات وعمليات تقييم المخاطر، وطلب معايير إفصاح بيئية محسنة - بما في ذلك ما يتعلق بتغير المناخ - من المستثمرين والمنتجين من القطاع الخاص على حد سواء. إن الإنفاق على التنوع البيولوجي أمر منطقي من الناحية الاقتصادية. قدرت الخطة الاستراتيجية من أجل التنوع البيولوجي 2010 - 2020 الخاصة باتفاقية التنوع البيولوجي تكلفة تنفيذ أهداف أيتشي الـ20 بما يراوح بين 150 و440 مليار دولار في السنة. ويعد هذا التقدير محدودا للغاية إذا ما قورن بالفوائد الاقتصادية لرأس المال الطبيعي. على سبيل المثال، تراوح قيمة خدمات التلقيح وحدها ما بين 235 و577 مليار دولار "بقيمة الدولار في عام 2015" ويقال إنها تسهم في 35 في المائة من حجم الإنتاج العالمي للمحاصيل. والسؤال هو: من سيتحمل هذه التكاليف؟ ولأن كثيرا من فقدان التنوع البيولوجي الملحوظ يأتي في النهاية من الطريقة التي نتبعها في الإنتاج والاستهلاك والتجارة والتخلص من النفايات، فإن الجزء الأكبر من العمل المطلوب سيأتي من تغيير سلوك المستهلكين والمنتجين والمستثمرين. سيساعد جعل السياسات العامة خضراء على تهيئة ظروف السوق من أجل التمويل الذاتي للإدارة المستدامة للتنوع البيولوجي. ويمكن التغلب على قيود التدفق النقدي - أي إيجاد الأموال الآن لتفيدنا في المستقبل - من خلال التمويل المبتكر. منذ عقد من الزمان، ابتكر أول إصدارات البنك الدولي من السندات الخضراء النسخة الأولى لما أصبح اليوم سوقا تربو قيمتها على 500 مليار دولار. ومن الممكن، بل ويجري بالفعل استحداث آليات تمويل مبتكرة مماثلة - في صناعة التأمين، وتمويل الأثر، والتوريق - لتمويل "الحلقة الوسطى المفقودة". بوصفنا مواطنين، دعونا نعد استخدام مواردنا المحدودة ونعد تدويرها ونعد التفكير في كيفية استخدامنا لها، حيث زاد التلوث بالبلاستيك بمقدار عشرة أضعاف منذ عام 1980. وفي كل عام، نقوم بالتخلص من 300 - 400 مليون طن من المعادن الثقيلة والمذيبات والرواسب السامة وغيرها من النفايات في مياه العالم. نحن بحاجة إلى نهج الاقتصاد الدائري – وهو نهج تتحول فيه النفايات إلى قيمة، وتستخدم الموارد استخداما مستداما. ويعني هذا أننا نعيد استخدام كل شيء نحصل عليه من مواردنا المحدودة ونعيد تدويره. إننا نعمل عملا وثيقا مع شركائنا لإعداد إطار التنوع البيولوجي العالمي لما بعد عام 2020 بموجب اتفاقية التنوع البيولوجي. وسيعتمد الإطار الجديد في مؤتمر الأطراف الـ15 للتنوع البيولوجي بموجب اتفاقية التنوع البيولوجي المزمع عقده في الصين في العام المقبل. وهذه هي فرصتنا لتحويل بعض هذه الخطوات إلى التزامات وإجراءات والتوصل إلى "اتفاق جديد من أجل الطبيعة". لقد كان اجتماع وزراء البيئة لمجموعة السبع والميثاق المتفق عليه بادرة مشجعة على أن التنوع البيولوجي يحظى بالاهتمام الذي يستحقه.
مشاركة :