إصلاحات اقتصادية مطلوبة في الشرق الأوسط «1 من 2»

  • 5/30/2019
  • 00:00
  • 11
  • 0
  • 0
news-picture

يعد تمويل اقتصادات الخليج ذات الدخل المرتفع السند الخارجي المستمر لجيرانها ذوي الأهمية الجغرافية والاستراتيجية من السمات البارزة في التاريخ الاقتصادي المعاصر لمنطقة الشرق الأوسط. ويطرح هذا المقال سؤالا عما سيحدث عندما تصبح عجوزات الحساب الجاري في البلدان الرئيسة في المنطقة غير مستدامة نتيجة التكنولوجيا الهدامة في السوق العالمية للوقود الأحفوري. وفي أعقاب هبوط هوامش الفائدة على السندات السيادية اللبنانية، أعلن وزير المالية السعودي أن بلاده ستدعم لبنان "على طول الطريق" (رويترز، يناير 2019). وبعد بضعة أشهر، عاود هامش الفائدة على السندات السيادية اللبنانية الارتفاع حين عجزت الحكومة اللبنانية المشكلة حديثا عن الإسراع بوتيرة إصلاحات هيكلية وأخرى خاصة بالمالية العامة. إن هذه الحقبة تعد رمزا لتاريخ اقتصادي مهم لمنطقة الشرق الأوسط يتسم بقيام الاقتصادات ذات الدخل المرتفع بتمويل الاختلالات الخارجية المستمرة "عجوزات الحساب الجاري" التي تلازم الاقتصادات ذات الأهمية الجغرافية والاستراتيجية. وبفضل التدفقات الرأسمالية المتأتية من مصادر رسمية، صار باستطاعة عديد من اقتصادات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا سد العجز التجاري وعجز الحساب الجاري المستمرين. وصار عديد من البلدان المستوردة للنفط، مثل جيبوتي ومصر والأردن ولبنان والمغرب وتونس، يشهد عجزا كبيرا ومستمرا في الميزان التجاري وفي الحساب الجاري لما يزيد على عشر سنوات. وعليه يبرز سؤال جوهري للمنطقة يتعلق بالاقتصاد الكلي وهو ما إذا كان هذا النموذج من اقتصادات الفائض التي تمول عجوزات جيرانها نموذجا مستداما. ربما تكون الإجابة بالنفي في المدى الطويل، على الرغم من أن أزمات الأسواق الناشئة العادية لا يحتمل حدوثها في المدى القصير. وتحافظ النجاحات التكنولوجية في مجال الطاقة المتجددة وفي مجال النفط الصخري على انخفاض أسعار النفط وبالتالي تحد من قدرة المنطقة على تعبئة المدخرات الإقليمية. ومن المتوقع أن يظل سعر التوازن طويل الأجل للوقود الأحفوري منخفضا، وكذلك قدرة فوائض الحساب الجاري لأعضاء مجلس التعاون الخليجي. ويعد التراجع في أسعار النفط خلال الفترة 2015 - 2017 إشارة دالة. وقد هبط متوسط موازين الحساب الجاري لدول مجلس التعاون الخليجي من متوسط فائض ضخم بلغ 16.5 في المائة من إجمالي الناتج المحلي بين عامي 2000 و 2014 إلى عجز بسيط بلغ 0.7 في المائة من إجمالي الناتج المحلي خلال الفترة من 2015 - 2017 . إضافة إلى ذلك، يتسم سجل النمو التاريخي للمنطقة بأقل من المطلوب. ورغم توقعات البنك الدولي بتحسن طفيف في نمو إجمالي الناتج المحلي للمنطقة للفترة من 2019 - 2021 (1.5 في المائة في 2019، و 3.4 في المائة في 2020، و 2.7 في المائة في 2021)، ستظل معدلات النمو منخفضة نسبيا في المنطقة. ما العوامل التي يمكن أن تقود كلا من النمو الضعيف وعجوزات الحساب الجاري المستمرة؟ نرجع السبب، بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إلى ضعف إنتاجية العمالة. ونقوم بفحص أسس موازين الحساب الجاري، وتحديدا الديموغرافيا، والنمو المتوقع، والإنتاجية الكلية للعمالة مقارنة بالولايات المتحدة، وأسعار السلع الأولية، وأنظمة أسعار الصرف. وهذا النهج التحليلي مماثل لذلك الذي يطبقه صندوق النقد الدولي، لكنه يركز على مجموعة فرعية أصغر، وذات أبعاد خارجية أوضح، من "العوامل الأساسية". ونجد أنه لو أن حساب رأس المال أغلق تماما، فإن زيادة قدرها نقطة مئوية واحدة في الإنتاجية النسبية مقارنة بالولايات المتحدة ترتبط بتراجع قدره 0.16 نقطة مئوية في ميزان الحساب الجاري. ولاحظ أنه في السنوات العشر الأخيرة، فإن إنتاجية العمالة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ظلت تتراجع مقارنة بالولايات المتحدة، من نحو 56 في المائة في 2007 إلى نحو 46 في المائة في 2017. "يتسبب فتح الحساب الجاري في تفاقم عجز الحساب الجاري حين يتوقع أن تكون تدفقات رأس المال أعلى". ... يتبع.

مشاركة :