على مضمار هوكنهايم الأسطوري، انطلقت هذا الشهر النسخة الأولى من بطولة سباقات السيارات (دبليو سيرييز) والتي تقتصر منافساتها على النساء بشكل حصري. وقد بدأ الإعلان عن السباق تحت مظلة بطولة السياحة الألمانية في أكتوبر 2018، مما تسبب منذ البداية في جدل كبير. وتهدف سباقات هذه الفئة المقتصرة على النساء، إلى تمهيد السبيل لكي تتمكن السائقات المتميزات من دخول المنافسة، وربما يصلن إلى الفئة الأولى، “فورمولا1″، نظرا لأنه لا توجد سباقات سيارات كثيرة يمكن للسيدات المشاركة فيها. وفي هذا السياق تقول مديرة “دبليو سيرييز″ كاثرين بوند موير، “سباقات الفورمولا النسائية تتيح للمتسابقات إمكانية إثبات مواهبهن ولفت انتباه الممولين والرعاة، وهو ما سيتيح أمامهن فرصا جديدة”. يشار إلى أنه في عالم سباقات السيارات الذي يخضع لسيطرة الذكور، ما زال ينظر إلى المرأة على أنها شيء غرائبي، قال بيرني إكلستون، الرئيس السابق للشركة التي تتحكم في حقوق الترويج والتوزيع للفئة الرئيسية للسباقات “في الفورمولا1، لا تؤخذ المرأة على محمل الجد”. وتسعى بطولة السباقات النسائية إلى تغيير صورة المرأة في البطولات التي تعتمد على المحركات، لذلك في تصريحات لصحيفة تليغراف البريطانية، قالت جيمي شادويك، وهي أول امرأة تفوز ببطولة سباقات السيارات السياحية في بريطانيا، “سباقات السيارات لا تتطلب قوة مطلقة مثل ألعاب القوى، فهنا على سبيل المثال، تتناسب السرعة مع القوة”. كما أكدت الإنكليزية (20 عاما) الفائزة بالجولة الأولى لسباقات السيارات النسائية “النساء لديهن الكفاءة لمنافسة الرجال كتفا بكتف وعلى أعلى مستوى”. حتى الآن ، تمكنت امرأة واحدة فقط من تجميع النقاط اللازمة في أكثر من 1000 سباق في صنف الفورمولا1، في عام 1975، حينما أحرزت الإيطالية ليلا لومباردي نصف نقطة مع المركز السادس في سباق الجائزة الكبرى الإسباني. وكانت ماريا تيريزا دي فيليبس أول امرأة تدخل فئة الملكة، حيث قادت السائقة الإيطالية عام 1958 نفس السيارة التي فاز بها الأرجنتيني خوان مانويل فانجيو باللقب في العام السابق. وكان أول ظهور لفيليبس في الأرجنتين، وشاركت في النهاية في سباق الجائزة الكبرى خمس مرات. بدأت مع وجود الإسبانية ماريا دي فيلوتا والبريطانية سوزي وولف، زوجة توتو وولف، المدير التنفيذي الحالي لمرسيدس بنز في الفورمولا 1، مرحلة جديدة من النساء في رياضة السيارات، واقتربت كلتاهما من الفورمولا1 كسائقتين تحت الاختبار، لكن أيا منهما لم تنافس في أي سباق للجائزة الكبرى. يقول ديفيد كولتارد سائق الفورمولا1 السابق “لقد أظهر تاريخ رياضة السيارات أن العديد من النساء لا يصلن إلى أبعد من هذا الحد لأنهن لا يحصلن على مساعدات مالية كافية ولا تعتقد أسرهن أنه بإمكانهن ممارسة هذه المهنة”. ويبرز من بين مسؤولي الفئة الجديدة، بالإضافة إلى الأسكتلندي، أدريان نيوي، مهندس فريق ريد بول ريسينغ السابق، والسائق النمساوي السابق ألكساندر فورتز والمدير الرياضي السابق لماكلارين ديف ريان. وتم إجراء عملية اختيار المتنافسات الثماني عشرة من بين أكثر من خمسين مرشحة من خلال برنامج اختبارات ولم يقتصر الأمر على القيادة نفسها، ولكن أيضا على المعرفة التقنية ومهارات الاتصال. وأقيم السباق الافتتاحي في هونكهايم، مطلع الشهر الجاري ومن المقرر أن تليه خمسة سباقات أخرى على أشهر مضمارات أوروبا، و انتظم السباق الثاني في الثامن عشر من الشهر على مضمار زولدر في بلجيكا. وستحصل الفائزة بالسباق النهائي على جائزة قيمتها 440 ألف يورو (نصف مليون دولار تقريبا). وتضمن الجهة المنظمة شمول تكلفة المشاركة، وتقود المتسابقات نفس نوع السيارة وهي سيارة سباق بمقعد واحد تم تعديلها لتتوافق مع شروط الفورمولا3. وتمثل المتسابقات ثلاث عشرة دولة، وترفع ألوان العلم الألماني السائقة البلجيكية نعومي شيف. وعلى عكس ما كان متوقعا، رفضت ابنة ميونيخ صوفيا فلورش المشاركة، قائلة “هذا الطريق الخاطئ بالنسبة لي”، وقد صرحت الفتاة البالغة من العمر 18 عاما بذلك لمجلة “أوتو بيلد” المتخصصة. وترفض سائقة الفورمولا3 وجود فئة نسائية لسباقات السيارات، مضيفة “وجود هذه الفئة يعني أننا لا نستطيع مواجهة الرجال وتحديهم في المضمار، ولهذا لا أريد المشاركة”. كما تعارض سائقات أخرى -مثل بيبا مان من فريق إندي كار أو سائقة فريق “دي.تي.أم” إيلين لور هذه الفئة- ويرين أنها صورة أخرى من صور التمييز والفصل العنصري. من ناحية أخرى ، يعتقد منشئو السلسلة “دبليو” أن الفئة الجديدة توفر للمتسابقات فرصة لممارسة رياضة سيارات الفئة الأولى من خلال البث التلفزيوني المباشر الذي لن يتاح لهن إلا بهذه الطريقة. وحتى مع انتهاء الدورة الأولى، ستظل أفضل المتسابقات يتمتعن بالدعم اللازم لتعزيز مواهبهن وربما يقفزن إلى الفورمولا1. يقول كولتارد، “لم نطلق هذه المبادرة لكي تنتهي في طريق مسدود”.
مشاركة :