للعقيدة الإسلامية أثر بالغ فى نفوس معتنقيها لسماحتها وملاءمتها للنفس البشرية، وهو الذى انعكس بشكل كبير على الفنون فى شتى مجالاتها، كان أبرزها العمارة الإسلامية. فعلى مدار شهر رمضان المبارك تأخذكم «البوابة» فى رحلة بين مساجد مصر وأضرحتها، لنتعرف على تاريخ نشأتها، وتأثيرها الروحانى فى قلوب مُرتاديها. يعد مسجد سليمان أغا السلحدار الموجود بشارع أمير الجيوش المعز لدين الله الفاطمى والذى تم إنشاؤه فى عام ١٢٥٥ هجريًا و١٨٣٩ ميلاديًا، ويقع المسجد عند بداية حارة برجوان بشارع أمير الجيوش «المعز حاليًا»، وأنشأ المسجد الأمير سليمان أغا السلحدار، أحد أمراء محمد على باشا، والذى جاء إلى مصر صغيرًا وأخذ يترقى فى الوظائف حتى أصبح أمير لواء السلاح، وكان له العديد من المنشآت التى ما زالت باقية حتى الآن ومنها الجامع الأحمر وخان الخليلى. ويجمع جامع السلحدار بين الطرازين المعماريين العثمانى والمملوكى، فالمسجد يتكون من مستطيل ينقسم إلى مربعين، المربع الغربى يشتمل على حرم المسجد، أى الصحن، وهو عبارة عن صحن تحيط به الاروقة من الجهات الأربعة تغطيها قباب صغيرة ضحلة تقوم على أعمدة رخامية، وقد زخرفت قطب كل قبة بنقوش زيتية متعددة الألوان قوامه رسوم نباتية وهندسية وكتابات قرآنية، كما يغطى الصحن سقف خشبى فتح فى وسطه فتحة «شخشيخة» للتهوية والإضاءة ولحماية المسجد من الأمطار إذا سقطت. ويُعد مسجد السلحدار من المساجد المُعلقة، فقد جرت العادة فى العصر العثمانى أن يستغل الطابق السفلى للجامع إذا كان فى حى تجارى، فيبنى به حوانيت يصرف من ريعها على المسجد، ومن ثم انتهز المعمار وجود المسجد فى حى تجارى مهم، وهو حى الجمالية وسوق الليمون وقربة من باب الفتوح، فبنى الطابق السفلى حوانيت ومدرسة وسبيل والميضأة.أما المربع الشرقى فيحتوى على مكان للصلاة ويتكون من بائكتين يشتمل كل منها على عمودين من الرخام تقوم عليهما عقود مستديرة، ويقسم البائكتين مكان الصلاة إلى ثلاثة أروقة موزاية لحائط القبلة، ويغطى مكان الصلاة سقف خشبى زخرف بنقوش زيتية متعددة الألوان. كما يتوسط جدار القبلة محراب من الرخام، وهو فريد من نوعه فقد اتخذ الجزء المجوف منه قطعة واحدة، وكذا طاقيته، التى كتب عليها الآية القرآنية «فلنولينك قبلة ترضها» ويكتنف المحراب أفاريز رخامية زخرفت برسوم نباتية وهندسية حفرت حفرًا بارزًا مذهبة، كما يعلو عقد المحراب نصف دائرة رخامية قسمت إلى إشعاعات، وزخرفت برسوم ونقوش مفرغة مذهبة. ويوجد بجوار المحراب منبر خشبى تقوم على بابه قبة صغيرة لطيفة، وإن كانت خالية من الزخرف وفى مواجهة حائط القبلة توجد دكة المبلغ، وهى مصنوعة من الخشب الخرط، وهى عبارة عن شرفة تغلف الضلع الغربى، ويصعد إليها من باب الركن الشمالى الشرقى للصحن يوصل إلى درج بُنى فى سمك جدار المسجد. كما يحيط بالمسجد صفان من النوافذ والفتحات، السفلى منها مستطيلة تعلوها عتب ويقوم فوقها عقد عاتق وملئت بمصبعات حديدية، أما الفتحات العليا فهى صغيرة ومعقودة وقد ملئت بزجاج متعدد الألوان. وتقع واجهة المسجد فى الجانب الغربى له، حيث يوجد المدخل الرئيسى الذى يوصل إلى حرمه والذى يصعد إليه بمجموعة من الدرجات، وقد كسى المسجد بالرخام وحليت تواشيح عقد المداين بزخارف نباتية وكتابية مذهبة، وتوجد مئذنة المسجد فى الواجهة، وهى أسطوانية الشكل تتكون من طابقين يفصل بينهما شرفة، ويعلو الطابق الثانى شكل مخروطى على غرار المآذن العثمانية.
مشاركة :