"رماد يذروه السكون: تأملات في الحراك الجزائري". والعمل وفق صاحبه يتناول الحراك الشعبي أو ما يسمى "ثورة الابتسامة" التي أزاحت الرئيس عبد العزيز بوتفليقة من سدة الحكم. ويطرح المؤلف تأملات في المظاهرات الشعبية التي تشهدها الجزائر منذ 22 فبراير/شباط الماضي ولا تزال مستمرة للمطالبة بتغيير ما تبقى من رموز نظام الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة. ** الحراك يلهم الكُتاب وصدر الكتاب في شهر مايو/أيار الماضي، عن دار نشر "ضمة" الجزائرية، في 125 صفحة من الحجم المتوسط. وينقسم إلى قسمين، يتناول الأول تأملات في الجوانب السياسية والاجتماعية والثقافية والسلوكية والحضارية للحراك، بعضها سبق الحدث بفترة وبعضها نتج عنه. بينما يتطرق القسم الثاني إلى ومضات مكثفة ترصد لحظة إنسانية من داخل الحراك. وفي 22 فبراير/شباط الماضي انطلق حراك شعبي سلمي عبر مختلف مدن الجزائر، انتهى بتراجع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة عن الترشح لولاية خامسة، وتقديم استقالته في 2 أبريل/ نيسان الماضي. وشكل الحراك الشعبي مادة دسمة بالنسبة لكُتاب قدموا نصوصا حول ما تشهده الجزائر من مظاهرات شعبية دخلت أسبوعها الخامس عشر تطالب بالتغيير وبرحيل ما تبقى من رموز نظام الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة. وصدرت منذ انطلاق الحراك بعض الأعمال، منها كتاب "نحو جمهورية جديدة" الذي صدر في أبريل/نيسان الماضي للكاتب والإعلامي الجزائري نورالدين خبابة. كما صدر في مايو كتاب بعنوان "سيروا" أشرف عليه الكاتب أمين خان بمشاركة باحثين وباحثات، كما صدر كتاب آخر عن دار "فرانس فانون" الجزائرية عنوانه "ثورة الابتسامة" لعدد من المؤلفين الجزائريين. ** ماذا نتج عن حراك الجزائر؟ وعن كتابه، يقول الروائي عبد الرزاق بوكبة للأناضول: "في عملي أعتبر الحراك فعل وليس رد فعل. وهو حركة ثقافية وحضارية في الأساس ومن التعسف أن نحكم عليها من خلال مآلاتها السياسية الآن". ويضيف بوكبة: "لقد نجح الحراك في جوانب كثيرة برمجت الشارع الجزائريّ على المستقبل، وقد كان محكوما باسم الشرعية التاريخية التي تمنح السلطة للماضي باعتباره زمنا منتهيا وللفاعلين فيه باعتبارهم جثثا وتماثيل يراد لها أن تتحكم في الزمن الذي يتطلع إليه الشارع الجديد". واستطرد قائلا: "أرصد جملة النفسيات والذهنيات والسلوكات المترتبة من الطرفين (الشعب والسلطة)". ويرى بوكبة أن دور المثقف "ليس القيام بالحشد العددي للحراك وإنّما تعميق النقاش والتنبيه إلى الثغرات واقتراح الحلول والأفكار، وتثمين المواقف الجادة وإضاءة الجوانب الحضارية والثقافية والإنسانية التي تميز بها الحراك". ويشير المؤلف إلى أنّه "بغضّ النّظر عن المآلات السّياسيّة للحراك، فهو أثمر مكاسب اجتماعيّة وثقافيّة وحضاريّة مهمّة جدّا على مستوى الشّارع، بما يهيّئ لمجتمع مدنيّ حقيقيّ يتوجّه نحو التكامل والتّماسك". ويضيف: "لا شكّ في أنّ هذا الواقع الجديد سيفرز فعاليات سياسيّة واقتصاديّة وإعلاميّة وثقافيّة مبتكرة، تكون بديلا للواجهات المزيّفة والمتواطئة القائمة الآن". ويتابع قوله: "ستكون مشمولة أيضا مستقبلا بمقولة يتنحّاو قاع (يتنّحوا جميعا) بشكل عفويّ، من خلال المقاطعة الشّعبية الواعية، لذلك فهي تتموقع ضدّ التّغيير، من غير أن تعلن ذلك صراحة". ** تأملات رصدت في المظاهرات وعما رصده من تأملات في المظاهرات، يقول بوكبة "مثل تأملات داخل حديقة عامة حيث ألاحظ زوال الفوارق بين الأسر والأفراد والأجيال، فكأنّ الأمر يتعلّق بحضور عرس عائليّ لا بدخول حديقة عامّة". ويشير في هذا السياق، إلى أنّ "العائلات تجلس بالقرب من بعضها، تتبادل المأكولات والمشروبات، تتفاعل جماعيّا مع الأغاني التّي تبثّها منصّة الموسيقى، تتعامل حميميّا مع كبيرات السن، يقل الأطفال وتعنيفهم". ويذكر من التأملات، "اختفاء وقاحة الشّباب في التّعامل مع الشّابّات، اعتداد الفتاة في تحرّكاتها وتصرّفاتها داخل الفضاء، النّقاش بين الجميع عن مستقبل البلاد، التّرحيب بالأسر القادمة من خارج المحافظة، انتقال السّؤال من الحالة الخاصّة إلى السّؤال عن واقع الحراك، الانضمام العفوي لكل صورة جماعية". ويوضح الكاتب أنّ "الحراك الشّعبيّ والسّلمي، في بداياته، يصطدم بسؤال مفخّخ باللّؤم: من يقف خلفه؟ ومن هؤلاء الشّباب الذّين ظهر لهم فجأة أن يطالبوا بإسقاط الولاية الخامسة للرّئيس بوتفليقة، ثمّ بإسقاط حروفه التّي خلفته وبمحاسبتها؟". ويلفت بوكبة إلى أنّ "الحراك بعد أن فرض نفسه ومطالبه، وبات حقيقة اجتماعيّة وسياسيّة صارخة، تمّ الانتقال إلى التّشكيك، بالسّؤال نفسه، عن روافده الشبابية الجديدة، التّي أثمرتها روح المواكبة لدى شبابه". وعبد الرزاق بوكبة، شاعر وروائي وكاتب صحفي، ولد عام 1977 بقرية "أولاد جحيش" في محافظة برج بوعريريج (شرق البلاد)، ولديه العديد من المؤلفات في الرواية والشعر والقصة، منها "من دس خف سيبويه في الرمل؟"، "ندبة الهلالي من قال للشمعة أح"، "يدان لثلاث بنات"، "كفن الموت، "عطش الساقية". الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
مشاركة :