قد يخفى على البعض ما تواجهه إيران من مشاكل واضطرابات حقيقية، وغضب شعبي تجاه سياستها الداخلية، والتي تتمثل في تدني مستوى حقوق الإنسان، والمشاكل الاجتماعية، والأزمات الاقتصادية والدينية التي تواجهها، وقمع الحريات، وعملية التفرقة المذهبية والعرقية، في ظل انقسام المجتمع الإيراني في مذاهبهم، وأعراقهم، ولغاتهم، فهو مجتمع ينقسم إلى عدد من المجموعات العرقية واللغوية، وهم الفرس وهم الأغلبية، والأتراك والأكراد ثم العرب والتركمان، هذا إلى جانب ما يواجهه الشعب الإيراني من ارتفاع نسب البطالة والاعتقالات السياسية القمعية . وفي المقابل وبالرغم من الغضب الشعبي تجاه سياسة الحكومة الإيرانية الداخلية، وعدم الالتفاف لمطالبهم، إلا أنها اتجهت ووضعت جل اهتمامها في السياسة الخارجية، وأنفقت ميزانياتها على المشروع النووي، ودعم الأحزاب والمليشيات المتطرفة، وزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وإثارة القلاقل في ظل مشروعها التوسعي في المنطقة، ولذلك فقط ألقت تلك السياسة الخارجية بظلالها على الشأن الداخلي الإيراني، مما سبب جملة من عمليات الاضطرابات والنزاعات والمظاهرات المستمرة، والغضب الشعبي التي تواجهه تجاه سياستها الداخلية، بل حتى الخارجية، لأنها كانت سبباً رئيسياً في تدهور الحياة الاجتماعية والاقتصادية في إيران. ورغم ذلك كله تزعم وتدعي إيران بأنها قادرة على حل مشاكل المنطقة، في ظل أطماعها التوسعية التي تخطط لها، والتدخل في شؤون دول الجوار، وبالتالي صنعت تلك الأكاذيب بغية في تنفيذ مشروعها الطامع في المنطقة، وربما نسيت، أو تناست في حل قضايا شؤونها الداخلية قبل التفكير في دول مجاورة !. طهران توهم العالم بحرصها على قضايا المنطقة وهي جزء من المشكلة.. «فاقد الشيء لا يعطيه»! «الرياض» تسلط الضوء في هذا التحقيق حول الشأن الداخلي الإيراني، وأثر تلك السياسة على المستوى الشعبي: صدامات داخلية أصبح الشارع الإيراني بين الحين والآخر مسرحاً للتظاهرات والمصادمات، نتيجة للوضع الاقتصادي الاجتماعي السياسي، نظراً لأن إيران لا تعيش أفضل حالاتها خاصة بعد تورطها التوسعي في مناطق كثيرة في العالم، مما أدى إلى استنزافها، كما شهدت إيران تحولات اجتماعية وسياسية عديدة، مثل الثورة الإسلامية، والحرب مع العراق، والعقوبات الاقتصادية، والصدامات السياسية الداخلية، وذلك بسبب سياستها الخارجية العدوانية وتدخلها السافر في شؤون الغير وإثارة الفوضى والقلاقل، بينما في المقابل تتجاهل الوضع الداخلي، مما سبب لها أزمات اجتماعية وسياسية واقتصادية. حقوق الإنسان وتقع إيران في ذيل الدول الممثلة لحقوق الإنسان، وهو ما أثبته المقررون التابعون للأمم المتحدة، وممثلو حقوق الانسان بإيران، حيث أعرب القرار الصادر من مجلس حقوق الانسان للدورة 31 عن الأسف إزاء عدم تعاون إيران مع الآليات الدولية لحقوق الإنسان، وعدم تطبيق قرارات مجلس حقوق الإنسان، والجمعية العامة للأمم المتحدة، مطالبًا الحكومة الإيرانية بالتعاون الكامل مع مقرر حقوق الإنسان، والسماح له بزيارة البلاد، وتقديم جميع المعلومات اللازمة له للقيام بمهمته، كما قال المقرر الخاص المعني بحالة حقوق الإنسان بإيران أحمد شهيد " إن السلطات الإيرانية لا تزال مستمرة في مضايقة واعتقال ومحاكمة وسجن أعضاء من المجتمع المدني، الذين ينتقدون الحكومة أو الذين ينحرفون علنا عن الأخبار الرسمية " ، ويقول شهيد "إن موقف الحكومة المعلن هو أنها لا تعتقل الصحفيين أو المحامين أو نشطاء حقوق الإنسان لنشاطهم بحد ذاته، ولكن لارتكابهم " جرائم الأمن القومي "، مؤكداً أن هذا الموقف أدى إلى سجن الصحفيين أكثر من أي بلد في العالم تقريباً، وجدد شهيد دعوته للسلطات الإيرانية بالإفراج الفوري عن جميع الأفراد المحتجزين حالياً . سياسة طهران استنزفت مقدّرات الإيرانيين وأفرزت البطالة والإعدامات والاعتقالات سياسة الإعدام! وفي تقرير آخر ندد المقرر الخاص للأمم المتحدة أحمد شهيد المكلف بملف حقوق الإنسان في إيران، بتدهور حقوق الإنسان في إيران، وإلى الزيادة السريعة في عمليات الإعدام، مشيراً إلى أن قسماً من الإيرانيين يخشون أن تطغى المفاوضات حول الملف النووي الإيراني على المسائل الأخرى. وقال المقرر الخاص للأمم المتحدة قبل رفع تقريره الأخير أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف " إن الوضع العام في إيران لا يزال كارثيا" في إشارة إلى زيادة وتيرة عمليات الإعدام، وسجن الصحافيين والناشطي،ن والتمييز بحق النساء، ووضع الأقليات الذي ما يزال مثيرا للقلق، مؤكداً أن "إيران لا تزال في المرتبة الأولى لجهة عدد عمليات الإعدام مقارنة بعدد السكان"، مطالباً بالإفراج فوراً عن كل المسجونين بتهم لها علاقة بحرية التعبير والدين والاجتماع، مبيناً أن إيران هي الدولة التي فيها أكبر عدد من الصحافيين المسجونين وفي 30 مايو 2014 أفاد مركز الإحصاء الإيراني بأن معدل البطالة لدى الشباب (بين 15و24 عاما) «بلغ 24 %»، وقال وزير العمل علي ربيعي: “1.1 مليون من خريجي الجامعات يدخلون سوق العمل الآن، لن يجدوا فرصة، إضافة إلى 4.5 ملايين طالب جامعي سيتخرّجون قريباً، علينا التحرّك سريعاً، وإلا سيواجه سوق العمل تسونامي من 5.6 ملايين متعلّم باحثين عن عملٍ”. كما تقوم السلطات الإيرانية باعتقال كل من ينتقد النظام، أو يبدي افكاراً تتعارض مع من صانوا الثورة الاسلامية الخمينية، وفي ظل ذلك القمع من قبل السلطات الايرانية لجأ الكثير من الإيرانيين إلى محاولة إيصال أصواتهم، ومعاناتهم، وما يواجهونه من عمليات القمع والظلم والتطهير المذهبي، عن طريق استخدامهم لوسائل التواصل الاجتماعي رغبة في التعبير عن آرائهم بحرية وايصال معاناتهم، كما تضم السجون الإيرانية خلف جدرانها، أعدادا كبيرة من المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي، وصحفيين وقضاة وناشطين حقوقيين ومدونين، إضافة إلى بعض القساوسة، ورجال الدين من السنة، وغيرهم. أزمة اقتصادية وفي الشأن الاقتصادي الإيراني شهدت أسعار المواد الغذائية ارتفاعاً ملحوظاً، بسبب تدهور قيمة العملة الإيرانية اثر العقوبات الدولية، في حين تعاني شريحة كبيرة من الشعب الايراني من وصولهم إلى خط الفقر بشكل مخيف، في ظل ما تمتلكه إيران من مداخيل ضخمة من الحصص النفطية، إلا أنها تستنزف أموالها وميزانياتها من خلال برنامجها النووي، وتعزيز سياستها الخارجية عن طريق دعم الثورات والميليشيات المتطرفة، وشراء الأسلحة، وتوزيعها على الأحزاب التابعة لها.
مشاركة :