إسماعيل مظهر.. عقل من عصر النهضة

  • 6/4/2019
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

لم ينل إسماعيل مظهر (1891 - 1962) ما يستحقه من اهتمام مؤرخي الفكر العربي، بالرغم من أنه يأتي على رأس تيار يوصف بأنه التيار العلمي في الفكر العربي المعاصر، ذلك التيار الذي ينتصر للعلم ونظرياته ويبشر بإنجازاته، لقد لمع اسم إسماعيل مظهر في زمن لطفي السيد وطه حسين وعباس العقاد وسلامة موسى ومحمد حسين هيكل، وغيرهم من المثقفين الموسوعيين العظام، وإن تميز بينهم بموسوعيته التي مالت إلى نظريات العلم الحديث، الطبيعي والتجريبي، ثم إنه تميز بذهنية عالية تلزم نفسها بصرامة العلم ومنهجيته ودقته، فترك لنا تراثا كبيرا، احتفل به بعض الدارسين في حقل الفلسفة، وإن لم يلق عناية كبيرة من جانب المؤرخين. في هذه الدراسة وعنوانها «إسماعيل مظهر جدل العلم والدين والحرية»، يحاول أحمد صلاح الملا الإحاطة بأهم جوانب فكر أحد أهم مفكري عصر النهضة العربية في النصف الأول من القرن العشرين، فقد كان إسماعيل مظهر من أغزر مثقفي جيله إنتاجاً، كما كان واحداً من أكثر من تنطبق عليهم فيه صفة الموسوعية، إذ بينما كانت بؤرة عمله ترسيخ مفاهيم ونظريات العلوم الطبيعية الحديثة في الثقافة العربية، وتنوع جهده أيضا بين دعم قضايا المرأة ومحاولة بلورة رؤى متكاملة للنهوض بالتعليم، وكذلك لتطوير اللغة العربية بما يسمح لها باستيعاب مفاهيم العلم الحديث. وعلى مستوى آخر كان لمظهر اهتمامات عميقة بالفكر السياسي الحديث، فكتب كثيرا عن الليبرالية والرأسمالية والاشتراكية، من موقعه الفكري الذي التزم الليبرالية دائماً، ولعل من أبرز ما يلفت النظر في كتابات مظهر - فضلاً عن تنوعها وموسوعيتها - ما تميزت به هذه الكتابات من دقة وصرامة منهجية بشكل بلغ أحياناً حدود التخصص الاحترافي الدقيق في كثير من المجالات التي كتب فيها الرجل. وبشكل أساسي فإن ما يعالجه الكتاب هو الآلية التي عمل بها عقل إسماعيل مظهر في جميع المجالات التي عني بها، والقائمة على الجدل المتأرجح والمضطرب بين النقائض أحياناً، فعلى مستوى العلاقة بين العلم والدين أدى هذا الجدل المضطرب لدى الرجل في كثير من الحالات إلى قفزات مفاجئة بين الوسطية الكلاسيكية الحذرة والعلمانية الراديكالية، وهو ما أربك أحكام بعض دارسيه السابقين وقادهم إلى تقييمات غير دقيقة لمشروع الرجل ومغزى دوره الثقافي العام. وتأسيساً على هذا يتبع المؤلف منهج التحليل التاريخي لنصوص إسماعيل مظهر في كتبه ومختلف الدوريات التي كتب فيها، لربط هذه النصوص بالواقع الذي أنتجها والوصول في النهاية إلى تقييم صحيح، يحدد موقع الرجل على الساحة الفكرية .

مشاركة :