«أقرأ لكون الكتب منارات منصوبة في بحار الزمن العظيمة». إدوين ويبل«ذلك الكون» الذي يدعونه «المكتبة».خورخي لويس بورخيسرغم تعدد الملتقيات والمنتديات الثقافية أخيراً وتزايد أنشطتها الأدبية والفنية. وأهدافها النبيلة أحياناً إلا أنني مازلت أظن انها محدودة الطموح لم تؤد الغرض التنويري المطلوب منها. ولم تتعدَ كونها نشاطات معلبة مسيسة أحياناً. لم تخرج عن كونها حراكاً اجتماعياً استعراضياً مغشوشاً ومكشوفاً أكثر منه ثقافي فكري. وأحياناً إعلامي إعلاني يخدم أصحابه ويلمع صورهم ليس إلا. لماذا لم يقم أي من تلك المنصات الثقافية بمايلي:1 - مخاطبة المسؤولين مباشرة حول ضرورة رفع سقف حرية التعبير والتأليف والنشر. وتفعيل مواد الدستور التي تكشفها. والتنسيق مع جهات قانونية لردع الفجوة بين مواد الدستور وصعوبة تطبيقها في الواقع.2 - لماذا لم يتم الدعوة لفتح تحقيق حول أهلية والمستوى العلمي لموظفي جهاز الرقابة في الإعلام. ومدى أهليتهم للحكم على الكتب وإن كانوا من ذوي الاختصاص في مجال الكتب العلمية والفكرية المتخصصة.3 - لماذا لم يتم طرح أسئلة حول سبب إقصاء الكفاءات المحلية من المشاركة في الندوات والمؤتمرات. 4 - لماذا لم يتم تكريم الأديب والمبدع الكويتي ومنحه حقوقه. وضمان مستقبله الإبداعي والمعيشي. 5 - لماذا لم تتم المطالبة بدعم ميزانية الثقافة والكتاب والإبداع المحلي. والحراك العلمي والفني والفكري. وحماية المبدع الكويتي، سواء كان كاتباً أو فناناً أو عالماً. و دعمه قانونياً وإعلامياً واجتماعياً ومادياً. بحيث يعين له جهاز قانوني للدفاع عنه ضد المنع والقمع والجهل والتجاهل والإهمال والتجميد والعزل والإقصاء. مع اكتفائه مادياً حتى يعيش بكرامة من دون ضيق. أليست مقولة: «الجوع يحكم نصف العالم، والجهل يحكم النصف الآخر والدينار يتاجر بكليهما». تعبر عن كل هذا.لكن الكاتب يحارب الفشل والخديعة والخذلان في المجتمع والعالم بقلمه وكلمته. إن سرَّ نجاح الكاتب ليس فقط في مهارة اللغة والحبكة والصور البلاغية وجمال التعبير وفنية السرد. بل كل هذا ممزوج في الخيال ومهارة تناول الأدوات. أن يقدح شرارة المخيلة في تطعيم العمل بنفائس المحاور والتفاصيل. وأيضاً يتخيّل قارئه المتميز الوحيد المفضّل المخلص. يتخيله ثم يتبادل معه المكان. ويتقمص حالته. عزلته. حنينه واشواقه. ثم يكتب وكأنه ينجو من الموت والظلمة والعمى والتفاهة وقابلية البيع والشراء. ليمسك بحالة الدهشة وضياء قناديل البوح في كهوف المتعة والغموض. كأن توقظ الحنين الغافي تستعيد ثقتك باللغة وهي تخرج من تنور القلب. يكتب ليمثّل على خشبة مسرح غرباء التقوا بالصدفة فاندمجوا وتمايلوا وتداعوا وهم ينصتون لحكايات بعضهم البعض. بقصد أو بغير قصد. حين يشعل الكاتب فتيل شرارة فضول القارئ. حينها يمتلكه لأنه يشركه في فعل الكتابة.فالكاتب لا يكون كاتباً حتى يزيل غبار الروتين عن وهج الأيام. ويعيد إلى النّفوس المنهكة ذكرى جميلة وصورة فرحة تكاثر فوقها غبار النسيان، يكتب ليجعل النفس تشفى من داء الكتمان والتردد والخوف والخذلان، من التيه بلا عنوان، يكتب ليهب الحياة لمن التحفوا الرصيف والأمل لمن نفضوا ايديهم من الغد وقالوا كفى! الكاتب يكتب لأجل من خانته العبارات وغادرته الأماكن، يكتب لأصحاب القلوب المفجوعة، يكتب ليجد نفسه ويجعل الآخرين يجدون أنفسهم عبره.في العيدجربوا أن تقصفوا بصواريخ محبة وجمال وتسامح. معقودة بشرائط ملونة وبالونات، مملوءة بالطعام، مكتظة بالألعاب، متخمة بالشوكولا والحلوى.. بالثياب الجديدة، بعلب التموين والفرح، لينطلق التهليل والدعاء والحب، جربوا. ارحموا الأطفال وأحفادكم من رد الزمن والتاريخ المؤلم.
مشاركة :