نهضة الاستثمار وتسارع النمو الاقتصادي «1من 2»

  • 6/7/2019
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

تسارع النمو الاقتصادي في إفريقيا على مدى الـ15 عاما الماضية، وزاد إلى حد كبير بسبب ما تتلقاه القارة من استثمار أجنبي مباشر مقارنة بما سبق. ومن شبه المؤكد أن كل تطور يسهم بدور في تحقيق التطور الآخر. وقد قام متوسط الاقتصادات الإفريقية بتحسين مؤسساتها وسياساتها، وذلك بإجراء تغييرات لا تقتصر على تحقيق نمو أفضل وأكثر إنتاجية فقط، بل تؤدي أيضا إلى جذب مزيد من الاستثمار المحلي والأجنبي. وفي الوقت نفسه، هناك من الأدلة ما يشير إلى انتقال الآثار الإيجابية المترتبة على الاستثمار الأجنبي المباشر، الذي ينطوي على حصص ملكية في المؤسسات، إلى الاقتصادات المتلقية عن طريق توفير التكنولوجيا والإدارة والاتصال بسلاسل القيمة المضافة العالمية التي يتوقع أن تحقق نموا اقتصاديا أسرع في إفريقيا. ويكتسب تسارع النمو أهمية في إفريقيا؛ لأن زيادة النمو في العقد الماضي أدت إلى أفضل تقدم على مستوى القارة منذ ما قبل عام 1990 فيما يتصل بالحد من الفقر. وبين عامي 1990 و2002، استقر معدل الفقر في إفريقيا جنوب الصحراء عند 75 في المائة من السكان "يعيشون تحت خط الفقر الذي حدده البنك الدولي بمقدار 1.25 دولار يوميا". ولكن بين عامي 2002 و2011، انخفض الفقر 10 في المائة. وينبغي مواصلة النمو لزيادة تخفيض الفقر، ويمكن أن يساعد وجود تدفق مطرد من الاستثمار الأجنبي المباشر على تحقيق هذا الهدف. وقد حظي جزء من هذه النهضة الاستثمارية باهتمام كبير أخيرا، وهو الاستثمار الصيني المباشر في إفريقيا؛ إذ أصبحت الصين الشريك التجاري الرئيس لإفريقيا، وأدى الطلب الصيني إلى زيادة حجم الصادرات الإفريقية وإيرادات التصدير. بل إن كثيرا من المراقبين يفترضون أن الصين أصبحت المستثمر المهيمن في إفريقيا. وقد أقيمت بالفعل بعض الاستثمارات البارزة الكبيرة في الموارد الطبيعية، بما في ذلك ما أقيم في بعض البلدان ذات السجل الضعيف في مجال الحوكمة، مثل حصص النفط والغاز التي اشترتها شركة سينوبك في أنجولا، ومنجم حديد سيكومينز في الكونغو، واستثمارات شركة تشاينالكو للتعدين في غينيا. ولكن في الواقع، ورغم كون الصين مستثمرا مهما في إفريقيا ومن المرجح أن تظل كذلك، فهي لم تصل إلى درجة المستثمر المهيمن، سواء في قطاع الموارد الطبيعية أو غيره من القطاعات. وإضافة إلى ذلك، ليس من الواضح ما يحمله تباطؤ النمو أخيرا في الصين بالنسبة لإفريقيا. وينظر بحثنا فيما وراء الصفقات الكبيرة بين مؤسسات الدولة، كالصفقات المذكورة آنفا التي كانت محط الأنظار، للتعرف على حقيقة الاستثمارات الصينية، ولا سيما الخاصة، في إفريقيا. وتجدر الإشارة إلى أن الاستثمار الصيني يمكن أن يحقق زيادة كبيرة في إفريقيا، وهو ما يرجع في جانب منه إلى الاتجاهين المتضادين للخصائص الديمغرافية في كل من الصين وإفريقيا. ومرت الصين بفترة من النمو السريع للقوى العاملة استلزمت منها توفير 20 مليون وظيفة سنويا. غير أن هذه المرحلة انتهت، وبدأ تناقص أعداد السكان في سن العمل "15 - 64 عاما"، مثلما هو الحال في معظم الاقتصادات المتقدمة. ومن جهة أخرى، بحلول عام 2035، سيزداد عدد سكان إفريقيا جنوب الصحراء ممن هم في سن العمل متجاوزا العدد المقابل في بقية بلدان العالم مجتمعة (صندوق النقد الدولي 2015)، وستصبح إفريقيا وجنوب آسيا المصدرين الأساسيين لنمو القوى العاملة في الاقتصاد العالمي، بينما تتناقص القوى العاملة في أنحاء العالم الأخرى. ويعني هذا أن هناك إمكانات كبيرة لتحقيق منفعة متبادلة من الاستثمار الأجنبي الذي يتدفق من الاقتصادات التي تعاني الشيخوخة مثل الصين إلى الاقتصادات الأكثر شبابا وديناميكية في إفريقيا. وعند استقصاء أوضاع الاستثمار الصيني الأجنبي المباشر "الذي يسميه الصينيون الاستثمار المباشر في الخارج"، استخدمنا بيانات على مستوى الشركات أعدتها وزارة التجارة الصينية. فمن المفترض بالنسبة للشركات الصينية التي تقوم باستثمارات مباشرة في الخارج أن تسجل استثماراتها لدى وزارة التجارة. وتتضمن قاعدة البيانات الناتجة عن هذا التسجيل موقع الشركة في الصين ومجال النشاط الذي تتخصص فيه، كما تتضمن البلد الذي يتدفق الاستثمار إليه ووصفا باللغة الصينية للمشروع الاستثماري. غير أن قاعدة البيانات لا تتضمن قيمة الاستثمار. وقد قام نحو ألفي شركة صينية بالاستثمار في 49 بلدا إفريقيا في 1998-2012.

مشاركة :