نهضة الاستثمار وتسارع النمو الاقتصادي «2 من 3»

  • 7/25/2019
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

من بين هذه البيانات تبرز على الفور أمور تتعلق بأرقام الاستثمارات. فالاستثمارات غير مركزة في الموارد الطبيعية. وقطاع الخدمات حصل على معظم أرقام الاستثمارات ـ مثل فروع البيع أو العمليات التي تقدم المساعدة لقطاعي البناء والنقل. وكانت هناك استثمارات كبيرة أيضا في قطاع التصنيع. ومعظم الاستثمارات الأجنبية المباشرة تتركز في قطاع الخدمات، سواء عالميا أو في إفريقيا، ومن ثم فإن الاستثمار الصيني مطابق للمعتاد. والاستثمار الصيني موزع جيدا في إفريقيا: في البلدان الغنية بالموارد مثل نيجيريا وجنوب إفريقيا، وأيضا في البلدان غير الغنية بالموارد الطبيعية مثل إثيوبيا وكينيا وأوغندا. حتى في البلدان الغنية بالموارد، تشكل مشاريع الموارد الطبيعية نسبة صغيرة من كل استثمار. وقد تساءلنا أيضا ما إذا كانت مستلزمات الإنتاج ـ مثل الأرض والعمالة ورأس المال ـ وغيرها من خصائص البلدان تؤثر في عدد وأنواع المشاريع الاستثمارية التي يقيمها المستثمرون الصينيون. فإذا كان الاستثمار الصيني مماثلا للاستثمار الهادف للربح من البلدان الأخرى، فينبغي أن يكون عدد وطبيعة المشاريع مرتبطين بعوامل الإنتاج إلى جانب الخصائص الأخرى التي تتمتع بها البلدان المتلقية. وخلص البحث إلى أن الاستثمار الأجنبي المباشر من الصين في إفريقيا أقل انتشارا في القطاعات التي تتطلب عمالة عالية المهارة، ولا يغلب عليه الاتجاه إلى البلدان ذات العمالة جيدة التدريب، مما يشير إلى أن المستثمرين الصينيين يهدفون إلى الاستفادة من المميزات التي تنفرد بها هذه البلدان مقارنة بالبلدان الأخرى في المنطقة التي تفتقر قوتها العاملة إلى مستوى التدريب نفسه. وخلصنا أيضا إلى أن الاستثمار الأجنبي المباشر من الصين أكثر تركزا في القطاعات كثيفة الاستخدام لرأس المال في البلدان الأكثر افتقارا لرأس المال، مما يشير إلى أهميته كمصدر للتمويل الخارجي في القارة الإفريقية. وفي تقديرنا المبدئي للاستثمار الصيني في إفريقيا، نظرنا إلى عدد المشاريع الاستثمارية دون النظر في حجم الاستثمار ـ مما قد يفسر السبب في أن استنتاجاتنا عن طبيعة الاستثمارات الصينية لم تؤيد الاعتقاد الشائع أن الصين أكبر المستثمرين حجما في إفريقيا. لكن عندما نظرنا إلى الاستثمارات حسب الحجم، وجدنا أيضا أن الصين لا تهيمن على الاستثمار الأجنبي المباشر في إفريقيا. وباستخدام البيانات الإجمالية الصادرة عن وزارة التجارة بشأن رصيد الاستثمار الأجنبي المباشر من الصين "أي قيمة الاستثمار القائم في البلدان الإفريقية المختلفة، وجدنا أنه لم يتجاوز 3 في المائة من مجموع الاستثمار الأجنبي المباشر في القارة في نهاية 2011، حيث كان معظم الاستثمار من مصادر غربية. وعلى الرغم من أن هذا الرقم قد يبدو صغيرا للكثيرين، فإنه رقم تؤكده مصادر أخرى. فطبقا لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية 2015، بلغ الاستثمار الأجنبي المباشر الجديد من الصين في إفريقيا 4.4 في المائة من مجموع تدفقات الاستثمار في الفترة 2013 ــ 2014 بزيادة طفيفة عن حصة الصين من الاستثمارات القائمة. وتعد بلدان الاتحاد الأوروبي، وعلى رأسها فرنسا والمملكة المتحدة، هي المستثمر الأكبر على الإطلاق في إفريقيا. وللولايات المتحدة استثمارات كبيرة أيضا، حتى جنوب إفريقيا تستثمر في القارة أكثر مما تستثمر الصين. وإضافة إلى ذلك، فمن حيث قيمة الاستثمارات، تخصص الصين استثمارات مباشرة في إفريقيا بقدر ما تفعل البلدان الأخرى. فالمستثمرون الصينيون وغير الصينيين يقبلون على الأسواق الكبيرة والبلدان الغنية بالموارد الطبيعية. وبالتالي، رغم أن معظم الاستثمارات الصينية تتركز في الخدمات والتصنيع، نجد أنها غالبا ما تكون أصغر من الاستثمارات عالية القيمة المعتادة في الطاقة والمعادن. كذلك يفضل المستثمرون الغربيون مشاريع الاستثمار عالية التكلفة في مجال الموارد الطبيعية. وهناك فرق مهم بين الاستثمارات المكلفة التي تقوم بها الصين وتلك التي تقوم بها الشركات الغربية، وهو ما يتعلق بالحوكمة. فالاستثمار الغربي مركز في البلدان الإفريقية التي تتسم بحقوق ملكية أفضل ومستوى أفضل من سيادة القانون. أما الاستثمار الأجنبي المباشر من الصين فهو لا يهتم بمناخ حقوق الملكية سيادة القانون، وغالبا ما تكون البلدان المستقرة سياسيا هي المفضلة لتوجيه استثماراتها عالية التكلفة. وهذا الفرق منطقي لأن نسبة كبيرة من الاستثمارات الصينية مرتبطة بصفقات الموارد بين الدول. وتساءل المحللون عما إذا كان تباطؤ النشاط الاقتصادي في الصين أخيرا، واضطرابات سوق الأسهم في الربع الثاني من عام 2015 وانخفاض سعر اليوان في آب (أغسطس) 2015، قد تنذر بتباطؤ الاستثمار الأجنبي المباشر من الصين. والقضية الأساسية في الاقتصاد الصيني هي أنه اعتمد على الصادرات والاستثمارات لفترة بالغة الطول ويمر الآن بمرحلة تحول صعبة نحو نموذج مختلف للنمو. ولأن الصين أكبر مصدر في العالم فليس من الواقعي أن تنمو صادراتها بمعدل أسرع بكثير من نمو التجارة العالمية. وقد كان نمو حجم الصادرات الصينية منخفضا أخيرا في حدود الرقم الواحد، على غرار معدل نمو التجارة العالمية. وليس هناك مشكلة في القدرة التنافسية الصينية، لكنها تواجه سوقا عالمية بطيئة النمو. ومن المرجح ألا يؤدي تخفيض سعر الصرف إلى تغيير كبير في الصورة لأن هناك اقتصادات نامية أخرى قد تحذو الحذو

مشاركة :