أكد خبراء أمنيون واستراتيجيون مصريون، على تراجع معدلات العمليات الإرهابية في الآونة الأخيرة وذلك نتيجة لمقاطعة دول الرباعي العربي (السعودية والإمارات والبحرين ومصر) لقطر والتي مر عليها عامان، حيث أسهمت المقاطعة في تحجيم دعم الدوحة للعمليات الإرهابية في الوطن العربي، موضحين لـ«الاتحاد» أن القوائم الإرهابية المحظورة وتجفيف منابع تمويل الجماعات ومواجهة منصات الدوحة الإعلامية وكشف زيفها وحظرها في دول الرباعي، كان له دور في دحر تنظيم داعش الإرهابي في المنطقة بأسرها. واعتبر اللواء فؤاد علام، الخبير الأمني، نائب رئيس جهاز أمن الدولة الأسبق في مصر، أن دولة قطر أحد الداعمين الرئيسين للتنظيمات الإرهابية التي تعمل على زعزعة الاستقرار في المنطقة، مشيراً إلى أن مقاطعة الرباعي العربي لها، أسهمت في الحد من هذا الدعم، لافتاً إلى أن فرض المقاطعة على قطر، قوض من قدراتها على التحرك بُحرية في ملف دعم الإرهاب، موضحاً أنه مع استمرار المقاطعة ستكون هناك نتائج إيجابية أكثر. وحذر علام خلال حديثه لـ«الاتحاد» من أن التضييق على قطر وحليفتها تركيا التي تعاني من تدهور اقتصادي، قد يؤدي بهما إلى بذل جهود أكبر للتأثير على دول المقاطعة، مثل دعم الجماعات الإرهابية في ليبيا، عن طريق أسلحة متطورة، وأفراد يتم استجلابهم من سوريا والعراق في بعض الأحيان، كاشفاً عن السبب الذي يسهل القيام بهذه العمليات وهو ميناء طرابلس المفتوح للداعمين. وأعلنت المقاطعة العربية في الخامس من يونيو 2017، وقد أسهمت في قطع سبل الدعم اللوجيستي لتلك التنظيمات التي نشطت في الوطن العربي خلال السنوات الماضية، ففي مصر التي شهدت منذ سنوات موجة عنيفة مما يسمى «ثورات الربيع العربي» تمكن تنظيم الإخوان الإرهابي بمساعدة قطر من التغلغل في مؤسسات الدولة حتى ثورة 30 يونيو. وبحسب مراقبين فإنه في أعقاب الثورة التي أطاحت بالرئيس الأسبق التابع لتنظيم الإخوان الإرهابي محمد مرسي، بدأ الدعم القطري المشبوه في الازدياد لتلك الجماعة المحظورة، فعقب المقاطعة العربية وقطع شرايين التمويل المشبوهة، نجحت مصر في استعادة عافيتها، ففي فبراير 2018 أعلنت القوات المسلحة القضاء على أكثر من 450 إرهابياً منذ بدء العملية الشاملة «سيناء 2018»، كما نجحت في تدمير البنية التحتية للعناصر الإرهابية، وعملت على ضبط وتدمير عدد كبير من الدراجات النارية، وكذلك ضبط وتفجير عدد من العبوات الناسفة. وفي ضربة قاصمة للإرهاب، تسلمت القاهرة من الجيش الوطني الليبي الإرهابي هشام عشماوي الذي تم القبض عليه في عملية عسكرية ضد التنظيمات الإرهابية في مدينة درنة، ويعتبر عشماوي الصندوق الأسود للتنظيمات الإرهابية المدعومة من قطر في مصر وليبيا. وفي الإطار ذاته، أكد اللواء محمد نور الدين مساعد وزير الداخلية المصرية السابق، أن مقاطعة الرباعي العربي لقطر تمثل حصاراً للتنظيمات الإرهابية، لما تمثله الدوحة من داعم رئيس لها. وذكر نور الدين لـ«الاتحاد» أن العمل الإرهابي يقوم على ركيزتين هما المال والتخطيط، موضحاً أن قطر تقوم بالتمويل، في حين تضطلع تركيا بالتخطيط، منوهاً إلى أن قطر وتركيا تمثلان «أهل الشر» بالشرق الأوسط، حيث تسعى واحدة فيهما وهي بحجم «البرغوث» لممارسة نفوذ وهيمنة، في حين يسعى «أردوغان» لاستعادة أمجاد أجداده العثمانيين باعتبار أن الدول العربية كانت رعايا لهم! وأضاف الخبير الأمني أن قطر تدور في فلك القوى الاستعمارية التي لها خطط بالمنطقة، ويؤكد هذا عدم اتخاذ موقف دولي حاد ضدها. ووفقاً لتقارير أجنبية، فإن ليبيا التي رعت فيها قطر الفوضى والتخريب والتورط في قتل الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، بدأت في قطع الأيادي الخبيثة داخل البلاد، فعقب المقاطعة العربية لقطر، بدأ الجيش الليبي استعادة السيطرة على الأراضي ومواجهه تدفق الأسلحة للمليشيات الإرهابية، كما أطلق الجيش الوطني الليبي عملية عسكرية واسعة في الرابع من أبريل الماضي، لتحرير العاصمة طرابلس من تلك الميليشيات. ولم تكتف قطر بتمويل الإرهاب فحسب بل عمدت إلى دعمه لوجستياً واستخباراتياً.. ففي اليمن انكشف الوجه الأقبح للنظام القطري وخيانته للتحالف العربي لدعم الشرعية، فعقب قرار المقاطعة، قرر التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية طرد قطر من التحالف بعد أن ثبتت خيانتها بتقديم إحداثيات مواقع القوات لميليشيات الحوثي المدعومة من إيران. ومكن طرد قطر من التحالف الجيش اليمني بإسناد من التحالف العربي من إسقاط أكثر من 100 قيادي حوثي من الصف الأول، من بينهم الرجل الثاني في التنظيم صالح الصماد، فضلاً عن مقتل أكثر من 5000 حوثي آخرين، كما تلقت ميليشيا الحوثي ضربات عسكرية قوية وتمت السيطرة على مواقع استراتيجية عدة في الساحل الغربي. من جانبه، قال اللواء محمد الغباري، الخبير العسكري، مدير كلية الدفاع الوطني الأسبق فى مصر، إن قطر كانت الذراع الذي تستخدمه الدول الاستعمارية في المنطقة لتحقيق مخططها في تفتيت الشرق الأوسط مستخدمين الجماعات الإرهابية ذريعة في ذلك، مشيراً إلى أن أجهزة مخابرات تلك الدول تعتبر الدوحة دولة حليفة. وأضاف الغباري لـ«الاتحاد» أن مقاطعة الرباعي لقطر، كشف عن نيتها ونية أميرها تميم في السبب الحقيقي لتمويل الارهاب، وهو أن كل حلمه أن تكون دولته الصغيرة ذات قيمة، كما أنها لا تملك جهات تشريعية تتمكن من محاسبة الحاكم على أموال الغاز الذي يمول به الجماعات المسلحة في الدول العربية مثل جبهة النصرة وداعش وغيرها من الجماعات. وأشار الخبير العسكري، إلى أن المقاطعة العربية أوقفت حرب الجيل الرابع الذي تتباه الدوحة، عبر القواعد العسكرية الأجنبية على أراضيها، لافتاً إلى أن التحركات المصرية والعربية على الأرض في مواجهة تلك الجماعات التحركات التي تمت على الأرض لحصار المقاتلين ومخططاتهم كان له دور كبير في إظهار ذلك. وفي العراق الذي مزقته التنظيمات الإرهابية المدعومة من إيران وقطر أعلن في ديسمبر 2017 النصر على تنظيم داعش واستعادة كل أراضيه من تحت سيطرته، حيث تمكنت القوات العراقية من انتهاز فرصة التضييق المالي على الميليشيات المسلحة نتيجة مقاطعة الدوحة في التقدم نحو البؤر الإرهابية والقضاء على أخطر التنظيمات المتطرفة. كما نجحت بغداد في تنظيم انتخابات تشريعية منتصرة على المال القطري الذي كان يضخ من أجل زيادة الفرقة والتقسيم للسماح للجماعات الإرهابية من التغلغل، كما نجحت المقاطعة العربية في تحجيم التنظيمات الإرهابية في سوريا التي تدعمها الدوحة، من أجل إثارة الفوضى وتنفيذ أجندتها التخريبية. وفي مارس الماضي أعلنت الولايات المتحدة القضاء على تنظيم داعش في سوريا، كما أكدت قوات سوريا الديمقراطية سيطرتها الكاملة على مخيم الباغوز آخر جيوب تنظيم داعش الإرهابي، الذي تتحصن فيه عناصره شمال شرقي سوريا.
مشاركة :