فاز الاشتراكيون الديموقراطيون في الدنمارك في الانتخابات العامة التي جرت أمس الاربعاء، بعد حملة تركزت على المناخ والرفاه والهجرة، مع تراجع التأييد لليمين المتطرف وارتفاع شعبية الخضر. وأقر رئيس الوزراء الليبرالي الدنماركي لارش لوكي راسموسن بالهزيمة بعدما حكم حزبه البلاد طيلة 14 عاماً خلال الـ18 عاماً الماضية، مع تصدر الاشتراكيين الديمقراطيين للنتائج وحصولهم على 25.9 في المئة من الأصوات، لتحصل الكتلة اليسارية على غالبية 91 من 179 مقعداً في البرلمان. وحصل حزب راسموسين الليبرالي على 23.4 في المئة من الأصوات، أي بارتفاع بنحو أربع نقاط عن انتخابات 2015، لكن الكتلة اليمينية لن تشغل سوى 75 مقعداً. وقال راسموسن أمام مؤيديه في وقت متقدم أمس الأربعاء: "حققنا نتيجة جيدة، لكن سيكون هناك تغيير حكومي. سأذهب إلى الملكة غداً لتقديم استقالة الحكومة". وقالت زعيمة الاشتراكيين الديموقراطيين ميتي فريدريكسن والمتوقع أن تكون رئيسة الحكومة المقبلة إن الدنماركيين "اختاروا غالبية جديدة ووجهة جديدة". ومُنيت حكومة راسموسن بالهزيمة بسبب تراجع حزب الشعب المناهض للهجرة، والذي قدم الدعم غير الرسمي لائتلاف الأقلية الحكومي من أجل تمرير تشريعات. وحزب الشعب الدنماركي الذي طالما قدم الدعم لحكومات يمينية متتالية لا تحظى بالأغلبية مقابل التشدد في سياسات الهجرة في العقدين الماضيين، سجل تراجعاً في شعبيته بأكثر من النصف وصولا إلى 8.7 في المئة، في أسوأ نتيجة على الإطلاق منذ العام 1998. وقال زعيم هذا الحزب كريستيان ثوليسين دال أمام أنصاره في تجمع انتخابي ليلي إن الحزب "لم يحقق نتيجة جيدة بما فيه الكفاية" وتحمل مسؤولية الخسارة. وأضاف أنه يرغب في مواصلة عمله على رأس الحزب. وقال: "لست بصدد ترك السفينة في وسط العاصفة، أتحمل مسؤولية النهوض بالحزب مجددا". وخسر حزب الشعب شعبيته بعدما تبنت معظم الأحزاب الأخرى سياسات هجرة تتضمن قيوداً. وقبل التصويت، بدا الفوز حليف الاشتراكيين الديمقراطيين الذين وصلوا إلى السلطة آخر مرة بين عامي 2011 و2015. وتحت قيادة فريدريكسن وهي من قدامى مناضلي الحزب وأصبحت عضواً في البرلمان في الرابعة والعشرين من عمرها، غيَّر الاشتراكيون الديموقراطيون أيضاً لهجتهم إزاء الهجرة. في بدايات الألفية الحالية، شجبت فريدريكسن سياسة الدنمارك باعتبارها واحدة من "الأشد قسوة في أوروبا". لكن تحت قيادتها، اقترح الاشتراكيون الديمقراطيون العام الماضي، وكجزء من حملتهم على الهجرة، إرسال طالبي اللجوء إلى معسكرات خاصة في شمال إفريقيا بانتظار البت في طلباتهم. مع اتفاق معظم الأحزاب على انتهاج سياسة صارمة إزاء الهجرة، ونظراً لأن الدنمارك تتمتع بنمو اقتصادي قوي وعمالة شبه كاملة ومالية عامة قوية، فقد ركز الاشتراكيون الديمقراطيون حملتهم الانتخابية على قضايا المناخ والدفاع عن دولة الرفاهية، ووعدوا بإنهاء التخفيضات في ميزانيتي التعليم والرعاية الصحية. سيكون على فريدريكسن الآن خوض مفاوضات مطولة في الأسابيع القادمة لضمان الدعم لحكومتها الجديدة. في خطاب الفوز، قالت إنها تنوي بناء حكومة تقتصر على أعضاء من حزبها، وقد سارعت الأحزاب اليسارية في التعبير عن مطالبها مقابل دعمها في البرلمان. وقالت بيا أولسن دير رئيسة حزب الشعب الاشتراكي: "نريد سياسة مناخية طموحة" بعد أن كان حزبها أحد أكبر الفائزين في الانتخابات بحصوله على 7.7 في المئة من الأصوات مقابل 4.2 في المئة عام 2015. ومن المتوقع أن يتعاون الاشتراكيون الديمقراطيون مع اليمين في قضايا الهجرة ومع اليسار في مسائل أخرى. لكن يمكن أن يجد الاشتراكيون الديمقراطيون أن من الضروري إقامة علاقات أكثر استدامة لضمان الاستقرار السياسي، بالنظر إلى المشهد السياسي المجزأ في البلاد. وفي الوقت ذاته، تزامن انزلاق حزب الشعب الدنماركي مع ظهور حزبين يمينيين متطرفين، هما "اليمين الجديد" و"الخط المتشدد" المعادي للمسلمين. وفاز "اليمين الجديد" بنسبة 2.3 في المئة من الأصوات تؤهله دخول البرلمان، بينما فشل الآخر في الفوز بالحد الأدنى البالغ 2 في المئة لذلك. ويضم البرلمان الدنماركي، فولكتينغ، 179 مقعداً، 4 منها مخصصة لمنطقتي الحكم الذاتي، غرينلاند وجزر فارو، مع مقعدين لكل منهما. وبلغت نسبة المشاركة في التصويت وهي عالية عادة، 84.5 في المئة، أي أقل بقليل من 85.9 في المئة المسجلة عام 2015.
مشاركة :