مشروع كلمة يصدر ترجمة أماثيل أسطورية للكاتب الفرنسي جول لافورغ

  • 6/9/2019
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

صدرت عن مشروع "كلمة" للترجمة في دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي، ضمن كلاسيكيّات الأدب الفرنسي، ترجمة مجموعة الشاعر والناثر الفرنسي جول لافورغ "أماثيل أسطوريّة"، وترجمها عن الفرنسية الكاتب والمترجم المغربيّ محمّد بنعبود، وراجع الترجمة ونقّحها ومهدّ لها بإضاءات نقديّة الشاعر والأكاديميّ العراقيّ المقيم في باريس كاظم جهاد.كان جول لافورغ، في سنّ الخامسة والعشرين عندما قرّر كتابة مجموعة قصصيّة أكملها وصدرت بعد رحيله بما يقرب من ثلاثة أشهر، إذ توفّي عن مرض السّلّ (الذي لم يكن له من علاجٍ شافٍ في تلك الفترة) في سنّ السّابعة والعشرين. هكذا فقد فيه الأدب موهبةً عالية ونبوغًا مبكّرًا اخترمه رحيلٌ مبكّر على شاكلة لوتريامون وراديغيه وآخرين.أفاد لافورغ بخاصّة من إسهامات التيّار الرمزيّ، ومن نزوعٍ كان سائدًا في فترته، يتمثّل في التّنويع على الأساطير وكبار الموضوعات القديمة، فاتّجه إلى ممارسة كتابة تناصيّة ومُحاكاتيّة ساخرة (باروديا) بالغة التّعقيد والثّراء تشكّل مجموعته القصصيّة الوحيدة والمترجمة هنا أنموذجها الباهر.استند لافورغ في كتاباته هذه على تقليد مسرحيّ كان شائعًا في العصر الوسيط، كانت المسرحيّة فيه تُدعى moralité، أي أمثولة، بمعنى مسرحيّة ذات مغزى أخلاقيّ. بيد أنّ الدلالة الأمثوليّة في العنوان ينبغي ألّا تنسينا أنّنا هنا أمام فنٍّ رفيع للباروديا أو المحاكاة السّاخرة. سوى أنّ قصص لافورغ هي أبعد ما يكون عن الهجاء الصّريح والتّعريض المعلَن، كما أنّها لا تتحدّث عن أشخاص حقيقيّين. لا بل بالعكس، يمكن أن تنطوي "الباروديا" عنده على مزيجٍ من الإجلال والمُماحكة، أي تأكيد الإعجاب بكاتبٍ يكون أسلوبه (لا شخصه) مستهدَفًا في الكتابة، ومتمتّعًا فيها بحضور مضمر، والاختلاف معه في آنٍ معًا، كما في المعالجة التي يُخضع لها لافورغ في بعض قصصه لغة غوستاف فلوبير وطرائقه السّرديّة. باختصار، نحن هنا أمام واحدة من أعقد المغامرات القصصيّة في الأدب الفرنسيّ الحديث، وأخصبها، مغامرة تدفع بالتناصّ، الخفيّ تارةً والبيّن طورًا، إلى أقصى إمكاناته. كما تدفع بتجاورِ مختلف التّعابير الأدبيّة من حقيقة ومجاز وسرد ونثر شعريّ وجدال وسجال وهذيان إلى ذرى نادرًا ما شوهدت في عملٍ آخر.جمع الكاتب هنا أساطير قديمة وحديثة، وأخضع للتّفكيك روائع أدبيّة شهيرة (ويجدر ههنا التّنويه بأنّ عنوان الكتاب قابل للتّرجمة إلى "أماثيل شهيرة" أيضًا). تتمثّل هذه الرّوائع في أعمال مخصوصة مثل "هاملت" لشكسبير، أو شخصيّات دينيّة وأسطوريّة مثل سالومي، أو موضوعات عُنيَ بها موروث أدبيّ عريض مثل معجزة الورد، وجميع القصص تتمحور حول ثنائيّ ثابت، امرأة ورجل، وتتفحّص من جميع الزّوايا الممكنة تعارضات العشق والواقع، الشّغف والحياة اليوميّة، الرّغبة في الذّوبان في الآخَر والمسافة التي تفرضها التّجربة العينيّة. ولا تتجاور هنا مختلف أجناس الكتابة فحسب، بل يقف الرّسم والموسيقى وسواهما بين مصادر الإلهام الأدبيّ للكاتب، دون أن ننسى الموروثين الدينيّ والميثولوجيّ، مع نظرة صاحية ملقاة على التاريخ القديم وتاريخ الحاضر.

مشاركة :