كان خلوقا…ولذا أحبه الناس

  • 6/10/2019
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

رحم الله الأستاذ عبدالله الثقفي..فقد كان خلوقاً مهذباً طيباً..بسيطاً واعياً مثقفاً قارئاً جيداً رغم انشغاله الكبير..خبيراً بعمله..ليناً هيناً في إدارته..لا ينفرد برأيه ويشارك مرؤوسيه في اتخاذ القرار..يسمح ويعفو ويتجاوز حتى على من أساء إليه..هاشاً باشاً مبتسماً في أكثر الأوقات صعوبة..قائداً مثابراً مخلصاً لدينه ووطنه وقادته..معلماً وتربوياً وأباً للصغير وأخاً للكبير..حاضراً في أفراح زملائه وأتراحهم..متقبلاً للآراء والأفكار..مستمعاً جيداً ومناقشاً صبوراً لكل ما يطرح. إن ما تختزنه الذاكرة عن هذا الرجل كبير جداً بحكم عملي معه عن قرب لسنوات طويلة منذ أن كان مساعداً لمدير التعليم..ولكنني سأكتفي بإيراد ثلاثة أمثله تدل على نبل هذا الرجل..ومدى وعيه..ومشاركة مرؤوسيه في اتخاذ القرار..رحمه الله: عندما كان مساعداً لمدير التعليم دخلت عليه ذات يوم أثناء خروج أحد الزملاء المشرفين التربويين..فرحب بي مبتسماً..وقال:هل رأيت فلاناً الذي خرج للتو؟!قلت ما به:قال:أتى (ومسح بي البلاط) للتو وخرج..وبدأ يحكي تفاصيل إساءة ذلك المشرف إليه وهو يضحك..انتظرت أياماً وأسابيع لأنتظر ماذا سيفعل مساعد مدير التعليم مع ذلك المشرف التربوي الذي أساء وتعدى بدون وجه حق..فوالله لم يلحق زميلنا ذلك ضرر رغم إساءته الكبيرة وغير المبررة لمساعد المدير التعليمي الذي في يده آنذاك إنهاء تكليفه فوراً. وفي أحد الأيام دار بيني وبينه نقاش حول مسألة الفكر المتطرف وخطورة وجوده في الميدان المدرسي بحكم عملي حينها مديراً لقضايا شاغلي الوظائف التعليمية..فسألني:هل قرأت رواية عبدالله ثابت الإرهابي20..فقلت له:لم أسمع بها إلا منك الآن..فاستغرب ذلك ونصحني بقراءتها فوراً..وأخذ يتحدث بإسهاب تاريخي عن نشأة الفكر المتطرف وعلاقته بالأخوان المسلمين وتأثر بعض شبابنا به ومدى خطورته عليهم وعلينا. الموقف الثالث..عندما أعطاني ملفاً ضخماً..كان عن مشروع ميداني مقترح..قدمه مشرفان تربويان بهدف تطوير العمل المدرسي..وطلب مني دراسته وإبداء الرأي فيه..وعندما قدمت له دراستي المختصرة قال لي:لقد نسفت المشروع كلياً..فبررت بتعارضه مع أهم نظامين في الدولة..نظام الخدمة المدنية..ونظام وزارة المالية..وأن تحقيقه في الميدان مستحيل..فقال لي:يا صالح..ما لا يدرك كله..لا يترك جله..فهل من طريقة لتنفيذه جزئياً على الأقل؟!فقلت له ممازحاً..يمكنك أن تنفذه داخل درج مكتبك. رحمك الله رحمة الأبرار يا أبا أحمد..وأسكنك الفردوس الأعلى من الجنة..وألهم أهلك وذويك ومحبيك الصبر والسلوان. إنا لله وإنا إليه راجعون. الأحد 6 شوال 1440 9 يونيو 2019 جدة

مشاركة :