من أحبه الله، أحبه الناس

  • 5/11/2019
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

قد يجوز لنا القول بداية إن جودة الحياة، تقاس بقدرة الإنسان على التكيف مع الواقع المحيط به والتعايش مع متغيراته ومؤثراته الخارجية، سواء كان ذلك من خلال المعاملات اليومية مع الآخرين أو الاندماج في هموم المجتمع واحتياجاته بحيث يكون الفرد، كائنا فاعلا في مسيرة البناء، ضمن المنظومة المجتمعية ككل.  وإذا كان خبراء التنمية البشرية، يؤكدون في مواقع كثيرة أن هناك علاقة وثيقة بين جودة الحياة وبعض المتغيرات النفسية وفي مقدمتها الثقة بالنفس ومستوي الطموح وتقدير الذات، فإننا نعتقد أن هناك أمرا آخر بالغ الأهمية في هذا المجال يرتبط بقدرة الفرد على التعامل مع المتغيرات، سواء ما كان منها متعلقا بالمعاملات اليومية أو المؤثرات الخارجية من أخبار وحوادث، لأن هذه القدرات الذاتية إنما تنطلق من الثقة بالنفس التي تشكل الضمانة الرئيسية للتعامل الإيجابي مع المؤثرات والمتغيرات التي تظهر بين الحين والآخر.  ولعل الصدق مع النفس والحرص على التمتع بمستويات عالية من الصحة النفسية هي نقطة البناء لتعزيز ثقة الفرد بنفسه والتي تقتضي أن يكون صارما مع نفسه بالدرجة الأولى وأن يحدد وظيفة الأعمال التي يقوم بها، من حيث كونها تقرّبه من أهدافه أو تبعده عنها. وقد اطلعت على إحدى الفتاوى التي تقول إن «الثقة بالنفس بعد التوكل على الله مطلوبة شرعا، فالمسلم يتعين عليه أن يحسن الظن بالله تعالى، وأن يتفاءل لنفسه الخير والنجاح دائماً، ويسعى باستمرار في سبيل الارتقاء لتحصيل الكمال».  لذلك، ينبغي أن نحرص على تدعيم ثقتنا في أنفسنا، التي تتعزز بمحبتنا لله تعالى والتقرب إليه والالتزام بأوامره وتجنب نواهيه، ومن أحبه الله، أحبه الناس، كما أن هناك علاقة وثيقة بين الثقة بالنفس والتفاؤل، فالأولى تشكل دافعا وتربة خصبة للثاني، ومن النادر أن تجد شخصا واثقا من نفسه، من دون أن تكون لديه آمال عريضة في المستقبل وطموحات تفوق بكثير ما لدى الآخرين، لأنه ببساطة يثق في إمكانياته للتغلب على الصعاب والتقدم خطوات إلى الأمام.  ولم تكن مقولة الفيلسوف اليوناني الشهير أرسطو بأن «الثقة بالنفس هي روح البطولة» إلا تعبيرا عن هذه المعاني وتأكيدا على أن الإنسان هو من يبني ثقته بنفسه وأن إرادته الذاتية والطاقة الكامنة بداخله، هي التي تجعله قادرا على قراءة الأحداث بشكل مستنير، والتعامل الإيجابي مــع كل ما يعترض حياته من متغيرات، أيا كـــان مجالــها أو صعوبتها، فثقوا بأنفسكم، تصّحوا.

مشاركة :