رغم توسع دائرة التقاضي في محافظات الكويت الست، وهو ما يستلزم تبعا لذلك توسع التمثيل القانوني للمحامين أمامها، فإن الواقع العملي يكشف تهاونا من بعض مكاتب المحامين في تمثيل موكليهم أمام تلك المحاكم، أو الاهتمام بالملفات التي يقدمها وكلاؤهم للمحامين المنابين عنهم، وهو الأمر الذي يترتب عليه خسران الدعاوى القضائية أو وقفها جزاء نتيجة إهمالها من قبل الوكيل القانوني لها. وبدلا من أن يفكر العديد من السادة المحامين في تعيين وكيل أو مندوب عنهم لمتابعة القضايا وإنجازها بمبلغ لا يتجاوز 250 دينارا، عليهم أن يفكروا في تعيين محام تحت التدريب ليحققوا منها فوائد تدريب المحامي في مكتب المحاماة، وليحضر المتدرب عن المحامي الأصيل ولكي يأتي المحامي المتدرب بالقضايا للمكتب الذي يتدرب فيه، ولذا فإن معادلة تعيين المحامي المتدرب أفضل بكثير من الاعتماد على تعيين المندوب من أجل تحضير القضايا والبحث عن محام مناب! كما أن فكرة تعيين المحامين تحت التدريب والاعتماد عليهم بالترافع أمام قضايا الجنح البسيطة أو حتى الترافع أمام دوائر الجنايات ستسهم في صقلهم بأحكام القانون، ورفع مستواهم الفني الذي يعود بالنفع على أدائهم القانوني، كما أنه سيعود بالنفع على القضايا الجزائية التي تسمح فيها المحاكم الجنائية بالاستعانة بالمحامين الموجودين في القاعات، وتكليفهم بالترافع في القضايا الجنائية بعد دراستها وفحص أوراقها بدلا من الاعتماد على فكرة التطوع التي تقبلها بعض الدوائر الجزائية والتي يقتصر فيها الدفاع بكلمتين هما أصليا البراءة واحتياطيا باستعمال منتهى الرأفة! والمسألة الأخرى التي يتعين النظر اليها، وهي أنه نتيجة لتردي حال المهنة في اعتياد حضور المحامي المناب عن المحامي الأصيل أسهم في ضياع القضايا أمام الدوائر التجارية أو المدنية والاحوال الشخصية، والدفع بحضور وهمي لبعض المكاتب ادى الى إحالة العديد من المحامين المنابين الى النيابة بتهم التزوير، بعدما اوقع بهم بعض مندوبي المحامين الغش بضرورة الحضور عن المحامي الأصيل ومطالبة المناب التصميم على الدفاع، وترتب على ذلك صدور أحكام ضد أطراف لم يمثلوا أساسا بالدعوى، وصدرت بحقهم أحكام بالإلزام بمبالغ أو بإسقاط حقوقهم نتيجة غش بعض المندوبين في تحضير المحامي المناب الذي تعامل مع الملف بحسن النية! كما أن المنطق يحتم على جميع المحامين الراغبين في تمثيل موكليهم امام جميع الدوائر القضائية في جميع المحاكم العمل على تعيين محامين في مكاتبهم سواء تحت التدريب أو بدرجة محامي استئناف أو التفكير بالاندماج مع مكاتب أخرى لتسوية أمر الحضور والدفاع، وذلك لأن وضع الانابات الحالي لا يخدم المهنة ولا حتى المتعاملين معها، بل إن أمر الانابة بات هاجسا لدى العديد من الموكلين الراغبين في التعاقد مع مكاتب المحاماة بالسؤال عن عدد المحامين وهل يمثلون المكتب في كل القضايا أم أن هناك محامين منابين خشية ضياع قضاياهم! أخيرا يتعين التفكير جيدا بتعيين المحامين الكويتيين لتغطية حجم العمل الذي فرضه التوسع القضائي والتوقف بالاعتماد على فكرة الانابات والتي لا تعود تبعاتها الا بالسوء على ملفات القضايا، كما انها وللاسف اصبحت مصدرا لرزق بعض المتلاعبين بمهنة المحامين ممن سمحوا بالتنازل عن رخص مكاتبهم ووكالاتهم القانونية لدرجة أني لم أحظ بشرف رؤية العديد منهم في ردهات المحاكم لقرابة 18 عاما في المحاماة بقدر ما شاهدت ملفاتهم!
مشاركة :