كما تعودنا عند الملمات ها هم السعوديون على مختلف مشاربهم وانتماءاتهم الاجتماعية والفكرية يجمعون على هذه العملية الجراحية الدقيقة المسماة (عاصفة الحزم)، بما يكفل أمن وسلامة الجسد السعودي والخليجي وقبل فوات الأوان. ولم يراهن الحوثيون ومن يمثلونهم على شيء قدر ما راهنوا على عدم (الحزم) وضيق خيارات المملكة السياسية، حتى وإن نقضوا العهود واستباحوا البلاد وشكلوا خطرا على الأمن والسلم في الجزيرة العربية. من هنا يجمع الخبراء الاستراتيجيون بأن هذه العملية ستشكل علامة فارقة ومنعطفا تاريخيا ليس في التكتيك السياسي السعودي وحسب وإنما في الفكر الاستراتيجي برمته، وكيفية التعاطي مع هذه المؤامرات والدسائس التي لا تستهدف شيئا قدر ما تستهدف المملكة وزعزعة أمنها بالدرجة الأولى. رب ضارة نافعة، فالمنافع الاستراتيجية التي ستعود بها المملكة من وراء هذه الحملة ستفوق ضريبة الحرب نفسها، رغم أنها لم تكن غاية للمملكة وإنما هدية السماء إليها. بتكتيك سياسي وعسكري غير مسبوق قلبت المملكة الطاولة في وجه الجميع، وهو ما كان موضع صدمة وحيرة المراقبين، وهذا ما يفسر طبيعة ردة فعل الحوثيين وأسيادهم بعد ان وضعتهم هذه العاصفة في خانة ضيقة لأن ما قاموا به لم يكن مدروسا وكان نتيجة افتراضات وتصورات خاطئة بعد أن أعماهم الحقد والطغيان عن قراءة الواقع بمنظار عقلاني وشمولي، والأخذ بعين الاعتبار ردود الأفعال المتوقعة وهذا ما يفسر ردود أفعالهم التي جاءت مرتبكة وضعيفة الحجة والمنطق. استردت المملكة زمام المبادرة بالكامل في خطوة تاريخية ستكون بداية لتغيير موازين القوى وإعادة تشكيل التحالفات السياسية والعسكرية، ودخول المنطقة حقبة تجب ما قبلها، والسبب أنها جاءت حازمة أولا وفي الوقت المناسب ثانيا، ولم تعتمد بذلك على الغرب أو الشرق أو الحصول على تفويض من جامعة عربية أو مجلس دولي ثالثا..
مشاركة :