الفجيرة: بكر المحاسنة وسط أجواء من السعادة والفرح، بدأت تباشير موسم الرطب بعدد من مناطق الفجيرة الجبلية والمنطقة الشرقية، مبشّرة بموسم إنتاج وفير، حيث جادت بعض أنواع النخيل بالرطب وبدأ الأهالي بقطف حصاد «رطب النغال» و«رطب قش النغال» و«رطب انوان»، معلنين بدخول موسم الرطب الذي ينتظره الأهالي بشكل سنوي، ويبدأ مع نهاية شهر مايو/أيار ويستمر حتى شهر سبتمبر/ أيلول، ويستمر أحياناً حتى شهر نوفمبر/ تشرين الثاني، حسب طبيعة المنطقة وكمية الأمطار التي هطلت عليها. «الخليج» زارت عدداً من الأهالي أصحاب مزارع النخيل التي بدأت طرح تباشير الرطب، ورصدت الفرحة الكبيرة، في ظل الأمل والاستبشار الظاهرين على وجوه الناس. الوالد أحمد بن علي بن داوود العبدولي، من أهالي منطقة الطيبة بالفجيرة، يقول: تتميز بعض المناطق الجبلية في الإمارة بتباشير موسم الرطب مبكراً، وبدأت هذا العام منذ نهاية الشهر الماضي بجمع رطب النغال وقش النغال، وبعض حبات «رطب انوان»، ذات اللون الأحمر، حيث منذ صغري تعلمت من ولدي رحمه الله، كيف أصعد إلى النخلة بدون حدوث أي أضرار للثمار أو للشجرة، وتعلمت كيف «أخرف، أي أنقي، الرطب بالطرق الصحيحة، لأنه في العادة يكون تباشير الرطب عبارة عن حبات معدودة في القطف، قد لا تتعدى العشرين حبة. لذلك يتطلب جني حبات الرطب خبرة واسعة وكافية لكي لا يترك أي ضرر لقطف الرطب أو لشجرة النخيل. ويؤكد العبدولي أن موسم تباشير الرطب يحمل في طياته البشرى بموسم مملوء بالخيرات والبركة والأمل، حيث إن علاقتنا بشجرة النخيل علاقة عشق أبدية، فهي تمثل لنا منذ القدم ينابيع من الخير والعطاء، وكانت هي مصدر رزق ومونة نعيش وعاش الآباء والأجداد من خيرها طيلة العام، خصوصاً بعد تجفيف ثمار التمور في موسم القيظ وبيعها أو تخزينها للاستهلاك باقي أيام السنة. ويقول الوالد سعيد عبد الله سالمين النقبي من أهالي منطقة دفتا: أستيقظ باكراً كل يوم لجني حبات الرطب من مزرعتي إحياءً للعادات والتقاليد التراثية الجميلة المرتبطة بالآباء والأجداد في قطف حبات الرطب، وفي استقبال موسم تباشير الرطب من حيث الأهازيج وطرق جني الرطب، وتوزيعها على الجيران والأقارب، لمن لا يملكون أشجار نخيل، أو من لم تبشر نخلهم بالرطب، مما يدخل إلى قلوبهم السعادة. ويؤكد النقبي أن جمع حصاد الرطب موسم خير وبركة، وأنه في هذا العام تأخرت تباشيره في بعض المناطق الجبلية نظراً لتأخر الحر وكثرة هطول الأمطار هذا العام، لكن منذ أسبوع بدأت النخيل بطرح طرب النغال وقش النغال، وبعدها بأسابيع قليلة يبدأ موسم رطب الخشكار واليردي ثم رطب الخصام الأصفر والأحمر، ومن ثم يأتي قطف رطب الخنيزي والخلاص والبرحي واللؤلؤ. وتعتمد مواعيد قطف الرطب حسب المنطقة وطبيعة خصوبة الأرض والماء. ويحرص الوالد سالم سعيد الحمودي أبو محمد، من منطقة حبحب، على جمع حبات الرطب بمشاركة أبنائه وأحفاده، ويرى أن تباشير الرطب موسم خير وعطاء وأجواء أسرية جميلة نعيشها كل عام منذ الماضي حيث كنا نرافق الآباء والأجداد لجني حبات الرطب، وما زلت أحرص على تطبيق عادات وتقاليد الآباء والأجداد في مواسم قطف الرطب وأعمل على غرسها في نفوس الأبناء والأحفاد. وأشار الحمودي إلى أنه بدأ بقطف رطب النغال الذي ظهر في مزرعته مبكراً بالطرق التقليدية، مؤكداً أن رطب النغال هو أول الأنواع التي تبشر بالرطب منذ نهاية شهر مايو. هزاع عبد الله الزيودي، من أهالي دبا الفجيرة يقول: يستبشر الأهالي بأولى حبات الرطب النغال، والتي يتم جنيها مبكراً، ويتم توزيعها على الأهل والجيران؛ لإضفاء البشرى والسرور بموسم القيظ والرطب، وهذه العادة المتوارثة عند بداية موسم تباشير الرطب ونحن نحرص على القيام بها وغرسها في نفوس أبناء الجيل الجديد، مؤكداً أن منازل أصحاب مزارع النخيل تشهد حالياً كثرة الأطباق المنوعة من أصناف رطب النغال ورطب قش النغال ورطب انوان، التي تقدم للضيوف ويتفاخر كل صاحب نخلة بمحصوله الطيب أمام أصحابه، ويستمر هذا التبادل والعطاء طوال فترة الصيف الذي يسمى موسم «القيظ».
مشاركة :