القهوة.. مذاق بدأ محرّماً وبات ساحراً

  • 6/14/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

إعداد: فدوى إبراهيم اُكتشفت حبوب القهوة قبل قرون، ولم يعد ذلك الشراب البني اللون يكتفى منه خالصاً، بعد مزجه بالعديد من الإضافات، وتختلف القهوة في نكهتها بحسب منشئها وطريقة إعدادها، وهو ما سنتعرف إليه تالياً.ما بين أثيوبيا واليمن وقبل 14 قرناً، تدور القصص حول منشأ واكتشاف حبوب القهوة وتحويلها إلى شراب ساخن منعش مقو للتركيز ومحفز لليقظة، فتشير إحدى القصص إلى أن راعي الماعز «كالدي» اكتشف حبوب القهوة بعد أن لاحظ نشاطاً مفرطاً على قطيعه من الماعز الذي اقتات من تلك الحبوب الكرزية لدرجة أن القطيع لم ينم ليلاً، فشارك اكتشافه مع رهبان في الدير الذين لم يستقبلوا هذا الاكتشاف بحفاوة كما اعتقد، بل تم التعامل مع تلك الحبوب كأنها عمل شيطاني وألقوها في النار، وما لم ما يكن في الحسبان هو انتشار رائحة تحميص القهوة العبقة مما جعلهم يمنحوها فرصة ثانية، وفعلا تم اعتماد القهوة كشراب منبه لجعلهم يقيمون شعائرهم الدينية ليلاً دون تعب.وتشير القصة اليمنية، التي تعيد مصدر القهوة أيضاً لأثيوبيا، حيث كان أحد التجار اليمنيين الصوفيين والملقب الشاذلي يسافر عبر أثيوبيا وصادف تناول بعض الطيور التي تتناول حبوب كرزية، وهي حبوب القهوة، وتبدو نشيطة للغاية فجرب تلك الحبوب فأنتجت حيوية بجسمه وذهنه. بينما يشار إلى قصة أخرى أن البن اكتشف في قرية «موحة» في اليمن وإليها تنسب كلمة «موكا» التي تعني القهوة ذات نكهة الشوكولاته، حين وجد طبيب منفي في اليمن عاش لفترة في كهف، حبوب القهوة الكرزية وجرب تناولها كغذاء، لكنه لم يستطعمها لمرارتها فألقاها في النار على أمل إزالة مرارتها وغليها لتليينها فوجد الناتج شراباً منشطاً.بعد زراعة البن في اليمن، عرفت فيما بعد بلاد فارس ومصر وسوريا وتركيا، ومع توافد الحجاج على مكة المكرمة، بدأ صيت القهوة بالانتشار وبدأت معارضتها من قبل البعض على أنها مادة «مسكرة» وحرّمت، ولم تلق القهوة الترحيب بسهولة حتى بات تداولها شائعاً وغير محرم.ذات الممانعة لحبوب القهوة عرفت في أوروبا من قبل رجال الدين بعد أن انتقلت إليهم من الشرق الأدنى، واعتبرت حينذاك ابتكاراً شيطانياً في القرن 15، واستدعى الأمر تدخل كبارهم حتى تذوق البابا حينها الشراب ومنحه الموافقة في التداول. وفي القرن السابع عشر باتت القهوة تتمتع بشعبية في القارة الأوروبية، ولعل ما ساهم في انتشار القهوة بأمريكا هو فرض ضرائب باهظة على الشاي ما جعلهم يستبدلونه بالقهوة. مطلب شعبي بعدما باتت القهوة مطلباً شعبياً عالمياً، أصبح من الضرورة زراعة البن خارج الجزيرة العربية، وكانت هنالك بعض المحاولات الناجحة للزراعة من الهولنديين في جزيرة جاوا في اندونيسيا وفي باتافيا، ومن ثم تم التوسع بزراعتها في جزر سومطرة وسيليبيس.وتتوفر حبوب البن في نوعين رئيسيين، وهما أرابيكا، ويشكل ما يزيد على ثلثي المحصول العالمي من البن، وروبوستا وهو الأرخص ويشكل النسبة المتبقية. ولم يعد البن يستخدم كشراب خالص فقط، بل أصبحت مادة الكافيين المتوفرة في الحبوب تستخدم لصناعة المشروبات الغازية ذات نسبة الكافيين، وفي الصناعات الدوائية ومستحضرات التجميل. نكهات عالمية هناك أربعة أنماط من صناعة القهوة تعتبر الأشهر، هي: القهوة العربية، التركية، الأمريكية، والإيطالية، وتصنع القهوة العربية، والتي انتشرت بانتشار حبوب البن من اليمن، بعدة طرق في دول الخليج والشام ومصر، ويتم تحميص حبوب البن وطحنها بأدوات خاصة ويضاف لها النكهات المرغوبة كالهيل والقرنفل والزعفران أو أحدها، ومن ثم يستخدم لصنعها ثلاث دلال، واحدة لغليها وتخميرها وأخرى لتصفيتها والثالثة للتقديم، وغالباً ما تقدم القهوة العربية ذات القوام الخفيف واللون العسلي بدون سكر، ولذلك يمكن تناول حبات من التمر إلى جانبها.أما القهوة في تركيا فقد عرفت في عام 1555م، بعد أن أدخلها تاجران سوريان، واشتهرت في ظل الإمبراطورية العثمانية وباتت شراباً رئيسياً نخبوياً، وتعد بعد طحنها طحناً دقيقاً وإضافة الهيل لها، بوضعها في إناء غلي صغير ويضاف لها القليل من السكر والماء، وحين غليها يجب مراعاة أن تحتفظ بوجه الرغوة البنية والتي لا بد أن تقدم بها، وبذلك فإن القهوة التركية تتمتع بقوامها السميك.أما القهوة الأمريكية والإيطالية، واللتان تعدان بطريقة متشابهة جداً، فتصنعان بطريقة التنقيط، عندما يتم تقطير الماء الساخن على القهوة، فتنتج عنها القهوة الأمريكية ذات القوام الخفيف نوعاً ما، والاسبريسو ذات القوام الأكثر سماكة. الإنتاج العالمي تعتبر البرازيل أكبر منتج للبن في العالم، وهي بذلك تحافظ على مكانتها على مدى 150عاماً، تلي البرازيل فيتنام وتشكل جزءاً كبيراً من الاقتصاد المحلي، وتأتي كولومبيا بعدهما بعد أن ظلت لسنوات طويلة تحتل مكاناً بعد البرازيل في الإنتاج، إلا أن تغيراً نسبياً في مناخها أحدث الفرق، أما اندونيسيا فقد استطاعت المحافظة على كونها منتجاً عالمياً للبن، بعد أن أدخل الهولنديون البن إلى هناك.أثيوبيا التي تشير القصص على أنها منبع حبوب البن، تحتل اليوم مكانة عالمية في إنتاجه، أما هندوراس التي تقع في أمريكا الوسطى فإن حبوب البن لديها توفر فرص عمل لجزء كبير من السكان، وتأتي بعدها مكانةً كل من الهند، أوغندا، المكسيك، جواتيمالا.

مشاركة :