” سرطانينهشفيجسدالعرب “بروفيسور / محمداحمدبصنوي من الخطأ الاعتقاد بأن العداء الإيراني لدول الخليج بشكل عام والمملكة بشكل خاص، بدأ منذ سنوات قليلة، بل هو منذ بداية الإسلام، وبالأخص منذ معركة القادسية الأولي التي قضت علي الامبراطورية الفارسية، فإيران تعمل على استعادة إمبراطوريتها القديمة، وهذا واضح من زرع العديد من المليشيات في الدول العربية، مثل حزب الله في لبنان، وحركة تمرد الحوثي في اليمن، والحشد الشعبي في العراق، وتدخل مليشيات إيران في سوريا لدعم الأسد، وبعض محاولات نشر التشيع في بعض الدول العربية، في محاولة منها للسيطرة على هذه الدول، من خلال ما يسمى بولاية الفقيه . إن المخططات الفارسية القديمة- الحديثة تؤكد عمق العداء الإيراني ضد العروبة، بل وضد الإسلام نفسه، فإيران فعلياً لا تتعامل مع الدول العربية على أنها دولة مجاورة ، ولكن تتعامل معها على أنها عدوّ اسمه “الخليج” حيث تغرس شبكات التجسس، وتشجع المعارضين على الانقلاب على حكامهم، وتدعم أي حراك تخريبي، ووصل الأمر إلى قيام ايران بتنفيذ هجمات على بعض المنشئات النفط السعودية، وناقلات النفط الإماراتية الفترة الأخيرة . ومن المثير للضحك ، والسخرية أحيانًا أن البعض ينفي أطماع إيران التوسعية في المنطقة، ويعتبرها مجرد تهم جزافية، رغم أن الأمثلة كثيرة ، قديمة وحديثة، منها على سبيل المثال لا الحصر، محاولة إيران ضم البحرين بعد انسحاب الاستعمار البريطاني، لكن الملك فيصل دعم استقلال البحرين، حتى تحقق في 1971 بعد استفتاء شعبي بحريني أجرته الأمم المتحدة في 1970، وكررت إيران هذا الأمر في البحرين من خلال تمويل بعض الحركات التخريبية للسيطرة على المنامة، ولكن حكومة البحرين قامت بالاستعانة بقوات “درع الجزيرة”، ومنذ تلك اللحظة الاستثنائية وإيران تشعر بالفشل في مد نفوذها على البحرين. ولك أن تعلم أن إيران تسعى لمد نفوذها في المنطقة بشكل غير مسبوق خلال هذه الفترة، مستغلة عدم وحدة الصف العربي، وتعرض بعض الدول لأزمات وجودية، نتيجة ما يسمى بالربيع العربي، ولعل تصريحات وزير الاستخبارات الإيراني حيدر مصلحي بأن إيران تسيطر فعلاً على أربع عواصم عربية لخير دليل على ذلك ، ليس هذا فقط، بل إن نائب قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني اللواء إسماعيل قائاني، قال هو الآخر في وقت سابق: ” إيران مستمرة بفتح بلدان المنطقة وإن الجمهورية الإسلامية بدأت بسيطرتها على كل من أفغانستان والعراق وسوريا وفلسطين، وإنها تتقدم اليوم في نفوذها في بقية بلدان المنطقة”، على حد تعبيره. تتقمص طهران دور حامل لواء “مقاومة إسرائيل” كوسيلة لتوسيع شعبيتها في المنطقة العربية، في اطار تحقيق أطماعها التوسعية، وأنشأت ما يُعرف بـ “فيلق القدس” في بداية التسعينيات من القرن الماضي، لكي يكون أداةً لممارسة النشاط العسكري في الدول العربية تحت غطاء ديني متمثل في تحرير القدس، فلك أن تعلم إيران أكثر الدول التي هاجمت اسرائيل، ولكن بالكلام فقط، فهي من هددت بإزالة اسرائيل من الخريطة، وتحدثت على ضرورة الدفاع عن القضية الفلسطينية والقدس، ورغم ذلك لم تطلق رصاصة واحدة على تل أبيب، أليس هذا تناقض واضح في السياسة الإيرانية. إن أطماع إيران التوسعية، وتمويلها للحركات التخريبية، لم ولن يحقق أي مكاسب لطهران، سوى مزيد من الأعباء على الموازنة، والمزيد من الفقر والبطالة للشعب الإيراني إن اعتبرنا أن هذا مكسب، بدليل انكماش الاقتصاد الإيراني، بسبب عدم قدرته على تمويل الحركات الإرهابية سالفة الذكر في اليمن ولبنان وسوريا والعراق، خلاف تأثره بالعقوبات الأمريكية بسبب البرنامج النووي، ويلخص الباحث في الشركة الاستشارية الأميركية “اوراسيا غروب” هنري روم، الوضع الاقتصادي في إيران بأنه سيء ويتجه نحو “المزيد من السوء”، حيث انخفضت قيمة الريال الإيراني مقارنة بالدولار منذ مايو 2018 بنسبة 57% في الأسواق الحرّة، ما أنتج ارتفاعاً حاداً في أرقام التضخم التي باتت تلامس نسبة 51% على أساس سنوي مقارنة ب 8% قبل عام. إن التهديد الإيراني للمملكة واضح وصريح ولا يحتاج إلى أدلة وبراهين، ففي معرض أقيم على أرض مطار الملك عبدالعزيز الدولي في جدة، عرضت عدد من الصواريخ والطائرات من دون طيار التي استهدفت السعودية من ميليشيا الحوثي الممولة من إيران، وتثبت بالأدلة تورط النظام الإيراني في هذه الأفعال الإجرامية والإرهابية، وعرض المعرض صواريخ استهدفت المملكة، وكانت عبارة عن صاروخ باليستي إيراني نوع “قيام” أطلق على العاصمة الرياض بتاريخ ٢٥ مارس ٢٠١٨، وصاروخ باليستي إيراني من نوع “قيام” أطلق على مكة المكرمة عام ٢٠١٦، وطائرة من دون طيار إيرانية من نوع “أبابيل / قاصف”، وطائرة من دون طيار دعم إيراني “راصد”، و”آربي جي” صناعة إيرانية، وزورق مفخخ مسيّر من بعد “تقنية إيرانية”. إذا لم تتوقف إيران عن نشر الفوضى والخراب، فستجر المنطقة إلى حرائق لن يكون إطفاؤها بالكيفية والسهولة ذاتها التي تم بها الإشعال، فتجنب بلادنا المواجهة مع إيران ليس من باب ضعف، ولكن من باب حكمة، لأن علاج أوجاع الحروب لن يكون بالأمر السهل، فبلادنا لا تريد حربًا مع إيران، ولكن إذا ما دعت الضرورة فسنرد بقوة، مثلما قال وزير الخارجية عادل الجبير. إن مكافحة انتشار السرطان الإيراني في جسد العالم العربي، يستلزم منا جميعًا وحدة الصف، والتمسك بطاعة الله، وطاعة ولي الأمر الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، فهما أدرى بشؤون البلاد، وعلينًا جميعًا أن ندرك أن الله لن يقف مع أمة تبتعد عن دينها تحت أي مبرر، فما من شر أو داء في الدنيا والآخرة إلا وسببه المعاصي، فهي سبب كل عناء، وطريق كل شقاء، فما حلت المعاصي بديار إلا أهلكتها، ولا فشت في مجتمعات إلا دمرتها، وما هلك من هلك إلا بالذنوب، وما يصيب الناس من ضيق في أبدانهم وذرياتهم وأرزاقهم وأوطانهم إنما هو بسبب معاصيهم وما كسبته أيديهم، إن ضرر المعاصي وشؤمها عظيم وخطير على الفرد والجماعات، لمن تأمل وأنار الله بصيرته، ودل على ذلك النصوص الشرعية والواقع المشاهد. وأخيرًا وليس أخرًا، فإن طوق النجاة بالتمسك بطاعة الله ورسوله وولي الأمر، وعدم مخالفة تعاليم ديننا الحنيف، خاصة أننا بلد الحرمين التي يفد إليها الحجاج والمعتمرون من كل أنحاء العالم، فيجب على البلد التي نبع منها الإسلام أن تكون نموذجًا في الالتزام بتعاليمه لكافة الدول الإسلامية، بل والعالم أجمع .
مشاركة :